قصة الحمامة المطوقة
ترقب الغراب للصيّاد
يُحكى أنه في قديم الزمان في مدينة تُدعى سكاوندجين كان يوجد غرابً أسود يعيش أعلى شجرة فروعها كثيرة وأغصانها متشابكة، كان يرتاد الصيادون إلى تلك الشجرة نظرا لإقبال الطيور عليها فهي تعتبر صيد ثمين بالنسبة لهم.
وذات يوم عندما خرج الغراب من عشه شاهد صيّاداً قبيح المنظر عظيم الخلقة قادم ليضع شبكة صيد وبها حب وبيده عصا غليظة، فذعُر الغراب ممّا يحدث، وقال في نفسه: أجاءَ لموتي أو لموت غيري؟ فاختبأ الغراب وأخذ يُراقب ما يحدث من بعيد، فوضع الصيّاد شبكته الكبيرة ونثر الحب فيها.
الحمامة المطوقة وصاحبتها في الشبكة
لم يمض وقت كبير حتى جاءت حمامة تُدعى المطوقة وهي سيدة الحمام سُمّيت بذلك لشدة جمالها وجمال ريشها اللافت للنظر ويكون على عنقها طوق، ومعها سرب من صديقاتها الحمام فهن كٌثر، وما إن نظرن إلى الحب فرحن لذلك وأقبلن عليه ليلتقطوه دون الانتباه إلى شبكة الصيد، فوقعن بالشبكة رغم ذكائهن.
أخذت كل حمامة تخفق بجناحيها، وتُحاول الخلاص لنفسها دون الاهتمام بصديقاتها فلا تستطيع أي إحداهما فك الشباك، بدأت الحمامة المطوقة وهي أكثرهن ذكاء بالتفكير من أجل الخروج من ذلك المأزق الذي وقعن به.
الحمامة المطوقة ومحاولة الفرار
قالت المطوقة لصديقاتها: أرجو من كل واحدة ألا تضرب بأجنحتها وتكف عن إنقاذ نفسها فقط فعليكنّ بالتعاون معًا، فنفس صديقاتكن أغلى من أنفسكن، فلا نجاة لواحدة دون الأخرى، فقالت صديقتها: ماذا نصنع؟ ردت المطوقة: بالاتحاد والتعاون ننجو جميعا.
عندما سمعت الحمامات ما قالته المطوقة اتّحدن وقررن أن يطرن معًا إلى أعلى كي يتخلّصن من الشباك العالقة على أجسادهن، وهنا كان الصياد فرِح من هذا الصيد الثمين وأقبل لينقضّ عليهن فطار الحمام بالشبكة، في ذات الوقت كان الغراب يراقب من بعيد فقال: والله لأتبعهن لأرى ما سيحدث لهن.
عندما رأى الصياد ما يحدث ضمر في قلبه السوء لهنّ وبدأ بملاحقتهنّ وهو غاضب، عندما رأت المطوقة أنّ الصياد يتبعهن، قالت لصديقاتها: إن بقينا في السماء لم يُخفَ عليه أمرنا فيتبع أثرنا، وإن دخلنا في العمران سيتبعنا فييأس وينصرف عنا، في الوقت ذاته ثبت الغراب على حاله وبقي ينظر إلى الحمام ماذا سيفعلن حتى يتعلم منهن إن وقع في مثل ما وقعن به.
الجرذ وتقطيع الشبكة
قالت المطوقة لصديقاتها: لديّ في المدينة أخ وصديق يُدعى زيرك وهو اسم جرذ، لو ذهبنا إليه سيخلصنا ممّا نحن فيه، نادت المطوقة زيرك فخرج من جحره واستنكر الذي رآه وقال للمطوقة: ما الذي أوقعكِ بالشباك وأنتِ ذكية؟ قالت له: إنه القدر بخيره وشره هو الذي أوقعني بتلك الورطة وأشارت إلى الحب الذي كان في الشباك.
طلبت المطوقة أن يبدأ بخلاصهن، فبدأ الجرذ بفك شباك الحمامة المطوقة أولًا فرفضت صنيعه وقالت له: ابدأ بفك شباك سائر صديقاتي أولًا ومن ثم أنا، وكرّرت ذلك مرارًا، عندما ألحّت على ذلك قال لها الجرذ: تطلبين مني ذلك وكأنّ ليس لكِ في نفسك حاجة!.
ردت عليه المطوقة: لو بدأت بي ربما تملّ عن فك شباك صديقاتي، ولكن إن بدأت بهنّ حتى إن أصابك التعب ستُواصل العمل من أجل أن تُحرّرني، قال لها الجرذ: كلّ يوم يزيد إعجابي بتفكيرك وتزيد المحبة والود بيننا، فقام بمثل ما طلبت منه حتى حرّرهن جميعًا وقاموا بشكره على صنيعه.
الخلاصة
تتجلّى العبرة من هذه القصّة بأنّ على الإنسان ألّا يكون أنانيّ التصرف؛ إذ لا بدّ من روح التعاون والجماعة من أجل الخلاص من المآزق التي يمرّ بها.