قصة الإسراء والمعراج للأطفال
قصة الإسراء والمعراج للأطفال
إن تعريف الأطفال بقصة الإسراء والمعراج بطريقة تناسب أفهامهم من المسؤول؛ سواء كان أبا أو أما أو معلما أمرٌ مهمٌ جداً، فذلك يغرس في قلوبهم محبة رسول الله والتعرف عليه وعلى سيرته، وبالتالي سيحرصون على الاقتداء به.
والإسراء والمعراج معجزة حقيقية حصلت مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في السنة العاشرة للبعثة بعد وفاة زوجته خديجة -رضي الله عنها- وعمّه، وبعد حزنه ومعاناته -صلى الله عليه وسلم- وتعرضه للأذى من المشركين في مكة والطائف، فأكرم الله -عز وجل- نبيه -صلى الله عليه وسلم- بهذه الرحلة الربانية المباركة.
وبيّن ذلك قوله -تعالى-: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ)، وسأذكر بعض التعريفات المهمة للقصة فيما يأتي:
- الإسراء: هو انتقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وسُمي الأقصى بذلك: لبعد المسافة بينه وبين المسجد الحرام.
- المعراج: هو الصعود به -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الأقصى إلى السماوات العُلا.
- البُراق: هي الدابة التي رَكِب عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رحلته، ففي الحديث: (ثُمَّ أُتِيتُ بدَابَّةٍ دُونَ البَغْلِ، وفَوْقَ الحِمَارِ أبْيَضَ).
لقاء النبي محمد بالأنبياء بالإسراء والمعراج
في هذه الليلة المباركة أُسري بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى راكباً على البُراق بصحبة جبريل -عليه السلام-، وعند وصولهم إلى بيت المقدس ربط البُراق بحلقة باب المسجد.
والتقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء -عليهم السلام- في المسجد الأقصى وصلّى بهم إماماً، ثم عُرِج به -صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات العُلا، وفي كل سماء يطلب جبريل -عليه السلام- الإذن بالدخول، فيؤذن له وترحّب الملائكة برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترحيباً شديداً، وقابل النبي محمد الأنبياء في السماوات:
- في السماء الدنيا قابل أبا البشر آدم -عليه السلام-، وألقى التحية، ورحّب به، وأقر بنبوته.
- في السماء الثانية رأى يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم -عليهما السلام-، وألقى التحية، ورحبا به، وأقرا بنبوته.
- في السماء الثالثة رأى يوسف -عليه السلام- ، وألقى التحية، ورحب به، وأقر بنبوته.
- في السماء الرابعة رأى إدريس -عليه السلام-، وألقى التحية، ورحب به، وأقر بنبوته.
- في السماء الخامسة رأى هارون بن عمران -عليه السلام-، وألقى التحية، ورحب به، وأقر بنبوته.
- في السماء السادسة رأى كليم الله موسى -عليه السلام-، وألقى التحية، ورحب به، وأقر بنبوته.
- وفي السماء السابعة لقي فيها خليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام-، وألقى التحية، ورحب به، وأقر بنبوته.
ثم عُرج به -صلى الله عليه وسلم- إلى سدرة المنتهى ؛ وهي شجرةٌ عظيمة الحجم والقدر، ومن تحتها تجري الأنهار، ثم خُيِّر -صلى الله عليه وسلم- بين اللبن والخمر، ففي الحديث: (ثُمَّ أُتِيتُ بإنَاءٍ مِن خَمْرٍ، وإنَاءٍ مِن لَبَنٍ، وإنَاءٍ مِن عَسَلٍ، فأخَذْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: هي الفِطْرَةُ الَّتي أنْتَ عَلَيْهَا وأُمَّتُكَ) ثم عُرج به إلى الجبار جل جلاله، فأوحى الله -عز وجل- إلى عبده محمد -صلى الله عليه وسلم- ما أوحى.
فرض الصلاة في الإسراء والمعراج
فرض الله في حادثة الإسراء والمعراج على النبي وعلى أمته خمسين صلاة، وعندما رجع رسول الله ومرَّ بموسى -عليه السلام-، فسأله النبي موسى بما أُمِر، فبيّن له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه أُمر بخمسين صلاة، فبيّن له موسى أن أمته لا تستطيع ذلك، فليرجع إلى الله ويسأله التخفيف لأمته، فراجع محمد صلى الله عليه وسلم إلى ربه يسأله التخفيف.
وهكذا إلى أن خُفّفت الفريضة إلى خمس صلوات في اليوم والليلة بأجر خمسين صلاة، ففي الحديث: (... قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ: أمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وخَفَّفْتُ عن عِبَادِي)، وشاهد النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الحادثة الجنة ونعيمها وأنهارها وحُسنها، ورأى بعض أهل النار وهم يعذّبون.
العودة إلى مكة
عاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نفس الليلة إلى مكة، وفي الصباح أخبر قومه بما حصل معه، فلم يصدّقوه، فكانوا بين مكذب ومشكك، وطلبوا أن يصف لهم بيت المقدس ، فوصفه لهم وصفاً دقيقاً، وأخبرهم عن القافلة التي رآها في طريق عودته وأوصافها، وعند وصول القافلة كانت كما وصفها -صلى الله عليه وسلم-، لكن ما زادهم ذلك إلا تكذيباً وكفراً.
ومع ذلك فلا بد لمواقف الصدق أن تتجلى، ففي الحديث: (لما أُسرِيَ بالنبيِّ إلى المسجدِ الأقْصى، أصبح يتحدَّثُ الناسُ بذلك، فارتدَّ ناسٌ ممن كانوا آمنوا به، وصدّقوه، وسَعَوْا بذلك إلى أبي بكرٍ).
(فقالوا: هل لك إلى صاحبِك يزعم أنه أُسرِيَ به الليلةَ إلى بيتِ المقدسِ؟ قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدَقَ، قالوا: أو تُصَدِّقُه أنه ذهب الليلةَ إلى بيتِ المقدسِ وجاء قبل أن يُصبِحَ؟ قال: نعم إني لَأُصَدِّقُه فيما هو أبعدُ من ذلك، أُصَدِّقُه بخبرِ السماءِ في غُدُوِّه أو رَوْحِه، فلذلك سُمِّي أبو بكٍر الصِّديقَ).