قصة إسلام
قصص إسلام أوائل الصحابة
يعرض هذا المقال لقصص عدد من الصحابة الكِرام الذين نالوا شرف السَّبقِ في الإسلام، وأكرمهم الله برسوخ الإيمان في قلوبهم، ومن أبرز قصص هؤلاء ما يأتي:
قصة إسلام عبد الله مسعود
هو عبد الله بن مسعود من بني زهرة، ويُكنّى بأبي عبد الرحمن، ونذكر أحداث قصّة إسلامه فيما يأتي:
- عمله عند عقبة والتقاؤه برجلين
كان عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يعمل برعي الغنم عند عقبة بن أبي معيط، فجاءه ذات يومٍ رجلان عليهما الهيبة والوقار، فسأله أحدهما -وهو النبي صلى الله عليه وسلم- عن وجود لبنٍ للسقيا، فأخبره ابن مسعود بأنّه مؤتمن على اللبن ولا يملكه، لِذا لا يستطيع أنْ يُعطيهما إياه.
- معجزة مسح النبيّ على ضرع الشاة
سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن مسعود عن شاة لا تدرّ اللبن، فأجاب ابن مسعود طلبه وقدّمها للنبي، فوضع النبيّ الكريم يده على ضرع الشاة وقرأ شيئاً من القرآن، وإذْ بضرعها يدرّ اللبن، فشرب الحبيب منه وأسقى صاحبه، ثمّ أمر الضرع أن تنقلص؛ أي تعود كما كانت سابقاً.
- بحث ابن مسعود عن النبيّ ودخوله في الإسلام
عندما رأى عبد الله بن مسعود هذه المعجزة وعرف أنّ هذا الرجل هو النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ترك الأغنام وأخذ يبحث عنه بلهفة إلى أنْ وجده، فأخذ يطلب من النبيّ الكريم أن يُعلّمه من الكلام الذي أسمعه إياه، فقال له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (يرحَمُك اللهُ إنَّكَ غلامٌ مُعلَّمٌ)؛ أي أراد الله لك الخير والهداية، وكان -رضي الله عنه- سادس مَن أسلم.
ويروي ابن مسعود -رضي الله عنه- ذلك فيقول: (كُنْتُ أرعى غنَمًا لِعُقبةَ بنِ أبي مُعَيْطٍ فمَرَّ بي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا غلامٌ فقال لي: يا غلامُ هل مِن لَبَنٍ؟ قُلْتُ: نَعم ولكِنْ مُؤتَمَنٌ، قال: فهل مِن شاةٍ لَمْ يَنْزُ عليها الفحلُ؟ قال: فأتَيْتُه فمسَح صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضَرْعَها فنزَل اللَّبَنُ، فحلَبه في إناءٍ فشرِب وسقى أبا بكرٍ ثمَّ قال للضَّرْعِ: انقلصي، فانقلَصَتْ، فقلت: يا رسولَ اللهِ علِّمْني مِن هذا القولِ، فمسَح رأسي وقال: يرحَمُك اللهُ إنَّكَ غلامٌ مُعلَّمٌ).
قصة إسلام عمر بن الخطاب
أعزّ الله -سبحانه- الدين بإسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وكان إسلامه شوكةً في حلق كفّار قريش، ونذكر أحداث ذلك فيما يأتي:
- عداوة عمر قبل إسلامه للنبيّ وخروجه لقتله
كان عمر -رضي الله عنه- معادياً للإسلام وللنبي -صلى الله عليه وسلم-، وخرج ذات يومٍ متوشِّحاً بسيفه يُريد النبيّ ليقتله، فلقيه نعيم بن عبد الله -وكان من قومه وقد أسلم-، فسأله عن سبب قدومه، فأخبره عمر بأنّه يُريد النبيّ ليقلته ويُنهي أمر دعوته التي تُخالف ما يؤمن به.
وحينها قال له نعيم: "لقد غرّتك نفسك يا عمر! أفلا ترجع إلى أهل بيتك، فتقيم أمرهم"، فأعلمه أنّ أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد قد أسلما دون علمه خوفاً منه بسبب شدّته على المسلمين، وتَابَعا النبيّ على دينه.
- غضب عمر بن الخطاب ورجوعه إلى أهله
عندما سمع عمر بذلك عاد مسرعاً إلى أخته وزوجها ليتأكّد من صحّة إسلامهم، وكان عندهما في ذلك الوقت خبّاب بن الأرتّ، حيث كان يأتيهما كل فترة ويقرأ عليهما القرآن، وعندما جاء عمر سمع قبل أن يدخل عليهم خباب وهو يتلو شيئاً من سورة طه، فشعروا بقدوم عمر وخبّأوا الصحيفة، واختبأ خباب بسرعة.
دخل عمر بن الخطاب عليهم غاضباً، وأخبرهم أنّه سمعهم يتلون شيئاً من الصحيفة، وأنّه علم بإسلامهم، وضرب زوج أخته سعيد، فقامت فاطمة تدافع عن زوجها فضربها عمر وشجّها، وحينها أخبرته أنّهم آمنوا بالله ورسوله، وليصنع ما بدا له.
- طلب عمر للصحيفة وقراءة ما فيها
عندما رأى عمر -رضي الله عنه- الدم في وجه أخته رقّ لها، وطلب منها أن تعطيه الصحيفة لينظر فيها، فطمعت فاطمة بإسلامه، وطلبت منه أن يغتسل قبل ذلك، لأنّ هذه الصحيفة لا يمسّها إلا مطهّر، فاغتسل عمر، وأخذ الصحيفة وقرأ ما فيها، فوجد كلاماً حسناً وقال: "ما أحسن هذا الكلام وأكرمه"!
وعندما سمع خبّاب بن الأرتّ ذلك خرج من مخبَئِه فرحاً وشجّعه على اعتناق هذا الدين، وأخبره أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد دعا الله أن يُعزّ الإسلام بإسلامه أو بإسلام أبي جهل، وقال: "فالله الله يا عمر"! فشرح الله صدر عمر وطلب من خبّاب أن يدلّه على مكان النبيّ حتى يأتيه ويدخل في الإسلام.
- ذهاب عمر إلى النبيّ وإعلانه للإسلام
دلّ خباب عمر على مكان النبي، وكان مع النبي مجموعة من الصحابة، فذهب عمر إليهم وضرب عليهم الباب، فرآه أحد الصحابة من خلال الباب ولم يفتح له، وذهب إلى النبي خائفا يخبره أنّ عمر يتوشّح سيفه، فطلب حمزة -رضي الله عنه- من الصحابي أن يفتح له، فإن كان يُريد خيراً أجابوه لذلك، وإن كان يريد شراً منعوه.
وأذِن النبيّ للصحابة أن يفتحوا له، فدخل عمرة وقام إليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وجذبه من ردائه طالباً منه أن ينتهي عن عداوته ويُبصر الحق، فقال له عمر -رضي الله عنه-: "يا رسول الله، جئتك لأؤمن بالله وبرسوله، وبما جاء به من عند الله"، فكبّر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وفرح المسلمون بإسلامه فرحاً شديداً.
وقد كان المسلمون قبل إسلام عمر -رضي الله عنه- لا يستطيعون إظهار إسلامهم، ولا يقدرون على الصلاة في الكعبة، بسبب العداء الشديد الذي كانوا يواجهونه من كفار قريش، ويقول عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "مَا كُنَّا نَقْدِرُ عَلَى أَنْ نُصَلِّيَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، حَتَّى أَسْلَمَ عُمَرُ".