فوائد الطهارة الصحية
تعريف الطّهارة
يشتمل مصطلح الطّهارة على تعريفين هما:
- الطّهارة لغةً: وهي مصدر الفعل طَهُرَ، وهي بمعنى الحسن والنّظافة، فعندما يقال طَهُر الشّيء أي نظف، وتطهّر الرّجل أي تنزّه عن أيّ دنسٍ أصابه، فأصبح طاهراً، ومنها طهارة النّفس أي تخليصها ممّا قد يصيبها من حقدٍ، أو حسدٍ، أو غير ذلك من الشّوائب التي تُحدث أثراً في القلب فتفسده.
- الطّهارة اصطلاحاً: وهي كما عرّفها الشّرع الإسلاميّ أنّها القيام بغسل أعضاءٍ معيّنةٍ على حسب صفةٍ خاصّة، وهي أيضاً إزالة النّجس والخبث، ورفع الحدث، وتكون بالغسل، أو الوضوء، أو التّيمم .
ويندرج حكم الطّهارة تحت الواجب، قال تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)، والطهارة من الحدث واجبةٌ للمسلم حتّى يستطيع أداء الصّلاة ، ودليل ذلك ما ورد في الحديث الشّريف الآتي: (دَخَلَ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ علَى ابْنِ عامِرٍ يَعُودُهُ وهو مَرِيضٌ فقالَ: ألا تَدْعُو اللَّهَ لي يا ابْنَ عُمَرَ؟ قالَ: إنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بغيرِ طُهُورٍ ولا صَدَقَةٌ مِن غُلُولٍ، وَكُنْتَ علَى البَصْرَةِ).
فوائد الطهارة الصحية
لم تظهر في الحقيقة إلى الآن دراسات طبية وعلمية وافية تؤكّد الفوائد الصحية التي تتعلّق بالتعاليم الإسلامية في الوضوء على وجه الخصوص، فحتى يكون بالإمكان الحديث عن ذلك علمياً وباستفاضةٍ أكبر؛ لا بد من وجود المزيد من الدراسات والأبحاث في ذلك، ولكن بشكلٍ عام عندما يقوم الإنسان بغسل يديه، وفمه، وأنفه، ووجهه، وذراعيه، وقدمية بالماء النظيف الطاهر ولأكثر من مرة خلال اليوم، فإن ذلك يساهم في إزالة الجراثيم والأوساخ، ويحافظ على نظافة الجسم، فمن المعروف أن الجلد والأنف والفم تعدّ بيئة مساعدة لتكاثر البكتيريا، وتجدر الإشارة إلى ضرورة غسل اليدين بالماء والصابون بشكلٍ متكرّر في اليوم؛ وذلك للتقليل من خطر الإصابة ببعض الأمراض، خصوصاً قبل تناول الطعام، وبعده، وعند الخروج من الحمام.
شروط وجوب الطّهارة
تجب الطّهارة على من تجب عليه الصّلاة، وذلك حسب عشرة شروط:
- أن يكون مسلماً، فبذلك هي لا تجب على الكافر ، حيث إنّ الصّلاة لا تصحّ من الكافر بالإجماع.
- أن يكون عاقلاً مميّزاً، فمن كان مجنوناً، أو في حالة إغماءٍ فلا تجب عليه الطّهارة، أمّا إن كان في حالة سكرٍ فالطّهارة واجبةٌ عليه لا تسقط.
- أن يكون بالغاً، فإنّ الصّبيّ لا تجب طهارته، والبلوغ يتحقّق بخمس علاماتٍ هي: الاحتلام، وظهور الشّعر، والحيض ، والحمل، وبلوغ السّن المعتبرة، وقد اختُلف في السّن فقيل إنّه خمسة عشر عاماً، وقيل سبعة عشر عاماً، في حين قال أبو حنيفة ثمانية عشر عاماً.
- أن ينقطع الدّم النّاشئ عن الحيض أو النّفاس ، فتجب حينئذٍ الطهارة للقيام بالصلاة والعبادات الواجبة.
- أن يكون قد دخل الوقت.
- أن لا يكون نائماً، ولا ناسياً، ولا مكرهاً، ويجب عليهم قضاء ما فاتهم بالإجماع.
- أن يكون الماء أو التّراب الطّاهر متواجداً.
- أن يكون قادراً على الفعل قدر الإمكان.
أنواع الطّهارة
تقسّم الطّهارة من حيث أنواعها إلى ثلاثة أنواعٍ هي:
- النّوع الأوّل: الطّهارة من الذّنوب والمعاصي التي ارتكبها الإنسان، وهذا كان فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث كان يسأل الله -تعالى- ويدعوه أن يطّهره من ذنوبه ومعاصيه.
