كتّاب الوحي في عهد عثمان
أهمية كتاب الوحي
عندما اتسعت الفتوحات الإسلامية وانتشر الإسلام في البلاد في عهد الخلفاء الراشدين ، كان الصحابة ينتقلون إلى هذه البلدان لتعليم الناس القرآن الكريم، وكان كل منهم يُعلّم ما تلقّاه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولما نزل القرآن على سبعة أحرف، كان كل معلم يعلم الحرف الذي تلقاه عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-.
وعندما ذهب حذيفة بن اليمان رضي الله عنه مع الجيش الإسلامي لفتح أرمينيا وأذربيجان، لاحظ أن الجنود من أهل الشام والعراق يتجادلون في صحة القراءة حتى كفّر بعضهم بعضاً، فأخبر حذيفة رضي الله عنه عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بما حدث، فخاف عثمان رضي الله عنه، واستشار علي بن أبي طالب والصحابة في الأمر، وكان رأيه أن ينسخ مصحفاً إماماً ويوزعه في الأمصار.
ثم أرسل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في طلب الصحف الموجودة عند حفصة -رضي الله عنها-، والتي جمعت في خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- خوفاً من ضياع القرآن المكتوب بعد وفاة كثير ممن كانوا يحفظونه من الصحابة في حروب الردة، واستدعى أربعةً من الصحابة لجمعه ونسخه.
كتّاب الوحي في عهد عثمان
زيد بن ثابت
وهو من الأنصار، وكان عمره إحدى عشرة سنة عندما قدم رسول الله -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة، وكان جار رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلما كان ينزل عليه الوحي كان ينادي زيداً ليكتب له الوحي، وكان عالماً يفتي الناس ويقرئهم القرآن في خلافة عمر وما بعدها.
وكان قد كلّفه من قبل أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- في جمع القرآن الكريم ، فجمع القرآن الذي كان مكتوبا في الصحف، والذي كان محفوظاً في صدور الرجال، فقد كان زيد -رضي الله عنه- من حفاظ القرآن الكريم وممن شهد العرضة الأخيرة لرسول الله -عليه الصلاة والسلام- للقرآن، وظل يُقرئ الناس بها حتى مات.
عبد الله بن الزبير
أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-، وُلد في السنة الثانية للهجرة، وكان أول مولود في المدينة من أهل قريش، كان عمره ثمان سنوات ونصف عندما توفى رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، وشهد وقعة اليرموك، وغزا القسطنطينية في زمن معاوية.
وكان -رحمه الله- عالماً عابداً مجتهداً، قارئاً للقرآن، ولم يكن أحد أعلم بالمناسك منه، وكان ممن دافع عن عثمان -رضي الله عنه- وأصيب بعدة جراح، وقاتل الحَجاج في مكة، وقُتل فيها وصلبه الحجاج في خلافة عبد الملك ابن مروان.
سعيد بن العاص
توفي والده مشركاً، يوم بدر وهو غلام، وعندما توفي رسول الله -عليه الصلاة والسلام- كان عمره تسع سنين، وتولى أمر الكوفة في خلافة عثمان وفتح طبرستان، وتولى أمر المدينة في خلافة معاوية.
روى الحديث عن عمر بن الخطاب وعائشة -رضي الله عنهم-، وكان أفصح أهل قريش لساناً وأشبههم بلهجة الرسول عليه الصلاة والسلام، ولذا اختاره عثمان -رضي الله عنه- في مهمة نسخ القرآن وجمعه، وقد أصيب بجرح بليغ في رأسه وهو يدافع عن عثمان -رضي الله عنه- يوم مقتله، ومات سنة تسعٍ وخمسين للهجرة ودفن في البقيع.
عبد الرحمن بن الحارث بن هشام
تابعي، ثقة من رواة الحديث، روى عن جمع كبير من الصحابة، وكان عمره عشر سنين عندما توفي رسول الله -عليه الصلاة والسلام-،
تربى في حجر عمر بن الخطاب لأنه تزوج أمه فاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وبعد وفاة زوجها الحارث بن هشام تزوج عبد الرحمن ابنة الزبير بن العوام وأنجب منها عشراً من الأولاد.
وقد شهد مع عائشة -رضي الله عنها- معركة الجمل، وقالت -رضي الله عنها- تقول: "لأن أكون قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة أحب إلي من أن يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من الولد، كلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام"، وتوفي في خلافة معاوية.