قصة الأميرة والوحش
عائلة التاجر وبناته الثلاث
تدور قصتنا في قديم الزمان ، حيث كان هناك تاجر لديه ثلاث بنات يحبهنّ جدًا، وكل يوم يذهب التاجر إلى السوق، من أجل البيع والشراء، وفي يومٍ من الأيام، أراد التاجر الذهاب إلى السوق، وسأل بناته: عمّا يرغبن به من هناك لجلبه لهنّ.
فطلبت البنت الأولى: ثوبًا جميلاً من الحرير، والثانية: طلب عقدًا من اللؤلؤ، وطلبت ابنته الثالثة: وردة جميلة حمراء، والابنة الثالثة: هي أصغر بنات التاجر، وأجملهن وأكثرهن دلالاً وقربًا من والدها.
رحلة التاجر المريبة إلى القلعة الغامضة
لم يكن الوصول إلى السوق بالأمر السهل، فقد كان بعيدًا عن بيت التاجر، ذهب الأب إلى السوق، وفي طريق العودة، هبت عاصفة قوية، وبدأ المطر يتساقط بغزارة، الأمر الذي دفع التاجر للاختباء في إحدى القلاع الواقعة بين السوق وبيته، فقرر البقاء في القلعة، إلى أن تهدأ الرياح والأمطار ويستطيع العودة إلى منزله.
كانت القلعة التي دخلها التاجر غريبة ومُريبة، فبدأ التاجر بالبحث عن سكان القلعة، لكي يستأذنهم للبقاء فيها ولكنه لم يجد أحدًا، وأثناء بحثه، وجد طاولة طعام مجهّزة بجميع أصناف المأكولات والمشروبات اللذيذة، التي تشتهيها الأنفس، وبسبب جوعه الشديد جلس على الطاولة، وبدأ بتناول الطعام، وبعد أن انتهى من طعامه عاد مرة أخرى، للبحث عن سكان القلعة.
فصعد إلى الطابق العلوي في محاولة لإيجاد أحدًا، وباء بحثه بالفشل، ولكنه وجد في الطابق العلوي قاعات كبيرة جميلة ومنظّمة، فيها غرف نوم واسعة، وأسرّة فخمة، فلم يستطع مقاومة النعاس الذي أصابه، فنام في إحدى الغرف، وغطّ في نومٍ عميق، وفي صباح اليوم التالي، عندما استيقظ التاجر، وجد بجانبه طعام الإفطار وكوبًا ساخنًا من القهوة اللذيذة ووعاءً مملوءً بالفاكهة.
واندهش التاجر لما يراه، وشكّ في الأمر، فالقلعة ليس فيها أحد، فمن الذي يأتي بالطعام والشراب والفاكهة؟ وفي أثناء مغادرة التاجر القلعة بعد أن هدأت الرياح والأمطار، وجد عند مدخل الباب الرئيسي ورودًا جميلة بكل الأشكال والألوان، فتذكّر طلب ابنته الصغرى، فقطف وردة لها.
وما أن قطف الوردة حتى سمع صوتًا كهدير الرّعد، يصرخ في وجهه ويخبره بأنه ناكرٌ للجميل، فبرغم كل الحفاوة التي حَظِي بها داخل القلعة إلا أنه قام بإفساد وروده، فنظر التاجر، فإذا وحش القلعة هو من يصرخ، فارتعد التاجر؛ من شدّة الخوف، وأخبره أن ابنته الصغيرة، طلبت منه أن يجلب لها وردة، فأعجبته هذه الورود الجميلة، فأحب أن يهدي ابنته واحدة منها.
طلب وحش القلعة من التاجر طلبًا غريبًا
أخبر الوحش التاجر أنه سيسامحه إذا أحضر ابنته الصغيرة إلى القلعة، فاضطر التاجر إلى إحضارها، فذهب إلى البيت وجلب ابنته إلى القلعة حتى لا يقتله الوحش، وعند عودة التاجر إلى القلعة ومعه ابنته، كان الوحش بانتظارهما، خافت الفتاة الصغيرة من منظر الوحش، ولكنها بعد فترة قصيرة اعتادت عليه، بل ومع مرور الوقت أصبحا صديقين قريبين جدًا.
