قصة إدريس عليه السلام
قصة إدريس عليه السلام
إدريس -عليه السلام- هو أحد الأنبياء الكرام ورسول من رسل الله -عليهم السلام-، دعا قومه إلى عبادة الله -تعالى- وحده والقيام بالأعمال الصالحة ليخلّصوا أنفسهم من العذاب، قيل إنّه جاء قبل سيّدنا نوح -عليه السلام- وقيل عكس ذلك، وهو كما يُقال أوّل من خطّ بالقلم.
كان على اطّلاع على العلوم المختلفة منها علم النجوم وسيرها وعلوم الحساب، كما أنّه -عليه السلام- كان أوّل من خاط ثيتبًا ولبسها، وقد ورد ذكر إدريس -عليه السلام- في القرآن الكريم في موضعين؛ أحدهما وصف فيه بالصّلاح والصبر.
والآخر بيّن الله -سبحانه وتعالى- أنّه رفعه مكانًا عليًا لما كان عليه من الصبر والصلاح، وقد قال أكثر المفسّرين: إنّه رفع حقيقي، إلا أنّ المكان الذي رُفع إليه وسبب الرفع وحال سيّدنا إدريس وقتها مُختلَف عليه.
قصة رفع سيدنا إدريس
تعددت أقوال المفسرين في كيفيّة رفع سيّدنا إدريس -عليه السلام-، فقال بعضهم: إنّه رفع معنوي يدلّ على منزلته العالية ومكانته العظيمة كونه نبيًا مرسلًا من الله -سبحانه وتعالى-، وقال آخرون وهو الرأي الذي عليه أغلب المفسرين: إنّه رفع حسّي حقيقي، وتعددت أقوالهم أيضاً في الدرجة التي رفع إليها.
قال بعضهم: رُفع إلى السماء السادسة وقال آخرون: إلى الرابعة، وثبت عن النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- أنّه رآه في السماء الرابعة، قال -صلى الله عليه وسلّم-: (فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ قَالَ هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ) ، وقد بيّن ابن كثير أنّ هذا الحديث المتفق عليه الذي ذكر أنّه في السماء الرابعة أصح.
ذكر ابن حجر في كتابه فتح الباري من قصص الإسرائيليات؛ أنّ صديقًا لسيّدنا إدريس من الملائكة حمله بين جناحه وصعد به إلى السماء بعد أن سأله هو ذلك، ولمّا وصل إلى السماء الرابعة لقي ملك الموت، فقبض روحه فيها؛ لأنه أُمر بأن يقبض روحه في السماء الرابعة.
إدريس عليه السلام في القرآن
ذكر الله -تعالى- سيّدنا إدريس في القرآن الكريم في موضعين، بيانهم كما يأتي:
- ذِكر سيّدنا إدريس في سورة الأنبياء
قال الله -سبحانه وتعالى- في سورة الأنبياء: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ ۖ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ* وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ)، في هاتين الآيتين الكريمتين وصف الله -سبحانه وتعالى- سيّدنا إدريس ونبيّ الله إسماعيل و ذي الكفل .
أنّهم جميعهم كانوا من الصابرين، وأنّه قد أدخلهم في رحمته؛ التي يقصد بها نعمته في الآخرة أو النبوة؛ لأنهم كانوا صالحين بعيدين عن الفساد الذي قد يكدّر الصلاح بأيّ حال.
- ذِكر سيّدنا إدريس في سورة مريم
قال -تعالى- في سورة مريم: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا* وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا)، وفي هاتين الآيتين بيّن الله -تعالى- أنَّ سيّدنا إدريس كان صادقًا فيما يقوم به من الأفعال والأقوال، ومصدقًا بآيات الله -تعالى- وما ورده على لسان الملائكة، كما أنّه كان نبيًا رسولًا موحى إليه بشرع من الله -تعالى- أُمر بأن يبلغه وأوتي من الصحف ثلاثين كما ورد في حديثٍ لأبي ذرّ.
وقد أعلى الله -تعالى- درجته ورفعه مكانًا عليًا؛ فقد آتاه النبوّة وشرّفه بها على تفسير القائلين بأنّه رفع معنوي، ورفعه إلى السماء الرابعة وفقًا لمن قال: إنّ الرفع حسيّ، والثاني لا ينافي الأوّل.
روايات عن إدريس عليه السلام
وردت عن سيّدنا إدريس -عليه السّلام- مجموعة من الروايات التي لا يعلم صحّتها وهي أقرب إلى الضعف لعدم ورود دليل عليها من الكتاب أو السنة المطهّرة ولا حتى من الآثار المتروكة؛ قيل إنه كان ملكًا على مصر وإنّه كان يعيش في بابل إلّا أنّه أوذي من أهلها فدعا ربّه أن يبعثه إلى أرض مثلها، فأوحى إليه أن يقصِد مصر فذهب إليها وعاش ملكًا عليها.
قيل إنّ إدريس -عليه السلام- أول من قام ببناء الأهرامات، وأودع فيها علومًا مختلفة كان يخشى ضياعها، وقيل: إنّ هذه الأهرامات كانت قبورًا له ولجدّه شيث بن آدم -عليهم السلام-، كما أنّه أوّل من بنى بيوتًا للعبادة في مصر.
قيل أيضًا إنّ إدريس -عليه السلام- كان مُطلعاً على كثير من العلوم المختلفة؛ فقد كان أّول من علّم الناس علوم الطبّ، وتعلّم علم الفلك واستخدمه في معرفة حركة الكواكب، وكان يستطيع أن يستدل من علم الفلك على معرفة إن كان هناك طوفان قادم.