قصة يوسف و إمرأة العزيز
يوسف عليه السلام في قصر العزيز
ذهب يوسف -عليه السلام- مع إخوتِه إلى الصيد بعد أن أَذِنَ لهم والدهم، فمكروا به وقاموا بإلقائه في البئر، وتظاهروا لوالدهم بأنَّ يوسف قد أكله الذئب.
ولكنَّ رحمة الله - تعالى- محيطةٌ بأنبيائه؛ حيث مرَّ مجموعةٌ من التُّجار يسيرون قُربَ البئر وكانوا متَّجهين إلى مِصر، فأرسلوا أحداً منهم ليأتي لهم بالماء، فذهبَ لِكَي يجلِبَ الماء فتعلّقَ يوسُف -عليه السلام- في دلوِ البئر، فلمَّا أخرج الدَّلو جعل يُبشِّر أصحابه بأنَّه قد وجد غلاماً، فخبَّأوه ليتخذوا منه بِضاعةً يبيعونها في الأسواق.
أخذَ التُّجار يوسف إلى مصر واشتراه منهم بثمنٍ زهيد وزير مصر الأوَّل حينها والذي كان يُلقَّب بالعزيز، ولم يكُن لديه أولاد، فأخَذَه لامرأتهِ وقال لها: أكرميه، فكان يطمحُ أن يكون مساعداً له أو يتخذه ولداً، ففرحت به امرأةُ العزيز، وربَّته، واهتمَّت به، وكان -عليه السلام- يتمتَّع بحبِّ جميع من في القصر؛ فكان يتحلَّى بالأدب والأخلاق الرَّفيعة كما كان ذا جمالٍ فائقٍ أخَّاذ.
مراودة امرأة العزيز يوسف عليه السلام عن نفسه
وقعت امرأة العزيز في حبِّ يوسف -عليه السلام- فجعلت تتزيَّن له محاولةً منها لإغرائه، حتى جاء اليوم الذي قامت بالتَّصريح له بما تريده منه، وأغلقت الأبواب وقامت بدعوتِه لأن يقوم بمواقعتها.
موقف يوسف عليه السلام من مراودة امرأة العزيز
لم يقبل يوسف -عليه السلام- طلب امرأة العزيز وامتنع عنها، وقال لها: معاذَ الله أن أقبل بما تطلبينه مني وأخون سيدي الذي قام بشرائي، وآواني، واهتمَّ بي، وهذه من نعم الله -تعالى- عليَّ، ومن يكفر بهذه النِّعَم يكون من الظَّالمين.
وهنا تظهر أخلاق يوسف -عليه السلام- الرَّفيعة، شعرت امرأة العزيز بإهانة كبريائها فهمَّت بملاحقته بينما يقوم هو بالجري نحو الباب ليحاول الخروج، فتشدُّه من ثيابه فيتمزَّق قميصه بيدها من الخلف وإذ بزوجها العزيز عند الباب، فاتهمت يوسف -عليه السلام- بمراودتها وطالبت زوجها بسجنه وتعذيبه.
معرفة العزيز بما بدر من امرأته
عندما اتَّهمت امرأة العزيز يوسف أنَّه تعرَّض لها، أنكر يوسف -عليه السلام- ذلك، وقال إنَّها هي من ابتدأت بالأمر وطلبت منه ذلك، فلجأ العزيز لأن يرى دليلاً ليعلم الصَّادق من الكاذب.
فشهد شاهدٌ من أقربائها أنَّه إن كان قميص يوسف قد مُزِّق من الخلف فيكون هو الصَّادق حيث أنَّها كانت تلاحقه وتشدُّه إليها فمزَّقت القميص من الخلف، وإن كان قد مُزِّق من الأمام فتكون هي الصَّادقة إذ مزَّقته من الأمام عندما أقبل عليها دفاعاً عن نفسها.
فلمَّا رأى العزيز أنَّ القميص قد مُزِّق من الخلف، علِم بمكيدة امرأته وكذبها وبراءة غلامه، فطلب منه أن لا يتحدَّث بهذا الأمر لأحد، وطلب من امرأته أن تستغفر لذنبها العظيم.
يوسف عليه السلام وفتنة امرأة العزيز والنسوة
لم يبقَ ما حصل بين يوسف وامرأة العزيز سرّاً، فقد شاع الخبر في المدينة وأخذت النِّساء يتبادلنَ الأحاديث عن امرأةِ العزيز وكيف أنَّها أرادت إغراء غلامها، فأرسلت امرأة العزيز إليهنَّ تدعوهنَّ إلى تناول الطَّعام وأعطت كلَّ واحدةٍ منهنَّ سكِّيناً، وأمرت يوسف بالدُّخول عليهنَّ.
فلمَّا رأيْن يوسف -عليه السلام- اندهشنَ بشدَّة جماله، ومن شدَّة الانبهار قُمنَ بتقطيع أيديهنَّ، فقالت لهنَّ: هذا الذي كنتم تلومنني بما فعلته معه، وهدَّدته بالسجن إن لم يستجِب لأمرها.
ظهور الحق واعتراف امرأة العزيز
عندما لم يستجِب يوسف -عليه السلام- لأمرِ امرأةِ العزيز وضعتهُ في السِّجن، ولبث في السجن بضع سنين، ثمَّ أرسلَ الملك لامرأةِ العزيز والنِّسوة يسألهنَّ عمّا حصل بينهنَّ وبين يوسف -عليه السلام-، فقالت النّسوة: لم نرَ عليه سوءاً ولا تُهمةً ولا خيانة.
ثمَّ قالت امرأة العزيز: الآن ظهر الحقُّ، أنا من دعوتُه للفحشاء وراودتُهُ عن نفسهِ وقد رفض، ولكنَّ نفسي سوَّلت لي هذا الأمر فإنَّ النَّفس أمَّارة بالسوء بطبيعتها البشريَّة فتميلُ إلى الأهواء والشَّهوات، إلَّا ما رحِم الله من النُّفوس كنفسِ يوسف - عليه السلام- إذ ترفّعَ عن تلك الشَّهوات، ثمَّ قالت: إن الله -تعالى- غفورٌ لتلك النّزَوات رحيمٌ بعبادِه حيث يعلم طبيعتهم البشريّة.