قصة فرعون
قصة فرعون
كان فرعون يملك مصر التي كان يعيش بها شعبان؛ أمَّةُ الأقباط وهم الذين كان منهم فرعون وبيدهم الحكم وملك مصر، وأمَّة بني إسرائيل الذين كان منهم نبيُّ الله موسى عليه السلام، وكان بني إسرائيل مهانين وكالعبيد لفرعون وقومه. وفي ذات ليلة رأى فرعون في منامه أن ناراً أقبلت من جهةِ بيت المقدس تحرق بيوت الأقباط في مصر، ولم تلمس هذه النار بني إسرائيل، فلما استيقظ خاف مما رأى في منامه، فجمع السَّحرةَ والكهنة ليسألهم عن تفسير ما رأى، فقالوا له إنّ غلاماً يولد من بني إسرائيل، يكون على يديه هلاك ملك مصر ويأخذ هو الملك، فعندها قرَّر فرعون قتل كل مولودٍ ذَكَر من بني إسرائيل.
فاستمرَّ فرعون بقتل أبناء بني إسرائيل، ونشر الجنود والقوابل ليحدِّدوا من كانت حبلى في بني إسرائيل، حتى إذا وضعت جاؤوا وقتلوا الغلام من أول يوم، وإن كانت بنتاً تركوها ولم يلمسوها، وبعد فترةٍ من ذلك، جاء الأقباط إلى فرعون يشكون قلَّة الرجال في بني إسرائيل، لأن الولدان يُقتلون والكبار يموتون، فخافوا ألا يبقى رجال يقومون بالأعمال الصعبة والبدنيَّة في بني إسرائيل، فأصدر فرعون قراراً بأن يُقتل الأطفال في عام ويُتركوا في عامٍ آخر.
ولادة هارون وموسى عليهما السلام
وُلد هارون أخو موسى الأكبر في عام المسامحة ولم يُقتل، وأما موسى عليه السلام فقد وُلد في عام القتل، فخافت عليه أمه من أن يأتي جنود فرعون ليقتلوه، فأوحى إليها ربها سبحانه وتعالى بأن تضعه في تابوتٍ من الخشب، وتلقيه في النهرِ إذا خشيت عليه من جنود فرعون، فأخذ النَّهر التابوت الذي به موسى وحمله إلى ضفافِ بيت فرعون، فلما رآه الجنود ذهبوا به إلى زوجة فرعون، فلما فتحت التابوت ورأت وجه موسى عليه السلام مضيئاً وجميلاً أحبته، فرآه فرعون وأمر بقتله، فعندها طلبت من زوجته ألا يقتله وأن يبقى عندهم في القصر لتربيته والعناية به.
رحيل موسى عليه السلام من مصر
كبُر موسى عليه السلام في بيت فرعون واشتدَّ عوده، وفي ذات يوم رأى موسى عليه السلام رجلين يقتتلان، واحد من بني إسرائيل والآخر من الأقباط، فأراد موسى عليه السلام أن يمنع القبطيَّ من إيذاء الرجل من بني إسرائيل فوكزه بيده ولم يكن يريد قتله، ولكن الرَّجل القبطيَّ مات بسبب هذه الوكزة، ولما وصل الخبر إلى فرعون أمر بإحضار موسى عليه السلام، فجاء رجلٌ يخبر موسى أن الأقباط يريدون قتله انتقاماً لما فعله مع ذلك القِبطي، فخاف موسى وخرج من مصر حتى لا يُقتل، فوصل إلى "مَدْيَن" يحتمي هناك ويتوارى عن أنظار جنود فرعون.
زواج موسى عليه السلام
عندما كان موسى عليه السلام في "مدْيَن" رأى فتاتين تقفان مع أغنامهما بالقرب من بئرٍ يُستخدم لسقاية الماشية، فذهب إليهما وسألهما: لماذا لا تسقيان ماشيتكما مع باقي الرُّعاة، فقالت إحداهما: بأنَّنا لا نسقي إلا بعد أن ينتهي الرُّعاة من سقاية ماشيتهم، فسقا لهما، وذهب وابتعد ولم يطلب أجراً على ذلك. فلمَّا عادت البنتان إلى أبيهما، طلبت إحداهما من أبيها أن يستأجره، فناداه أبوهما وقال له: إني أُزوجك إحدى ابنتيّ، ولكن بشرط أن تخدم عندي ثماني سنين، وإذا خدمت عندي عشراً فلك الأجر والثواب، فوافق موسى وتزوج الصُّغرى منهما، وهي التي سألت أباها أن يستأجره.
