قصص عن الاحترام في عهد الرسول
احترام النبي صلى الله عليه وسلم لأمه في الرضاعة
عن أبي الطفيل -رضي الله عنه-: (أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- كان بالجِعْرانةِ يقسِمُ لحمًا، وأنا يومَئذٍ غلامٌ أحمِلُ عضوَ البعيرِ، قال: فأقبَلتِ امرأةٌ بدويَّةٌ فلمَّا دنتْ مِن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بسَط لها رداءَه فجلَستْ عليه، فسأَلْتُ: مَن هذه؟ قالوا: أمُّه الَّتي أرضَعتْه).
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- بالجعرانة، وهي موضع معروف على مرحلة من مكة، أقام بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بضعة عشر يوماً؛ لتقسيم غنائم حنين، واعتمر منها، وبينما هو يقسم الغنائم إذ جاءت السيدة حليمة ابنة عبد الله؛ وهي أم النبي -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة، فقام إليها وبسط لها رداءه تعظيماً لها، وانبساطاً واحترامًا فجلست عليه.
احترام عبد الله بن عمر لكبار الصحابة
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فَقالَ: أخْبِرُونِي بشَجَرَةٍ تُشْبِهُ أوْ: كَالرَّجُلِ المُسْلِمِ لا يَتَحَاتُّ ورَقُهَا، ولَا، ولَا، ولَا، تُؤْتي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ، قالَ ابنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ في نَفْسِي أنَّهَا النَّخْلَةُ، ورَأَيْتُ أبَا بَكْرٍ وعُمَرَ لا يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أنْ أتَكَلَّمَ).
(فَلَمَّا لَمْ يَقولوا شَيئًا، قالَ رَسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: هي النَّخْلَةُ، فَلَمَّا قُمْنَا قُلتُ لِعُمَرَ: يا أبَتَاهُ، واللَّهِ لقَدْ كانَ وقَعَ في نَفْسِي أنَّهَا النَّخْلَةُ، فَقالَ: ما مَنَعَكَ أنْ تَكَلَّمَ؟ قالَ: لَمْ أرَكُمْ تَكَلَّمُونَ، فَكَرِهْتُ أنْ أتَكَلَّمَ أوْ أقُولَ شيئًا، قالَ عُمَرُ: لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا، أحَبُّ إلَيَّ مِن كَذَا وكَذَا).
يتضح من هذا الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل أصحابه عن شجرة تشبه المسلم، لا يتساقط ورقها وتثمر كل حين، فظن ابن عمر أنها النخلة؛ لكنه لم يجب النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ احترامًا لكبار الصحابة عمر و أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما-، فلما لم يجب أحدهم أخبرهم النبي أنها النخلة.
وهنا أخبر عبد الله والده أنه علمها؛ لكنه لم يجب احتراماً للكبار ، فأخبره سيدنا عمر -رضي الله عنه- أنه تمنى لو أجاب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فالإنسان مجبول على محبة الخير لذريته، وربما كانت تصيبه دعوة من النبي -صلى الله عليه وسلم-.
احترام الحقوق ولو كانت لصغار السن
عن سهل الساعدي -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أُتِيَ بشَرَابٍ، وعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ، وعَنْ يَسَارِهِ أَشْيَاخٌ، فَقالَ لِلْغُلَامِ: أَتَأْذَنُ لي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ، فَقالَ الغُلَامُ: لا واللَّهِ لا أُوثِرُ بنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا، فَتَلَّهُ في يَدِهِ).
يخبرنا الحديث عن قصة شرب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من شراب جيء به إليه، وعن يمينه غلام وعن يساره الكبار في السن؛ فلما شرب قال للذي على يمينه وهو الغلام: أتأذن لي أن أعطي الأشياخ؟، فقال: والله يا رسول الله ما أنا بالذي أوثر بنصيبي عليك أحداً؛ أي أنه يحب أن يشرب مما فضل من شراب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فأعطاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- الإناء في يده.
وهذا دليل على أنه إذا كان الذي على اليمين أصغر سناً فإنه يفضل عن الذي على اليسار ولو كان أكبر سناً، إلا إن أذن أن يعطى الكبار أولًا، وفي هذا الحديث نرى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احترم حق الصغير واستأذنه.