ابنة التاجر الصغيرة رهينة القلعة
وفي يومٍ من الأيام أخبر الوحش الفتاة الصغيرة، أنها يتمنى أن تكون زوجته، اندهشت الفتاة من طلب الوحش، فكيف لفتاة جميلة مثلها أن تتزوّج من وحشٍ قبيح المظهر، ولكنها تذكّرت لُطفه وكرمه معها ومع والدها، وخافت أيضًا إن هي جرحت مشاعره ربما يقتل والدها، فاختارت أن تخبر الوحش بعدم الموافقة على طلبه بأسلوب مهذّب وجميل ومن دون أن تجرح مشاعره.
وفعلاً أخبرته بأنها غير موافقة على طلب زواجه منها وفي يومٍ من رأى الوحش الأميرة حزينة باكية، فسألها عن سبب بكائها، فأخبرته أنها اشتاقت لأهلها وتودّ أن تعرف أخبارهم، فأحضر لها الوحش مرآةً سحريّة تستطيع من خلالها مشاهدة أهلها وهي داخل القصر، ومن خلال المرآة السحريّة علمت الفتاة بمرض والدها مرضًا شديدًا منذ أن انتقلت هي للعيش في قلعة الوحش.
فشعرت الفتاة بالحزن الشديد وطلبت من الوحش أن يجعلها تذهب لزيارة أهلها، فلم يوافق الوحش على طلبها؛ لأنه خاف أن تذهب ولا تعود، وبقيت الفتاة تتوسّل للوحش أن يجعلها تذهب إلى أهلها، فرقّ قلب الوحش عليها، ووافق على ذهابها إلى بيتها، ولكنه اشترط على الفتاة أن تعود إلى القلعة بعد سبعة أيام.
شعرت الأميرة بالفرح الشديد؛ لموافقة الوحش على ذهابها لزيارة والدها، ووعدته بأنها ستعود إلى القلعة في الموعد المحدد، وودّعت الفتاة الوحش، وانطلقت إلى منزلها فَرِحة، وعندما عادت الأميرة إلى منزلها بدأت حالة والدها الصحيّة بالتحسّن بعد أن رآها واطمئن عليها.
وبدأت الفتاة تخبر أهلها عن حياتها في القلعة، وعن لُطف الوحش وتعامله الجيّد معها، وكيف أنهما أصبحا صديقين قريبين جدًا، وأنه لا يمكن أن يردّ لها طلبًا مهما كان، وبدأت الأيام تمر بسرعة إلى أن جاء موعد مغادرة الفتاة لمنزل أهلها وعودتها إلى القصر.
حلم ابنة التاجر الذي غيّر مجرى الأحداث
ولكن وفي نهاية اليوم السابع، حلمت الأميرة حلمًا غريبًا، فقد رأت الفتاة الوحش في منامها وهو يعاني من حالة صحيّة حرجة، وأنه على فراش الموت، فغادرت منزل أهلها مسرعة إلى القلعة، وعندما وصلت إلى هناك، بدأت بالبحث عن الوحش، ولكنها لم تجده، وعندما ذهبت إلى غرفة نومه، وجدته ملقىً في السرير وهو متعب جدًا ومغلق العينيين ولا يتكلّم أبدًا.
فبدأت الفتاة تناديه وتتوسّل إليه أن يبقى معها ولا يذهب، فهي قد أحبته من كل قلبها، ووعدته أنها ستتزوّجه إذا استيقظ وطاب من المرض، وعندما أخبرت الفتاة الوحش أنها ستتزوّجه، هنا حدثت الصدمة الكبرى، فقد تحوّل الوحش القبيح إلى شابٍ وسيم، وفتح عينيه ورأى الأميرة، وأخبرها أنه لم يكن وحشًا في يومٍ من الأيام، بل كان شابًا وسيمًا بالماضي.
ونتيجة سحر أثّر عليه، وأن السبب في رجوعه إلى طبيعته، هو موافقة الأميرة الجميلة على الزواج منه، فشعرت الأميرة بالسعادة الغامرة بمساعدتها للأمير، وتخليصه من سحره، وتزوّج الأمير من الأميرة، وعاشوا بأمانٍ وسعادة وهناء في القلعة الكبيرة.
وأخيرًا تعد قصة الأميرة والوحش وحدة من أفضل قصص الأطفال القصيرة التي تحث على الحرص على رضا الوالدين، وفدائهما بالروح إذا لزم الأمر، و مساعدة الأشخاص مهما كانت أشكالهم وألوانهم، ومعاملتهم بلطف وودّ، ومدّ يد العون لهم إذا احتاجوا لذلك، ومن يعمل المعروف سيجني ثماره، والوفاء بالعهود، والوعود مهما كلّفنا الأمر.