قصة الملك لير
حياة الملك لير مع بناته
كان هناك ملكًا يُدعى لير، وهو أحد ملوك بريطانيا فيما مضى، كان للملك ثلاث بنات هنّ (جونوريل وهي البنت الكبرى)، و(ريجان وهي البنت الوسطى)، و(كورديليا وهي البنت الصغرى)، وجميعهن متزوجات ما عدا البنت الصغرى كورديليا.
قرار الملك لير الذي بُنيت عليه أحداث القصة
في يومٍ من الأيام قرر الملك أن يتنازل عن العرش لبناته نظرًا لتقدّمه في العمر، وعدم قدرته على تحمّل مسؤوليات الحُكم والشعب.
لقاء الملك لير ببناته لاطلاعن على قراره
استدعى الملك جميع بناته، وطلب أن تعبر كل واحدة منهن عن مدى حبها له، وعلى قدر ما سيخبرهن به تعبيرًا عن الحب والولاء له، سيُعطي لواحدة منهن عرش المملكة، وبدء الملك لير بالبنت الكبرى جونوريل التي كانت على قدر كبير من الدّهاء و الذكاء والمَكر، وكانت تُجيد تنميق الكلمات والعبارات الجميلة.
فأخبرت الملك بأنه تحبه لدرجة كبيرة وأنه أغلى ما تملك، بل وأنه هو النظر لعينيها والنبض لقلبها، وأنها لا تستطيع وصفه حتى بالكلمات، وكذلك فعلت أختها الوسطى، وأما الأخت الصغرى فقد كانت تحب الملك حبًّا كبيرًا، ولكنها لا تستطيع التعبير عمّا بداخلها ولا تُحسن انتقاء الألفاظ.
فطلب منها الملك أن تعود مرّة أخرى وتنتقي كلمات تتناسب مع مقام الملك وتعود إليه من جديد. لكنها لم تستطع أن تقول أكثر مما قالته له في المرّة الأولى.
كيف أثر هذا اللقاء على علاقة الملك ببناته؟
لم يعطِ الملك لابنته الصغرى شيئًا، وقسّم مُلكه مناصفة بين ابنتيه الكُبرى والوسطى، وشمل ذلك تنازله عن سلطاته كملك للبلاد، على أن يبقى لقب ملك البلاد له، وأن يقيم طوال حياته لمدّة شهر بالتناوب بين قصري ابنتيه الكُبرى والوسطى مع عدد من فرسانه.
ما مصير ابنة الملك كورديليا؟
شَعَرَ الناس في محيط القصر بالحزن الشديد على الأميرة كورديليا؛ لأنهم كانوا يعلمون مدى حبها وتعلّقها بوالدها، ومن أبرز هؤلاء النبيل أيرل الذي كان شديد الإخلاص للملك، فتكلم معه فيما يخص ابنته الصغرى، فغضب الملك غضبًا شديدًا ونفاه من المملكة.
وفي هذه الفترة كانت كورديليا على وشك الزواج من الدّوق برجاندي، لكنه عندما علم بحرمان الملك لها من المُلك تراجع عن الزواج وتركها وحيدة، وكان ملك فرنسا معجبًا بالأميرة كورديليا، ولكن لم يثنه فعل والدها الملك لير عن التقدّم لها وخطبتها، فتزوّجها وبعد فترة وجيزة، وأصبحت كورديليا ملكة لفرنسا.
وبعد مرور فترة زمنيّة على استلام بنات الملك المملكة، بدأ يشعر الملك لير بخيبة أمل تتسرب إلى أعماقه، فقد تبيّن له أن ابنته الكُبرى لا تحب إقامته معها هو وفرسانه، بل صرّحت لوالدها بهذا الأمر، وطلبت من الجنود والخدم عدم الاكتراث لوالدها وتجاهل أوامره وطلباته.
