قصص الإمام مالك بن أنس
قصص الإمام مالك
قصة حياة الإمام مالك
هو مالك بن أنس بن مالك الحميري، وُلد في المدينة المنورة عام ثلاثة وتسعين للهجرة، ونشأ نشأةً صالحة؛ حيث أتمّ حفظ كتاب الله في الحادية عشرة من عمره، وبدأ بتلقي العلم علي يد أهمّ العُلماء في عصره، وكِبار التابعين.
وقد أولى الإمام مالك حديث النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- أهميّة كبيرة في حياته، وحَفظ الكثير من الأحاديث، وكان يحرص على الاستعداد لمجالس العلم قبل أن يخرج إليها، فيضع أفضل الطيب ويلبس أحسن الثياب.
وكان الأمام مالك ذو هيبة ووقار، وكتب العديد من المؤلفّات ومن أشهرها كتاب الموطأ في الحديث النبوي الشريف.
قصة الإمام مالك مع أمه
كان لأمِّ الإمام مالك الأثر الكبير في تعلّمه، وكانت تحثُّه على أخذ العلم منذ صغره، حيث روى الإمام مالك أنَّه قال لأمه ذات يوم: " أذهب فأكتب العلم؟ فقالت: تعال فالبس ثياب العلم، فألبستني ثياب مشمّرة ووضعت الطويلة على رأسي وعمَّمتني فوقها ثم قالت: اذهب فاكتب الآن".
كانت أُمه تهتم وتحرص على أن تُجلسه مجالس العِلم منذ صغره، وقد روى أيضًا أنّها كانت تقول له: "اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل عِلمه"، فكانت تحثُّه على الخُلق الحسن قبل العِلم، وكانت المُعين الأكبر له في صغره.
قصة طلب الإمام مالك للعلم
كان الإمام مالك مُحبًا للعلم وساعيًا إليه منذ صغره؛ حتى رُويَ أنّه باع الخشب الذي يسقِفُ فيه بيته في سبيل طلب العلم، ثمّ عانى الفقر بعد ذلك، وقد اُشتهر الإمام مالك بكثرة طلبه للعلم.
حيث ذكر أنس بن عيّاض أنّه كان يجلس في مجلس ربيعة الذي كان يحضره الإمام مالك، وكان يُعرف بينهم بمالك أخو النّضر، وبعد مسيرته في طلب العلم وحرصه عليه صار يُقال النضر أخو مالك؛ لاشتهاره بطلب العلم.
قصة انقطاعه عن الناس لطلب العلم
وكان الإمام مالك -رحمه الله- يتفرّغ لأخذ العلم بجلوسه تحت ظلال الشجر، ووصل انشغاله بالعلم إلى حد انعزاله عن النّاس؛ حيث جاء أنّ أُخته قد اشتكت لأبيه ذات مرة انعزاله عن النّاس، فأخبرها أنّه منشغل بحفظ حديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
وقال الإمام مالك إنّه كان له أخ في سن ابن شهاب، فسألهم أباهم مسألة ليُحيبوا عليها، فأخطأ مالك الإجابة وأصاب أخيه، فقال له أبوه: "ألهتك الحمام عن طلب العلم"، فغضب لذلك غضبًا شديدًا، وقد انقطع عن مخالطة الناس عند ابن هُرمز لتلقي العلم منه مدة سبع سنوات، وقيل ثماني سنوات لم يختلط بأحدٍ من الناس غيره.
وقال مالك عن مرافقته لابن هُرمز: "كنت أجعل في كفي تمراً وأناوله صِبيانه وأقول لهم إنْ سألكم أحد عن الشيخ فقولوا مشغول، وقال ابن هُرمز لجاريته يوماً: من بالباب فلم ترَ إلا مالكاً فرجعت فقالت له: ذاك الأشقر فقال له دعيه فذلك عالم الناس".
قصة جلوس الإمام مالك للإفتاء
كان الإمام مالك -رحمه الله- يشهد مجالس العلم والإفتاء، وكان يجلس في مجلس ربيعة الرأي، ثم انتقل لمجلسٍ وحده حيث قال سفيان بن عُينية: "دارت مسألة في مجلس ربيعة، فتكلّم فيها ربيعة فقال مالك: ما تقول فيها يا أبا عثمان؟ قال ربيعة: أقول فلا تقول، وأقول إذ لا تقول وأقول فلا تفقه ما أقول، ومالك ساكت فلم يُجب بشيء وانصرَفْت".
فلما راح إلى الظهر جلس وحده وجلس إليه القوم، فلما صلّى المغرب اجتمع إلى مالك خمسون أو أكثر، فلمّا كان من الغد اجتمع إليه خلق كثير.
وذُكر إنّه جلس للإفتاء وهو يبلغ من العمر سبعة عشرَ عامًا، وكان إمامًا للناس، وكان يُفتي في المدينة ونافع فيها، وكذلك زيد بن أسلم، بل قيل إنّ حلقة الإمام مالك للإفتاء ومجلسه كان أكبر من حلقة نافع.
وكان فقه الإمام مالك ظاهرًا من صغره؛ فقد ذكر الوالي أمامه مسألة بحضور غيره من فقهاء المدينة.
وكانت المسألة تنصُّ على أنَّ رجلًا قد أوصى قبل وفاته بأن يُزوج ابنتيه إلى أبناء أخيه الاثنين وأخذ منهما المهر على ذلك، فقال الجميع بجواز ذلك، إلَّا مالكاً قال بعدم جوازه، فقال لهم الوالي أنّ مالكًا قد أصاب وأخطأتم جميعاً.