قصة بناء الكعبة المشرفة للأطفال
قصّة بناء الكعْبة المشرَّفة للأطفال
الْكَعْبَةُ هي قِبْلَةُ الْمُسلمين في صلاتِهم، و بيْتُ الله الْحَرام ، الَّذي يحُجُّ له المسلمون من جميع أنْحاء الْعالم، فمن الضروري جداً أن يقوم المعلمون والآباء والأمهات بتعزيز مكانتها في نفوس الأطفال المسلمين؛ وذلك بذكر قصة بنائها وتبسيطها بما يناسب أفهامهم، فما هي قصَّةُ بِناء الْكعْبة؟، ومن الَّذي بناها؟، هذا ما سنعرفه من هذا المقال.
أول من بنى الكعبة المشرفة
ذَكَر الْقرْآن الْكَريم، أنَّ سيِّدنا إبراهيم -عليه السلام- هو أوَّلُ من بنى الْكعبَة المُشرَّفة بِأمْرٍ من الله -تعالى-، وبِمُساعَدَةِ ابنه إسماعيل -عليه السلام-، قال -تعالى-: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
قصة بناء إبراهيم عليه السلام الكعبة
كانَ إبراهيم -عليه السلام- يسكُنُ مع زوجته هاجر وابنهِما إسماعيل في بلاد الشَّام، ثمَّ بعْدَ ذلك انتقلَ بهما بأمرٍ من الله -عز وجل- إلى مكة، وكانت وقْتها بلادًا قاحلة، خالية من الماء وأسباب العيْش، فكانت مشيئَةُ الله -سبحانه وتعالى- أن نَبَعتْ ماءُ زمزم من تحت قدمي الطِّفل الرَّضيع إسماعيل -عليه السلام-، فأصْبحت الأرض القاحلةُ خصبة وقابلة للعيْش.
وبعْد سنوات أوْحى الله -تعالى- إلى نبيّنا إبراهيم وابنه إسماعيل -عليهما السلام- ببناء الْكعبة المُشرَّفة في موقعها الْحالي؛ لتكونَ مكانًا يُعْبَدُ فيه الله -تعالى-، وتُرْفَعُ فيه الدَّعوات، وبدأ إبراهيم -عليه السلام- يدعو الناس لعبادة خالقهم وتوْحيده، فعمَّ الْخيرُ والْأمان هذا البُقْعة الُْباركة.
وهكذا يكونُ الله -عز وجل- قد استجاب دُعاء نبيِّه إبراهيم -عليه السلام-، عندما دعا لأهله بأَنْ يرزَقَهُم من الثَّمراتِ ويجْعل مكان سَكَنِهِم مليئاً بالْخيْرات يأتي إليه النَّاسُ من جميع الأماكن، وقَدْ ذُكِرَت تفاصيلُ قصَّته في سورة إبراهيم بقوله -تعالى-: (رَبَّنا إِنّي أَسكَنتُ مِن ذُرِّيَّتي بِوادٍ غَيرِ ذي زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقيمُوا الصَّلاةَ فَاجعَل أَفئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهوي إِلَيهِم وَارزُقهُم مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَشكُرونَ).
البناء الثاني للكعبة قبل بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام
قامت قُرَيْشُ بِتَجْديدِ بِناء الكعْبة المشرَّفة، وذلكَ قبل بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- بخمس سنوات، وكان عمْرُهُ -عليه الصلاة والسلام- وقْتَها خمسًا وثلاثينَ سنة، وذلك خوْفًا من انهدامِها بفعل السُّيول والْأمطار.
مُساهمة قبائل قريْش في بناء الكعبة
تَقاسَمت الْقبائل في مكَّة شرَفَ بِناء الْكَعْبَة، وبذلوا في ذلكَ ما لَديْهِم من أموال وقوَّةٍ، فيا له من شرَفٍ كبير خصَّهُمُ الله -عز وجل- به، وكان الْمال الذي وضعوه في بِنائها منَ مال حَلال من كسْبٍ طيِّب، فلَم يُدخِلوا فيه مال الرِّبا أو مالًا مسْروقاً أو مالًا أُخِذَ بِظُلم.
اختلافهم على وضعِ الحجر الأسود
عِنْدَما انتهوا مِنْ بِناء الْكَعبة، بقِيَ لهم أنْ يضَعوا الْحجَرَ الْأسود في مكانه فاخْتَلَفوا؛ وكانت كلُّ قبيلَةً تسْعى للحُصولِ على هذا الشَّرَف الْكبير، وكادوا أن يقْتَتِلوا، حتّى توصَّلوا إلى أنْ يَحْكُمَ بيْنَهُم أوَّلُ من يدْخُلُ عليْهِم من باب بني شيْبة، فكانَ أوَّلُ من دخَل هو نبي هذا الأمَّة؛ محمد بن عبد الله -عليه أفضلُ الصلاة والسلام-.
حكمة النبي عليه الصلاة والسلام في حل الخلافات
لمّا دخل عليهم النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- فرِحوا لِما عَرَفوا من أمانته، وقالوا: "جاء الأمينُ رضينا بحُكْمه"، وأخْبَروه بالقصَّةِ فاقْترحَ عليْهم حلًا قبِلوا به جميعًا، وهو أن يبسُطَ رِداءَه (أي ثوبه)، ويَضع الْحجر الأسوَد في مُنتَصَفه.
ثُمَّ تأْخُذُ كل قبيلَةٍ طرَفًا من الرِّداء ويرفَعوهُ إلى مكانه، فلما فعَلوا تناوَله النبي -عليه الصلاة والسلام- بيديْهِ الشَّريفتين، ووَضعَه في موقِعِه، فرضوا جميعًا برأيه الحَكيم، وأنْهى بذلك خلافًا كادَ أنْ يؤَدّي إلى قتالٍ بيْنهم، ونالَ بذلك شرَفَ وضْع الْحجر مكانه -صلى الله عليه وسلم-.