هل يندم الملك لير على قراره أم يثبتن له بناته شييًا آخر؟
غضب الملك غضبًا شديدًا نتيجة لاستمرار سوء معاملة ابنته الكبرى، ثم ذهب قاصدًا قصر ابنته الوسطى، وفي هذه الأثناء بقي إيرل في بريطانيا متخفيًا بلباس أحد الخدم المُقرّبين من الملك والذي يسمى كايوس، فطلب الملك من كايوس أن يذهب لابنته الوسطى ويطلب منها أن تجهّز مكانًا لاستقباله حَدَث عراك بين كايوس وأحد الجنود الذين أهانوا الملك عندما كان في قصر ابنته الكبرى.
وعندما سمعت ابنة الملك الوسطى بأمر الشجار، اعتقلت كايوس في السجن وعذَّبته، وحين وصل الملك قصر ابنته الوسطى، وجد الحرس يعذّبون خادمه كايوس عند بوابة القصر على آلة التعذيب، فغضب غضبًا شديدًا، وطلب مقابلة ابنته الوسطى ولكنها رفضت بحجة أنها مشغولة هي وزوجها، وأنهما يشعران بالتعب، ولا يستطيعان مقابلة أحد، فشعر الملك بخيبة أمل كبيرة.
وطلب من جنوده التوجّه إلى مكان لكي يرتاح ويعيش فيه ويجد الأمان، وأنه لا يريد العيش مع ابنتيه الجاحدين لأفضاله فتوّجه إلى قلعة دوفر بناءً على طلب كايوس الذي أفرج عنه لاحقًا وبعد الإفراج عن كايوس توجّه إلى فرنسا حيث تسكن ابنة الملك الصغرى كورديليا ملكة فرنسا وأخبرها بما فعلته أختيها الكبرى والوسطى بأبيها بإنكارهما لأفضاله.
وعندما سمعت الملكة كورديليا بالخبر ذهبت على الفور للقاء والدها، فاحتضنته وأخبرته بمدى حبها له وصدقها الشديد معه وأن حبها له نابعٌ من القلب من دون أن يكون لها أي مصالح ماديّة أو شخصيّة معه، فأدرك الملك الخطأ الفادح الذي ارتكبه عندما حرم كورديليا من المُلك وتفضيله لابنتيه الوسطى والكُبرى اللتين تجيدان تنميق الكلام فقط.
ما مصير بنات الملك لير
في هذه الفترة كانت ابنتا الملك الكبرى والوسطى قد وقعتا في حب رجلٍ واحدٍ يُدعى أدموند، وبعد فترة توفي زوج الابنة الوسطى، فقررت الزواج من أدموند، وأدى هذا الأمر إلى نشوب خلافات ومشاكل بينها وبين أختها الكُبرى، فدسّت أختها الكُبرى لها السّم وماتت على الفور.
وعندما علم زوج البنت الكبرى بفعلتها، أمر بإعدامها على الفور، وبعد ذلك نشبت معركة كبيرة بين مملكة فرنسا التي تعتلي عرشها الابنة الصغرى كورديليا ومملكة بريطانيا، فسجنت لفترة طويلة، ثم أُعدمت، وعندما سمع والدها بخبر إعدامها مات حزنًا على ابنته التي أحبته بصدق وإخلاص، وأما زوج ابنة الملك الكُبرى فقد أصبح ملكًا على مملكة بريطانيا.
وختامًا يمكن لنا أن نستفيد من قصة الملك لير التي تعد واحدة من أهم روايات شكسبير ، أنّ صدق العاطفة والمشاعر الجميلة أهم من الكلام المعسول، والمشاعر الإنسانيّة الصادقة هي أجمل وأهم ما يمتلكه الإنسان تجاه الآخرين، وأن صاحب الكلام المعسول عادة لا تتطابق أفعاله مع أقواله، فالحسد والطَمَع يعمي بصيرة الإنسان وقد يحوّله لقاتل لأقرب الناس له.