قراءة رواية طبيب أرياف
قراءة رواية طبيب أرياف
تعد رحلة الطبيب في هذه الرواية رحلة مؤلمة للغاية، فقد سافر من القاهرة إلى الصعيد مثقلًا بالهموم، ويعبر هذا الترحال في الرواية عن انكسار الروح، وزوال الواقع، فلم يكن الطبيب علي مسرورًا بهذا الرحيل، بل كان مجبرًا عليه، وذلك بسبب صدور قرار نفيه من القاهرة، بعد أن خرج من المعتقل الذي سُجن فيه لسنوات.
عندما يخرج الطبيب من المعتقل، ويذهب إلى محطة الباص، ليذهب إلى الريف تاركًا المدينة خلفه، سيتغير عالمه، وستبدأ معالم البؤس والمعاناة والشقاء بالظهور جلية أما عينيه، فالقادم هو الأسوأ بالتأكيد، وفي الرواية تُروى جميع الأحداث على لسان الطبيب، فتتكون الرواية من 12 فصلاً، ويبدو علي بالحديث عن تفاصيل حياته التي عاشها في المعتقل.
الوجود النسوي في الرواية
سيشعر القارئ في أولى صفحات الرواية، بأن البطل متورطًا ومُجبرًا على الذهاب إلى المجهور، فهو يعيش العديد من المفارقات، التي تتمثل بقانون المكان وآلية سيره، الذي كان ولا زال محكومًا للتجار والكهنة والحكام، وقد مثّل المنسي الوجود النسوي من خلال الرواية بشخصية الممرضة فرح، التي تعمل مع علي في الوحدة الصحية.
تطورت فرح بعلاقة حب مع علي، تكون نتيجتها الحمل، ويقدم الكاتب من خلال هذه الشخصية العديد من التناقضات الموجودة داخل المرأة، وعلى الرغم من عدم خروج فرح من القرية النائية التي تسكنها، إلا أنها تمتلك وعياً كبيراً، ومعلومات واقعية كثيرة، وتقول بأن إنقاذ الجنين الذي تحمله في أحشائها هو أفضل شيء يمكن فعله في هذا الموقف.
الدلالة الفنية في الرواية
يوجد في هذه الرواية أبعاد تخيلية، تقوم عليها الحبكة الفنية، فتعتمد الرواية بشكل رئيسي على محاكاة الواقع، وتفكيك التفاصيل والأحداث المأخوذة من جوهر الحياة التي يراها جلية أمام عينيه، فيكون أبطال الرواية أبطالاً من الداخل، ولكن اخياراتهم جميعها تدل على الانكسار العميق.
بينما يعيش الطبيب في بيئة يسودها الصراعات الدينية والثقافية والاجتماعية، فإنه لا يزال قادرًا على التفكير في الحب والجنس والغناء، وهذه الصورة التي وضحها الكاتب في الرواية صادق للغاية، ففي شخصية أخرى في الرواية تعد دليل واضحًا على هذا، هو اغتصاب غجرية من قبل أحد رجال الأمن في الريف، فيحاول الطبيب مساعدة المرأة ومساندتها بشتى الطرق.
تمثلت بداية الرواية بالصراع العميق بين الرحلة، والمنفى، وبعدها بدأت تعرض العديد من الصراعات الأخرى، وكانت نهايتها تشابك المصير الذي انتهت به كل شخصية من شخصيات الرواية بصورة حزينة للغاية، وصور الراوي أن هذه النهاية المفجعة، ما هي إلا نتيجة لاختياراتهم التي تناقض بعضها البعض في المجتمع الريفي.
نبذة عن رواية طبيب أرياف
رواية طبيب أرياف، هي إحدى الروايات العربية ، التي ألفها الروائي المصري محمد المنسي قنديل ، وتمثّل في أحداثها واقع الحياة الخفي في الريف المصري، ومحاولة إحداث التغيير في هذه المنطقة التي تتصف بالبدائية، وكل ذلك تم تمثيله من خلال بطل الرواية، وهو طبيب يسكن الريف الصعيدي وحيدًا، لأنه عاش الكثير من المصاعب في حياته.
عبّر محمد المنسي قنديل عن العديد من المشاعر متداخلة، فعبّر عن الحب، من خلال حب الطبيب للممرضة، وعبّر عن اليأس من خلال الوحدة التي عاشها الطبيب في الصعيد، وعبّر عن الرغبة من خلال رغبة الطبيب بتغيير الواقع وكسر البدائية التي يعيشها أهل المنطقة، كما عبّر عن القوى المسيطرة على هذا الريف الواقع في الصحراء، وهي القبائلة الغجرية، مقابل الحكومة.
اقتباسات من رواية طبيب أرياف
جاء في رواية طبيب الأرياف العديد من الأحداث المهمة، والجمل التي يقف القارئ عندها مطولًا ويفكر فيها، وتبقى عالقة بذهنه للأبد، وبعض الاقتباسات من هذه الرواية فيما يأتي:
- "أدرك أن جذور المرض مقيمة في مصر بينما الصحة عرض زائل، مثلما تمَّ خلق الظلام وجعله مقيمًًا في ثنايا راقدًا تربتها ووضع النور في أماكن أخرى".
- "كيف استدار الزمن لهذه الدرجة؟ كيف تحوَّلت عهود الحبِّ إلى ضحكة هازئة".
- "العذاب الحقيقي هو الافتقاد، الإحساس بتفردي في الكون وليس هناك من يقدم لي يد العون، نجم ضائع في مجرة بالغة الاتساع، يمكن أن أسقط في أي ثقب أسود دون أن أترك أثرًا".
- "“إن كل ما أقوم به يثير الشبهات لدى الآخرين، ربما هو الإحساس بالذنب، لا يفارقني سواء كنت وحدي أو بين الزحام".