قواعد الزخرفة الاسلامية
ما هي قواعد الزخرفة الإسلامية؟
تحكم الزخرفة الإسلامية عدة قواعد مختلفة، ولكل قاعدة أصولها:
قاعدة التوازن
قاعدة أساسية لا بد من توافرها في جميع أعمال الزخرفة الإسلامية، تُعبّر عن التكوين المتكامل للعناصر الفنية عن طريق توزيع هذه العناصر والألوان والوحدات بطريقة متناسقة مع بعضها البعض، واستخدام التوازن في الزخرفة يشمل جميع أنواع المساحات والأسطح والأشرطة.
مثال على التوازن بين وحدة العمل الفني الكبيرة والصغيرة من ناحية الحجم، فيتم توزيع هذه الأشكال بشكل يجعلها متوازنة الثقل والكثافة داخل مساحة الزخرفة، مما يُولّد شعوراً بالارتياح عند النظر إليها.
قاعدة التشابك
وهو أحد ما تتميز به الزخارف العربية الإسلامية، فيها تتداخل والأشكال الهندسية أو تزهير وتوريق العناصر النباتية بطريقة التتابع، وقد يظهر على شكل حلزوني متشابك ومتواصل مع بعضه البعض، وقد يكون التشابك متعاكساً مثل التفاف ساقين من النبات على الشكل، ومثال عليها التفاف ساقين من النبات على شكل متعاكس تتخلله الأوراق والأزهار.
قاعدة التناظر أو التماثل
وهو يرتب بعض التكوينات الزخرفية بحيث ينطبق أحد نصفيها مع النصف الآخر بالشكل بواسطة خط مستقيم وهمي يُدعى محور التناظر أو خط التماثل، وهو يشابه محور الاستواء الذي يقسم الكرة الأرضية إلى قسمين متماثلين في القياس ومن أنواعه:
التناظر النصفي
الذي يُنظم التكوينات الزخرفية لينطبق أحد نصفي الشكل على الآخر بنفس الاتجاه، بواسطة مستقيم وهمي هو محور التماثر أو محور التناظر، مثل التناظر الذي نجده في رسم الاشكال الهندسية، ففي رسمة النجوم السداسية، نجد أن النصف الأيمن من النجمة مطابق تمامًا للنصف الأيسر، من ناحية الشكل والحجم واللون والاتجاه.
التناظر الكلي
هو التناظر الكامل وفيه يظهر اكتمال عنصرين متشابهين تماماً، فيظهر نفس العنصر الثاني مشابهاً للعنصر الأول إلا أنه معكوس في عكس اتجاه العنصر الأول، مثل الزخرفة النباتية المكونة من غصن وأوراق نباتية، فيكون شكل الأوراق الموجودة على يمين الغصن مطابقة تماما لشكل الأوراق الموجودة على يساره.
قاعدة التكرار
تتميز الزخارف الإسلامية بتكرار أشكال العناصر الهندسية بطريقة متتالية دون ترك فراغ بين العنصر والعنصر الذي يليه ومن أنواعه:
- التكرار العادي: تتكرر فيه نفس الرسمة عدة مرات، كتكرار شكل هندسي ملون ومتعدد الأضلاع على المساحة السطحية.
- التكرار المتعاكس أو التكرار المتبادل : ويكون عندما يتم الانتهاء من رسم العنصر الأول، فإن رسم العنصر التالي يبدأ من نهاية الرسمة الأولى إلى بداية الرسمة الرسمة الأولى، وكان العنصر الأول يتعاكس مع العنصر الثاني في الشكل.
قاعدة التشعب
وهو ما يُستخدم على الأغلب في الزخارف النباتيّة وله أربعة أشكال، فيما يلي أبرز اثنين منها:
- تشعباً من نقطة واحدة: تبدأ فيه الخطوط من نقطة أولية وتتفرع منها وفكرتها شبيهة بفكرة توزيع شعاع نقطة ضوئية، مثل تفرع نبتة زهرة اللوتس من نقطة الوسط.
- تشعباً من خط على أساس تماثلي تتفرّع فيه الأشكال والعناصر الزخرفية المختلفة من خطوط مستقيمة أو منحنية، ويمكن أن تتشعب من جهة واحدة أو من جهتين، ومن الأمثلة عليها تشعب سعف النخيل.
قاعدة التناوب أو التعاقب
هو مبدأ زخرفي يُضيف إلى التكرار نوعاً من التنوع والتجديد ورونقاً وجمالاً، يتم الحصول عليه بتناوب العناصر أو الألوان أو الأشكال أو الحجوم، ويُستخدم في عمل الأشرطة؛ ويُقصد بالأشرطة المساحات الطولية أو الأفقية التي تتم الزخرفة في منطقة الفراغ داخلها لإضافة جمالية على العمل، كإطارات الأعمال الفنية، ومن صورها تناوب ألوان شكل هندسي معين على شكل نمط متكرر ما بين اللونين الأزرق والأبيض.