- النّوع الثّاني: الطّهارة من الخبث، والخبث هو أيّ نجاسةٍ حسيّةٍ أصابت الإنسان، من بولٍ، أو غائطٍ، أو دمٍ، أو خمرٍ مائعٍ، وغيرها، وهذه النّجاسة لا يمكن الطّهارة منها إلّا بالماء الطّهور وذلك حسب جمهور أهل العلم، فيجب على الإنسان حتّى يطهر منها أن يقوم بالاغتسال بالماء الطّاهر حتّى تتمّ إزالة النّجاسة بشكلٍ كاملٍ من حيث: اللّون، والرّائحة، والطّعم، ويُستثنى من ذلك نجاسة الكلب والخنزير وما ولد منهما، فتكون الطّهارة من نجاستهما بالاغتسال سبع مرّات، على أن تكون إحداهنّ بالتّراب.
- النّوع الثّالث: الطّهارة من الحدث، والحدث يقسم إلى قسمين هما:
- الأوّل: وهو الحدث الأكبر، وهو الذي بحصوله يستدعي وجوب الغسل ، ويكون الغسل بالبدء بالنّية ثمّ تعميم جميع البدن بالماء، ومن أسباب الحدث الأكبر: خروج المني، وتغييب الحشفة التي هي طرف الذّكر في الفرج قبلاً كان أو دبراً حتى لو لم ينزل المني، وكذلك من الأسباب الخاصّة بالمرأة انقطاع الدّم النّاشئ عن الحيض أو النّفاس.
- الثّاني: وهو الحدث الأصغر، وهو الذي بحصوله يستدعي وجوب الوضوء، ويكون الوضوء الواجب بالبدء بالنّية، ثمّ غسل الوجه، ثمّ غسل اليدين إلى المرفقين، ثمّ مسح الرّأس، ثمّ غسل الرّجلين إلى الكعبين، ومن أسباب الحدث الأصغر: خروج أمرٍ من أحد السّبيلين؛ من بولٍ، أو مذيٍ، أو غائطٍ، أو حصاةٍ، أو أيّ ما يخرج من أحد السّبيلين، وأيضاً مسّ الفرج من خلال باطن الكف، وانعدام العقل من خلال النّوم، أو حالة الإغماء، أو السّكر.
أهميّة الطّهارة
تتجلّى الحكمة من تشريع الطّهارة في نقاطٍ عدّةٍ تبيّن أهميّتها، والحكمة من مشروعيّتها، وفيمايأتي ذكرها:
- النجاة من عذاب القبر ، حيث إنّ التّقصير في التّطهّر من أيّ نجاسةٍ تصيب الإنسان يؤدّي إلى العذاب في القبر، ودليل ذلك ما ورد في الحديث الشّريف الآتي: (مَرَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحَائِطٍ مِن حِيطَانِ المَدِينَةِ، أوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ في قُبُورِهِمَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ ثُمَّ قالَ: بَلَى، كانَ أحَدُهُما لا يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ، وكانَ الآخَرُ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ. ثُمَّ دَعَا بجَرِيدَةٍ، فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ علَى كُلِّ قَبْرٍ منهما كِسْرَةً، فقِيلَ له: يا رَسولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هذا؟ قالَ: لَعَلَّهُ أنْ يُخَفَّفَ عنْهما ما لَمْ تَيْبَسَا أوْ: إلى أنْ يَيْبَسَا).
- دليلٌ على فطرة الإنسان التي فطر عليها، فالإسلام هو دين الفطرة، والإنسان بطبعه يحبّ النّظافة، والحسن، والجمال، ويبتعد عن النّجاسة، والأوساخ التي من الممكن أن تصيبه، وبذلك يكون سليم الفطرة التي فطر عليها، ومتى ما كان الإنسان نظيفاً وجميلاً، اقترب منه النّاس أكثر، وبالتّالي كان على مقدرةٍ بأن يدعوهم لدين الله تعالى.
- نيل المدح والثّناء من الله تعالى، فإنّ الله -تعالى- يحبّ عباده المتطهّرين، قال تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
- لقاء المسلم الله -تعالى- وهو بحالةٍ من النّظافة، والحسن، والجمال، فالمسلم على مواعيدٍ شتّى مع ربّه، فينبغي أن يكون حريصاً على نظافته حتّى يلاقي الله -تعالى- وهو بأحسن حال.
- الطّهارة شرط صحّةٍ من شروط صحّة الصّلاة ، فلا تقبل صلاة العبد دون طهارته.
- حماية الإنسان من الكثير من الأمراض التي قد تصيبه، فالأوساخ والنّجاسات تؤدّي للإصابة بالأمراض.
- زوال البعد عن القلب والرّوح الذي قد يحصل نتيجة الجنابة، فعندما يتطهّر المسلم فإنّ هذا البعد يتلاشى.
- الطّهارة شطر الإيمان ، وذلك وصف رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لها.
- حصول القوّة في جسم الإنسان عند الاغتسال.