قصة السيدة العجوز والدب الأبيض
سكان الأسكيمو والحيوانات القطبية
منذ زمنٍ بعيد كان سكَّان الأسكيمو يعيشون في القطب الشمالي، وقد كانت منطقتهم مليئة بالثلوج طوال السنة، وكان سكان الأسكيمو يعيشون إلى جانب الحيوانات القطبية المعروفة كالدببة القطبية وغيرها، والتي اعتادت على الحياة في تلك المنطقة، وقد كان سكان الأسكيمو يعيشون على صيد الحيتان والأسماك وعجول البحر وغير ذلك.
في قرية صغيرة في تلك المنطقة الثلجية، كانت تعيش سيدة عجوز تعمل في صناعة الملابس من فراء الحيوانات، ولذلك كانت حياتها قاسية إلى أبعد الحدود، وفي يوم من الأيام، جاء إليها صياد وهو يجرُّ خلفه إحدى الدببة الكبيرة البيضاء، وطلب منها أن تصنع له من فراء هذه الدبة سجادة بيضاء جميلة.
ماذا حدث بصغير الدب الأبيض؟
عندما أحضر الصياد الدبة، أخبر العجوز بقصة صيده، فقد كانت تلك الدبة تسير مع ولدها الدب الصغير، ولكنه عندما سمع صوت إطلاق الرصاص على أمه قفز إلى الماء، خوفًا من صوت الرصاص، وكاد الصياد أن يمسك به، ولكنه هرب وتمكن من النجاة بحياته، فاحتفظت العجوز بفراء الدبة الكبيرة.
أخبرت العجوز الصياد أنها ستنسج له من هذا الفراء سجادة كما طلَب، وعندما حلَّ الليل سمعت العجوز طرقًا ونقرًا خفيفًا على باب بيتها، وعندما توجهت لتفتح الباب اكتشفت أن بالباب دب صغير، وعرفت فورًا أنّه نفس الدب الصغير جاء باحثُا عن والدته بعد أن اشتم رائحة فرائها.
جلس الدب الصغير إلى جانب فراء والدته، وهو يظن أنها نائمة وستستيقظ بعد حين، وبقي طوال الليل إلى جانبها.
الدب الصغير والعجوز
أشفقت السيدة العجوز على الدب الصغير وتفهمت مشاعره، ومنذ تلك الليلة، قررت أن ترعى الدب الصغير لأنه أصبح من دون أم، واعتاد الدب على العجوز، ومع مرور الأيام، صار لا يبتعد عنها، ويبقى ملتصقًا بها على الدوام ويلعب إلى جانبها، وكانت العجوز سعيدة بذلك الدب وتحبه كثيرًا، وتطلب منه بشكل متكرر ألا يؤذي أحدًا على الإطلاق.
كان هو يسمع نصيحتها ويلعب مع الأطفال ولا يؤذي أحدًا، وصار الأطفال يحبون اللعب معه كثيرًا، واشتهر الدب في تلك المنطقة، ومع مرور السنوات، كبر الدب وأصبح دبًّا قويًّا، وصار أهل المنطقة يطلبون من العجوز أن تسمح له بمساعدتهم في الصيد.
اختفاء الكنز الثمين
وافقت العجوز على ذلك وطلبت من الدب أن يساعد أهل القرية، وفعلًا ساعدهم الدب وحقق لهم صيدًا وفيرًا بسرعة كبيرة، وكان الصياد الذي يذهب معه الدب ويساعده على الصيد، يجمع صيدًا أكبر بكثير من بقية الصيادين، وصاروا يعتبرون الدب كنزًا ثمينًا.
وفي أحد الأيام، بينما كان الدب عائدًا إلى بيت العجوز، شاهد الرجل الذي قتل والدته وتعرف عليه، ولكن الرجل لم يعرفه وأطلق عليه رصاصة، فهجم عليه الدب وقتله، وعندما علم أهل القرية بذلك هرعوا باتجاه الدب ليقتلوه ونسوا أنه كان يساعدهم دائمًا.
مما جعل العجوز تطلب من الدب أن يهرب بعيدًا عن القرية لينجو بحياته، وبعد فترة طويلة، عاد الدب ليسلم على العجوز وبصحبته عائلته الجديدة التي كونها في غيابه.
إنَّ الإنسان يجب أن يعامل الحيوانات برحمة ولين ولا يقسو عليهم، وهذا ما أمر به الله تعالى، وأنَّ الحيوانات قد يكون لديها وفاء أكثر من البشر في بعض الأحيان.