قصة المولد النبوي الشريف
قصة مولد النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-
إن قصة مولد خير البشر مليئة بالأحداث، فقد كانت الأمم تتناقل خبر قدومه بما ذكر عندهم، ومن تلك الأحداث:
الإرهاصات التي سبقت المولد النبوي
لقد نقل الأحبار والكهن والرهبان خبر قدوم نبي، وأنه سيكون خاتم الأنبياء، فبعد عيسى -عليه السلام- انقطعت الرسالة فترة من الزمان، وهذا زاد لهفتهم إلى لقاء ذلك النبي، وقد بشّر عيسى -عليه السلام- بني إسرائيل بقدوم محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال -تعالى-: (يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ).
وكان بنو إسرائيل يعتقدون أن هذا النبي المبعوث سيكون منهم، فكانوا يقولون: "اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان"، ولما جاء سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو ليس منهم كفروا به، قال -تعالى-: (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ).
ومن الإرهاصات -أي البشارات والأمور الخارقة للعادة التي تحدث قبل مجيء النبي تبشيراً لنبوته- التي ظهرت للنبي الله محمد هو النور الذي رأته أمه في المنام والذي خرج منها حين حملت به، فأضاء لها قصور الشام، كما أنه ظهر نجم لامع في السماء للنبي اسمه أحمد، يختلف في خصائصه عن باقي النجوم، فعرف اليهود بعدها أن النبي قد ولد، وقد قال أحد أحبار الشام: (قد خرج في بلدك نبي، أو هو خارج، قد خرج نجمه، فارجع فصدقه واتبعه).
وهناك بعض الروايات الواهية بلا إسناد تخص بعض الأحداث التي وقت قبل مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي غير ثابتة ومنها: انهدام الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت، وارتجاس إيوان كسرى، وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته، وخمود النيران التي كان يعبدها المجوس، وكل هذه روايات ليس فيها شيء ثابت.
ميلاد النبي الكريم ونسبه الشريف
ولد سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في يوم الاثنين في الثاني عشر من شهر ربيع الأول في عام الفيل، في مكة المكرمة، وأما نسبه الشريف فهو محمد بن عبد الله، بن عبد المطلب، بن هاشم واسمه عمرو، بن عبد مناف، بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر، بن مالك، بن النضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن عدنان.
وقد مات والد النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في بطن أمه بعد أن كان قد خرج مع أخواله إلى الشام للتجارة، وعندما مروا بالمدينة مرض مرضاً شديداً وتوفّي فيها، وكان عمره حين وفاته خمسة وعشرين عاماً.
سرور جده عبد المطلب بولادته وختانه وتسميته
فرح عبد المطلب بولادة حفيده محمد -صلى الله عليه وسلم- فرحاً شديداً، واستبشر به، وقد سماه محمد، وكان سبب تسميته له أنه أراد له أن يُحمد في السماء عند الله، وفي الأرض عند الناس، وقد قيل إن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قد وُلد مختوناً، وفي روايات أخرى قيل إنه قد ختن كما جرت العادة عند العرب.
طفولة النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-
كان طفولة النبيّ طفولة فريدة، فلم يكن كأيّ طفل على هذه الأرض، كيف لا وهو خير البشر، فقد اصطفاه الله دون خلقه، وهذه بعض الأحداث التي جرت في طفولته:
إرضاع حليمة السعدية للنبي الكريم
لقد رفضت مرضعات كثر أن يرضعن محمداً -صلى الله عليه وسلم-، وقد كنَّ يقلنَ: "يتيم ما عسى أن تصنع أمه به"، إلا حليمة السعدية قبلت به، ومنذ ذلك الحين حلّت البركة على بيتها، وقد زاد الحليب التي تنتجه ماشيتهم، فقد شربت وارتوت هي وزوجها وأرضعت أطفالها.
حادثة شق الصدر للنبي الكريم
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يلعب مع غلامين وهو في كنف المرضعة حليمة السعدية، فأتاه جبريل -عليه السلام- فصرعه وشق عن قلبه، واستخرج قلبه ثم شقه، واستخرج منه علقة ثم قال: "هذا حظ الشيطان منك"، ثم غسل قلبه في وعاء من ذهب فيه ماء زمزم، ثم لأم قلبه وأعاده إلى صدره.
ففزع الغلامان مما رأوا وذهبوا إلى المرضعة، وقالوا إن محمداً قد قتل، وقد قال أنس بن مالك الذي كان يخدم الرسول في المدينة أنه كان يرى أثر المخيط في صدر النبي. وقد أخبرت أمه بما حدث وطلبت أن تردّه إليها خوفاً عليه مما سمعت، لكنه أمه آمنه طمأنتها وقالت إن لابنها شأناً عظيماً، وأنها لاحظت ذلك منذ حملها به، وقالت وكأن نوراً خرج منها عند ولادته وأضاء لها قصور الشام، وظل عند حليمة السعدية إلى أن أصبح عمره خمس سنوات.
وفاة أمه وهو في مرحلة الصبا
توفّيت آمنة بنت وهب أم النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد كان عمره ست سنين بمنطقة الأبواء بين مكة والمدينة، فقد كانت قد أحضرته لزيارة أخواله وهم من بني عدي بن النجار، وقد ماتت في طريق العودة إلى مكة المكرمة.
عناية جده عبد المطلب به بعد وفاة والديه
حفّت الرعاية الإلهية سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، فبعد موت أمه آمنه كفله جده عبد المطلب واعتنى به خير عناية، واهتم بشؤونه ورعاه أكثر من أبنائه.
حضانة أم أيمن وموت جده وكفالة عمه أبو طالب
حضنت النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة تدعى أم أيمن بركة الحبشية، وقد كانت مولاة أبيه، إلى أن مات جده عبد المطلب، وقد كان عمر محمد -صلى الله عليه وسلم- حينها ثماني سنين، وكان قد أوصى برعايته إلى ابنه أبي طالب؛ لأنه كان عم النبي -صلى الله عليه وسلم- من جدته، وقد كفله عمه واعتنى به وأحاطه بعناية.
فرح المسلمين وشكرهم لنعمة ولادة النبي الكريم
فرح المسلمون بولادة نبينا الكريم فرحاً شديداً، وكيف لا يفرحون وقد بلّغنا رسالة الإسلام، ودعانا إلى دين الحق، وأرشدنا إلى طريق الهدى، وقد جعلوا من هذا اليوم يوم فرح وسرور، وإن أفضل ما يفعله المسلمون في ذلك اليوم هو: ذكر وتذكّر السيرة النبوية العطرة ، والشمائل الكريمة، والحث على التمسك بهذا الدين، وبسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.