قصة إسلام الخنساء
قصة إسلام الخنساء
أسلمت الخنساء مع قومها بني سليم عندما قدموا جميعهم إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ليعلنوا إسلامهم، وقد كان الرسول -عليه الصلاة وأتمّ التسليم- يحبّ شعر الخنساء ويطلب منها إنشاد الشّعر، ويقول (هيه يا خناس) ويشير بيده، وقد حسن إسلامها.
وكان لها أخوان؛ أحدهما معاوية والآخر صخر، وقد ماتا عندما كانت في الجاهليّة فجعلت تنشد الشعر رثاءً لهما، وكانت من أشعر النّاس، وروي أنّها بقيت تبكي على أخويها حتى بعد أن أسلمت، فأخذها بنو عمّها إلى عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- وكانت إذ ذاك عجوزًا؛ فشكوا شدّة بكائها له، وطلبوا منه أن ينهاها علّها تنتهي.
ولمّا أمرها أمير المؤمنين بأن تتقي الله وتوقن بالموت، أخبرته بأنها موقنة بالموت وهي تبكي أباها وأخويها، فقال عمر: "أتبكين عَلَيْهِم وَقد صَارُوا جَمْرَة فِي النَّار"، فقالت: "ذَاك أَشد لبكائي عَلَيْهِم"، فتأثّر عمر -رضي الله عنه- بما سمع وأمرهم أن يدعوها لشأنها.
التعريف بالخنساء بنت عمرو
اسمها تماضر بنت عمرو الشريد بن رباح بن ثعلبة، وقد اشتهرت بالخنساء، تعود في نسبتها إلى قبيلة بني سليم، ولدت في الفترة الواقعة بين عامي (580م) و(590م)، وزوجها هو عبد الله بن عبد العزة السّلمي، وقيل: هو رواحة، ثمّ توفي وتزوّجت بعده بمرداس بن عامر من القبيلة ذاتها.
وكانت الخنساء من أشهر شعراء أهل عصرها، وكانت تنشد الشّعر في عكاظ، وكان النابغة قد جعل لها مكانة عالية بين الشّعراء، وقد اعتبرها الكثيرون أشعر شاعرات العرب. توفي أخوها معاوية إثر حرب، ثمّ توفي بعده أخوها صخر وهو يأخذ بثأره، فرثتهما في شعرها رثاءً حُفظ عبر التّاريخ، ثمّ أسلمت الخنساء مع قومها وعاشت إلى ما بعد خلافة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنهما-.
قصّة الخنساء في القادسيّة
روي أنّ الخنساء بنت عمرو شهدت معركة القادسيّة ؛ وكان معها أربعة من أولادها، وكانت قد قالت لأبنائها قبل ذهابهم للمعركة ليلًا: "إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين.. وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين..".
"يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين؛ فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين..".
ونصحت الخنساء أبناءها الأربعة بأن يذهبوا لقتال العدوّ؛ فإما أن يظفروا بالنّصر عليهم، وإمّا ينالون الشّهادة فتكون لهم جنّات النّعيم؛ فتقبّل الأبناء النصح وذهبوا إلى المعركة وقاتلوا أعداء الإسلام ببسالة وهم يرتجزون، ونالوا شرف الشّهادة -رضوان الله تعالى عليهم جميعًا-.
وعندما وصلت أنباء استشهادهم إلى الخنساء حمدت الله -تعالى- كثيرًا على هذه النّعمة، ودعته أن يجمعها معهم في جنّات الخلد، وظلّ عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- يعطيها أرزاق أولادها؛ لكلّ منهم مئتا درهم إلى أن توفّاها الله -تعالى-.