الوحي والتكليف الإلهي
عندما انقضت الفترة التي كان متَّفقاً عليها بين موسى عليه السلام ووالد الفتاتين، أخذ أهله وماله وأراد أن يعود إلى أهله في مصر، وفي طريق السَّفر كان الوقت ليلاً، فلاحظ ناراً من بعيد، فأبقى أهله في مكانهم وذهب إلى تلك النار، فلما وصل موسى عليه السلام إلى تلك النار، سمع صوتاً يُناديه ويقول له كما ورد في القرآن الكريم: (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى)، وفي تلك اللحظة أعطى الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام الرِّسالة التي يجب أن ينقلها لفرعون، بأن يدعوه إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، كما أنّ الله تعالى أيّد موسى بالمعجزات، الأولى كانت بالعصا التي تتحول إلى أفعى عظيمة ومخيفة بقدرةٍ من الله تعالى، والمعجزة الثانية كانت بيده يضعها في جيبه وإذا بها تخرج بيضاء لا سوء بها. وهنا طلب موسى عليه السَّلام من الله أربعة أمور، الأول أن يشرح الله له صدره، والثاني أن ييسِّر له أمره، والثالث أن يحلُل له عقدةً في لسانه، وأما الرابع أن يبعث معه أخاه هارون عليه السلام إلى فرعون يعينه.
دعوة موسى لفرعون
ذهب موسى إلى فرعون مع أخيه هارون لدعوته إلى عبادة الله وحده، فلما دخلا على فرعون أخبره موسى عليه السلام أنهما رسولا الله له لدعوته لعبادة الله الواحد الأحد، الخالق الرَّزَّاق، وأمراه أن يترك بني إسرائيل يذهبوا معهما، فلما سمع فرعون كلامهما قال: إن كنت يا موسى نبيّاً من الله هاتِ لنا برهاناً حتى نصدِّقك، فرمى موسى عصاه فإذا هي ثعبانٌ مُبين، وضم يده إلى صدره وأخرجها فإذا هي بيضاء من غير سوء، عندها قال فرعون لمن حوله: هذا ساحر يريد أن يُخرجكم من أرضكم ويفسد عليكم دين آبائكم، وأمر بجمع السَّحرة الموجودين في أرض مصر، وقال لموسى: دعنا نتَّفق على يومٍ يكون به النِّزال، فاختار موسى عليه السلام يوم الزِّينة، وكان هذا يوم عيد في مصر القديمة.
النِّزال ضد سحرة فرعون
جاء ذلك اليوم وأتى السَّحرة وموسى وهارون عليهما السلام، فأمر موسى السَّحرة أن يلقوا ما بأيديهم أولاً، فلمَّا ألقوْا عصيَّهم وحبالهم سحروا أعين الناس ليروْا أن هذه العصيَّ كأنَّها ثعابين، فخاف موسى أن يُفتن الناس بما يشاهدونه، فألقى عصاه التي صارت بقدرة من الله تعالى ثعباناً عظيماً، فالتقفت كل ما ألقى السَّحرة بسرعة، فلمَّا رأى السَّحرة هذا المشهد العظيم استيقنوا أن هذا ليس سحراً، وإنما معجزة ربَّانية حقيقية، فسجدوا لله وقالوا آمنَّا بربِّ العالمين، فلما رأى فرعون ما فعله السِّحرة، غضب وأمر بتعذيبهم وقتلهم جميعاً.
عذاب قوم فرعون
زاد عناد فرعون ولم يرضَ بإرسال بني إسرائيل مع موسى وهارون عليهما السلام، فأنزل الله عليه وعلى قومه أنواعاً من العذاب، حيث إنه سبحانه وتعالى أرسل عليهم القمل والضفادع والدَّم، وفي كل مرَّةٍ كان فرعون يقول لموسى عليه السلام: ادع لنا ربَّك أن يرفع عنا هذا العذاب وسأرسل بني إسرائيل معك، ولكنه كان يكذب ويُخلف بوعده في كلَّ مرَّة، بل وكان يردّ الجميع عن عبادة الله وحده.
هلاك فرعون
ذات يوم انطلق موسى بقومه ليخرجوا من مصر، ولحقهم فرعون وجنوده ليوقفوهم ويقتلوهم، وعندما وصل موسى إلى ضفاف البحر خاف قومه وقالوا هلكنا، لأن فرعون من ورائهم يريد القضاء عليهم والبحر من أمامهم يقفل طريقهم، فقال موسى عليه السلام بكلِّ إيمانِ: إن الله معي سيهدين، وعندها أوحى الله لموسى أن يضرب البحر بعصاه، فلما فعل موسى ما أوحى إليه الله تعالى فإذا بالبحر ينفلق ويصبح كلَّ فِرْقٍ كالجبل العظيم، وانطلق بقومه إلى الضِّفَّةِ الأخرى حتى وصلوها، وفي ذلك الحين كان فرعون مع جنوده ما زالوا يمرُّون من بين الجبلين المائيَّين، وإذا بهذين الجبلين يطبقان على فرعون وجنوده ويغرقون جميعاً.