قاعدة التناسب
من أهم قواعد أعمال الزخرفة الإسلامية، ويُعطي أي عمل زخرفي تميّزاً عن باقي الأعمال الفنية، ويعتمد على تناسب وتساوي كل عنصر زخرفي مع الأجزاء الأخرى، وهي تتطلّب من الفنان ذوقاً فنّيا وقوّة ملاحظة وقدرة على تمييز التفاصيل الدقيقة، مثال عليها رسم مربع داخل دائرة بحجم مناسب بحيث تتلامس زوايا المربع مع محيط الدائرة بشكل دقيق.
العلاقة بين التماثل والتوازن
التوازن أمر مطلوب وأساسي لنجاح العمل الزخرفي، ووجوده يضمن الحصول على الألوان المتناسقة والأشكال الجميلة المتوافقة مع بعضها البعض، بينما التماثل هو إحدى القواعد والأسس الهامة في الزخرفة، لأنها تحض على عمل زخارف فيها انعكاس لنفسها.
وللحصول على التماثل الصحيح، لا بدّ من مراعاة مبادئ الزخرفة الإسلامية، والارتكاز على التوازن في جميع عناصرها الفنية، سواء كانت من ناحية الشكل أو اللون أو الحجم للعنصر الزخرفي، ولا يوجد تماثل بدون توازن أما عنصر التوازن فهو لا يستلزم وجود عنصر التماثل، ويمكن إيجاد أعمال زخرفية متوازنة غير متماثلة، كأعمال الزخرفة النباتية المتشعبة التي تتبع قاعدة التوازن، إلا أنها لا تتبع قاعدة التماثل.
هل التماثل يتحقق من خلاله الانتظام في توزيع الأشكال؟
يتحقق الانتظام في توزيع الأشكال عند استخدام التماثل بسبب ترتيب الوحدات المتجاورة والمتراصة بجانب بعضها البعض، إضافة إلى الدقة في التصميم الزخرفي للوحدات والاتزان بسبب استخدام نفس الشكل بنفس المواصفات الفنية والمساحة والحجم والقيمة الفنية والتشكيلية.
وغالباً ما يُلاحظ في الزخارف الإسلامية المتماثلة هذا الانتظام - بنوعيه التماثل الكلي أو الجزئي لتوزيع الأشكال- في المساحات المزخرفة كبيرة الحجم، مثل جدران المساجد والقصور والقباب والمآذن والأعمدة والأبواب والنوافذ الكبيرة والأثاث، سواء كانت زخارف متماثلة مرسومة، أو مُطعّمة أو ملوّنة.
نشأة الزخرفة الإسلامية
بدأ الفن الإسلامي منذ الهجرة النبوية الشريفة ، وجُغرافياً امتد من إسبانيا إلى الهند، وهي المنطقة التي كانت تحت السيطرة الثقافية للدولة الإسلامية، وتعدّدت مسمياته بين الفن العربي والفن المحمّدي والفن المغربي، وأطلق عليه الأوروبيون اسم فن الأرابيسك، وقد تأثرت الزخرفة الإسلامية بأساليب الفن الرومانية واليونانية والبيزنطية وكذلك السيسانية، ومن أوائل أنواع الزخرفة الإسلامية ما يأتي:
- النسيج والسجاد: وقد نشأ سعياً لتزيين المساجد، إضافة إلى حاجة الناس له في بيوتهم.
- الزجاج: تُعد سوريا رائدة في صناعة الزجاج، وما تزال إلى يومنا هذا تحتفظ بفن الزخرفة الخشبية والتوريق.
- تزيين الخشب: إذ استُخدم الخشب وبكثرة منذ القدم، وتم تزيينها بالزخارف النباتية والهندسية لاعتبارها متّسقة مع تعاليم الإسلام.
- العمارة الإسلامية: وهي أكثر الأعمال شهرةً وانتشاراً، بدأت منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بعمارة المساجد والأسواق وتحصين المدن.
عناصر الزخرفة الإسلامية
للزخرفة الإسلامية عناصر عديدة، فيما يأتي أبرز هذه عناصر:
- الزخرفة الهندسية: تعتمد على تداخل وتشابك الأشكال الهندسية المتكررة كالمربعات والدوائر والنجوم.
- الزخرفة النباتية: التي يُستخدم فيها رسم زهرة التوليب وزهرة النسرين والسوسن والأوراق والأغصان.
- الزخرفة الكتابية وأنواع الخطوط العربية: كالخط الكوفي البسيط، والخط الكوفي الهندسي، والخط الكوفي المورث، والخطوط ذات الأرضية النباتية، والخط الديواني، وخط النسخ الذي ابتكره السلاجقة، وخط الثّلث الذي ابتكره الأتراك.
- زخرفة رسوم الكائنات الحية: من آدميين وحيوانات، وقد كثر انتشارها في العصر الأموي والعصر العباسي والعصر الفاطمي.
الخلاصة
يمكِن تعريف الزخرفة الإسلاميّة بأنها فن يهتم بالأسس والجذور المستوحاة من الدين ، و للزخرفة الإسلامية حضور قوي في المجال الفني، فهي فن بصري يرتبط بتزيين المعالم الأساسية، ويربط بين الحضارات القديمة والحاضرة، وقد استطاع فن الزخرفة الإسلامية تحويل الخامات البسيطة مثل الجصّ أو الخشب للوحات فنية جميلة تضاهي أثمن الخامات، وتستند الزخرفة الإسلامية للعديد من القواعد كالتوازن والتشابك والتناسب وغيرها.