قصة حديث (اتقوا النار ولو بشق تمرة)
حديث (اتقوا النار ولو بشق تمرة)
اتّفق الشيخان البخاري ومسلم على صحّة حديث: (اتقوا النار ولو بشقّ تمرة)؛ فعن عدي بن حاتم الطائي -رضي الله عنه- قال: (سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ).
قصة حديث (اتقوا النار ولو بشق تمرة)
يروي قصة الحديث الصحابي عدي بن حاتم الطائي -رضي الله عنه-، فبينما كان عند النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إذ برجلٍ يأتي النبيّ ويشكو الفقرَ الذي قد حلَّ به، ثمّ دخلَ رجلٌ آخرٌ يشكو قطّاع الطريق الذين يعترضون الناس ويأذونهم.
ثمّ أخذ النبي يبادل الصحابة النقاش والسؤال، فقال لعدي: هل رأيت الحيرة؟ وجاء الجواب من عدي بأنَّه لم يرَها ولكنَّه قد أُخبرَ عنها، فأخبره النبي أنَّها كانت بلدٌ لمُلوك العرب تحت حُكم الفُرس، وأردف مُخبراً عدي من أنباء الغيب التي أوحى الله بها إليه، فقال لعدي إنَّ الله إن اعطاه عُمراً فسيرى المرأة مُرتحلةً من الحيرة إلى مكة طائفةً بالبيت دون أن تخشى أي شيءٍ سوى الله -سبحانه-، وفي ذلك إشارةٌ إلى الأمن الذي سيحلّ.
وتعجّب عدي من الخبر بسبب وجود قطّاع الطرق، ثمّ قال له إنَّه إن طال به العمرُ أيضاً فسيرى كنوزَ كسرى التي سيظفرُ المسلمون بها وينالونها، فاستعجب عدي أيضاً؛ لِما كان يتمتعُ به كسرى آنذاك من القوة العظيمة ولكنَّ النبيّ أكدَّ له الخبر، وتابع النبيّ إخبار عدي بالأخبار وحدثه أنَّه أيضاً إن أعطاه الله عُمراً فسيجدُ المسلمين يُخرجون الزكاة والصدقات ولا يجدونَ مَن يعطونها إيّاها وفي ذلك إشارةٌ إلى قلّة الفقراء.
يتابعُ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- سردَ أخبار الغيب التي أوحها بها الله -عزّ وجلّ- إليه، فيقولُ لعدي بن حاتم إنَّ العباد يومَ القيامة سيكلمون الله -سبحانه- من غير ترجمانٍ ويقرّون بذنوبهم، ويُخبر الله عباده أنَّه قد سترهم في الدُنيا وأنَّه من رحمته سيغفر لهم في ذاك الموقف العظيم.
ثمّ قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ)؛ للدلالة على عدم الاستهانة بالصدقة التي ستكونُ سبيلاً للإنقاذ من النار ولو كانت بسيطةً، حتى وإن كانت كلمةً بسيطةً جداً فإنَّها قد تكونُ سبيل النجاة لصاحبها.
ما يستفادُ من حديث (اتقوا النار ولو بشق تمرة)
دلّ حديث (اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ) على عدّة فوائدَ ودلالاتٍ، آتياً ذكر بعضُها:
- الصدقة هي الحاجز للعبد من عقاب الله وسبيلٌ للفوزِ بالجنة.
- سبلُ الخير عديدةٌ ولا ذريعةٌ لأحدٍ أن يكونَ له الحجّة في عدم الإقدام عليها، فمَن لا يملكُ مالاً بإمكانه أن يتصدّق بالكلمة الطيبة التي ستشكّلُ طوقَ نجاةٍ للعبد في الآخرة.
- ضرورة الحرص على فعل الخيرات وترك المنكرات.
- تنوّع أشكال الكلام الطيب؛ فالذكرُ كلامٌ طيب، وقراءةُ القرآن كذلك، وإدخال الفرحة والسرور على قلوب المؤمنين أيضاً من الكلم الطيب.