قصص عن ذكاء أبي حنيفة النعمان
قصص عن ذكاء الإمام أبي حنيفة النعمان
تعددت القصص التي ذكرت ذكاء الإمام أبي حنيفة وسرعة بديهته وقوة حجته، وأبرز ما ذكر عنه من قصص ما يأتي:
قصة استتابة الخوارج للإمام أبو حنيفة
ورد أنّ أبا حنيفة النعمان حدثت له قصة مع الخوارج الذين ظهروا في الكوفة في زمانه، حيث أخذه الخوارج وقالوا: له تب يا شيخ، فقال: أنا تائب إلى الله من كل كفر، فتركوه يمضي في سبيله، فلما ذهب عنهم وتركهم، قال رجل منهم: إنه يقصد في توبته الكفر الذي أنتم عليه.
فأرسلوا من يعود به ثم قالوا: يا شيخ هل تقص بتوبتك من الكفر ما نحن عليه، فقال أبو حنيفة: أتقول هذا بظن، أم بعلم؟ فقالوا: بل بظن، قال أبو حنيفة: إن الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم}، وقد وقعت في الإثم، وهذه خطيئة، وكل خطيئة عندك كفر، فتُب أنت أولاً من الكفر، فقالوا: صدقت، إنّا نتوب من الكفر.
أبو حنيفة والخوارج
لما علم الخوارج أن الإمام أبو حنيفة لا يكفّر أحداً من أهل الإسلام بالذنب والمعصية، قدموا إليه ليناظروه، فقالوا: بباب المسجد جنازتان واحدة لمرأة قتلت نفسها بعد أن زنت وأيقنت بالحمل، والآخرة لرجل شرب الخمر حتى حشرج به ومات مخنوقاً.
فقال لهم الإمام: من أي الملل هما، أكانا من اليهود؟ قالوا: لا، قال: أمن النصارى؟ قالوا: لا، أمن المجوس، قالوا: لا، قال فمن أي دين كانا؟ قالوا من الملة التي تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فقال كم تعدل الشهادتان من الإسلام، أتعدل الربع أم الثلث أم الخمس؟ فقالوا ليست بالربع ولا الخمس ولا الثلث، فالإيمان لا يكون كذلك، فقال: فأيّ شيء من الإيمان هي؟ قالوا: هي الإيمان كله، فقال: فعن أيّ شيء تسألونني، وقد أقررتم أنهم كانا مؤمنين.
الذكاء في الإجابة بالآيات القرآنية
عادوا إليه ليسألوه عن حكمهما فقالوا: نسألك أهم من أهل الجنة أم من أهل النار؟ قال: أما ذلك فلا أقول فيهم إلا ما قاله أنبياء الله، قال نبي الله إبراهيم في قوم كانوا أشد جرماً ومعصيةً منهم: {ربِّ إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم}.
وأقول ما قاله روح الله عيسى ابن مريم، في قوم كانوا أظلم منهما: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم }، وأقول ما قاله نبي الله نوح عليه السلام: {قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون * قال وما علمي بما كانوا يعملون * إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون }.
و أقول ما قاله نبي الله نوح عليه السلام: {ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين }، فقام القوم جميعاً وألقوا سلاحهم، وقالوا تبنا إلى الله من كل دين، وندين لله بدينك، فقد أعطاك العلم والحكمة.
أبو حنيفة والرجل الموسر
يُروى أن رجلاً موسراً جاء إلى الإمام أبي حنيفة النعمان، فقال له: يا إمام إني رجل موسر قد وسع الله علي في المال والدنيا، وليس لي إلا ولد واحد قد أعياني في حاله، فكلما زوجته امرأةً مكث معها مدّةً من الزمن ثم يطلقها، وكلما اشتريت له أمةً لتخدمه أعتقها، فأطرق الإمام ملياً ثم قال للرجل: اجلس عندي حتى أقلب الرأي في المسألة.
بعد وقت يسير قال له الإمام أيها الرجل: اذهب أنت وولدك إلى السوق فأيّ جارية أعجبت ولدك وقدرت على شرائها فاشترها لنفسك لا لولدك، ثم زوجها من ولدك، فإن طلقها عادت إليك فأنت سيدها، وإن أعتقها لم يجز له ذلك فأنت مالكها، وإن ولدت كان نسبه إليك، عاد الرجل مستغرباً ليسأل الفقيه أبا ليلى فأخبره بالقصة وجواب الإمام، فقال له: هو ما قال الإمام أبو حنيفة.