فوائد السجود
أركان الصلاة
تعتبر الصّلاة من أهم العبادات التي يُسأل عنها العبد يوم القيامة، فالصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام ، حيث ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أنّه قال: سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: (إنَّ الإسلامَ بُنِيَ على خَمسٍ، شَهادةِ أنَّ لا إلَه إلَّا اللَّهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وصيامِ رمضانَ، وحَجِّ البيتِ)، حيث جعل الإسلام للصلاة أركان، لا تصحّ صلاة العبد إلاّ بفعلها، حيث يعرّف الركن بأنّه: أفعالٌ وأقوالٌ تتركّب منه ماهيّة الصلاة، ولا تصحّ دونها، وأركان الصلاة هي: القيام، وتكبيرة الإحرام ، وقراءة سورة الفاتحة، والركوع، والاعتدال منه، والسجود والاعتدال منه، والطمأنينة في كلّ ركنٍ من أركان الصلاة، والتشهّد الأخير، والجلوس له، والصلاة على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في التشهّد الأخير، والترتيب بين الأركان، والتسليم ، وفي هذا المقال سيتم بيان ركنٍ من أركان الصلاة وهو؛ السجود ، فهو موجودٌ في الصلاة ، يُكرّر في كلّ ركعةٍ مرتين، كما أنّه موجودٌ في غير الصلاة؛ كسجود التلاوة ، وسجود الشكر، سيتم تناول موضوع السجود من حيث؛ المعنى، والحكم الشرعي له، وفوائده.
معنى السجود
السجود لفظٌ، لها معنيان؛ واحدٌ في اللغة، وآخرٌ في الاصطلاح وفيما يأتي بيانٌ لهما:
- السجود في اللغة اسمٌ، يُقال: سجد، يسجد، سجوداً، ويٌراد به: الخضوع والتذلّل، حيث يُقال: سجد الرجل أي؛ طأطأ رأسه وانحنى، وسجد البعير أي؛ طأطأ رأسه ليُركب، وسجدت السفينة للريح أي؛ مالت بميلها، وسجد العبد أي؛ وضع جبهته على الأرض خضوعاً وتعبّداً، ومنه قول الله -تعالى- في القرآن الكريم : (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)، وسجدت المخلوقات أي؛ خضعت وانقادت.
- يُقصد بالسجود في الاصطلاح وضع العبد جبهته كلّها أو بعضها على الأرض، أو ما اتصل بالأرض من ثابتٍ مستقرٍ على هيئةٍ مخصوصةٍ في الصلاة.
حكم السجود
أجمع الفقهاء على أنّ سجود الإنسان للصنم، أو الشمس ونحوه ممّا خلق الله تعالى، كفر، يُخرج فاعله من ملّة الإسلام؛ إذا كان عاقلاً، وبالغاً، ومختاراً، ويستوي في ذلك إذا كان عامداً لفعله، أو هازلاً، كما أجمع الفقهاء -رحمهم الله- أيضاً على أنّ السجود لغير الصنم؛ كالملوك والجبابرة، أو أيّ مخلوقٍ آخر، هو من المحرّمات التي نهى الله -تعالى- عنها، ومن كبائر الذنوب ، فإذا أراد الإنسان بفعله وبسجوده عبادة المخلوق الذي يسجد له، فقد كفر وخرج من الملّة، وإن لم يُرد بسجوده العبادة؛ ذهب فقهاء الحنفية إلى أنّه يكفّر مطلقاً، وذهب آخرون إلى القول: بأنّه إذا لم يرد بسجوده سوى التحية لا يكفر، وإن لم تكن له إرادة الكفر.
أمّا بالنسبة لسجود الصلاة، فقد وقع إجماع الفقهاء على فرضيته، وأنّه ركنٌ من أركان الصلاة، حيث دلّت على ذلك نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية ، والإجماع، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم، في حديث المسيء صلاته: (ثم اسجُدْ حتى تَطمَئِنَّ ساجِدًا)، كما أجمع الفقهاء على وجوب سجدتين في كلّ ركعةٍ من ركعات الصلاة، سواءً أكانت الصلاة فرضاً أم نافلةً، واتفقوا على أنّ السجود الكامل يكون بسجود المصلّي على سبعة أعضاءٍ، وهذه الأعضاء هي: الجبهة، والأنف، واليدين، والركبتين، والقدمين، ومن كمال السجود أن ترتفع أسافل العبد على أعاليه، ويكون كاشفاً وجهه ليباشر به إلى الأرض، وأن يطمئن في سجوده، وأن يعتدل في السجود، ويرفع ذراعيه عن الأرض، ولا يفترشهما، وينصب قدميه، ويوجه أصابع رجليه واليدين باتجاه القبلة، ويجافي بين مرفقيه وجنبيه، ويرفع بطنه عن فخذيه، ويفرج بين قدميه وفخذيه وركبتيه، وأن يضع راحتي يديه على الأرض مبسوطتين، ومضمومتي الأصابع، بعضهما إلى بعض، ومستقبلا بهما القبلة ، ويضعهما حذو منكبيه.
فوائد السجود
يعتبر السجود من أعظم مراتب الخضوع، وأفضل درجات الخشوع، وهو من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى، له العديد من الفوائد التي تعود على العبد بالخير في الدنيا والآخرة، وفيما يأتي بيانٌ لبعضها:
- أقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى وهو ساجدٌ، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أقرَبُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجِدٌ؛ فأكثِروا الدُّعاءَ).
- حرّم الله -تعالى- على النار أكل آثار السجود في العبد، حيث روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (حتَّى إذا أرادَ اللهُ رَحمةَ مَن أراد مِن أَهلِ النَّارِ، أَمرَ اللهُ المَلائكةَ أنْ يُخرِجوا مَن كان يَعبُدُ اللهَ، فيُخرِجونَهم ويَعرِفونَهم بآثارِ السُّجودِ، وحرَّم اللهُ على النَّارِ أنْ تَأكُلَ أثَرَ السُّجودِ، فيُخرَجونَ منَ النَّارِ، فكُلُّ ابنِ أدمَ تَأكُلُه النَّارُ إلَّا أثرَ السُّجودِ، فيُخرَجونَ مِنَ النَّار).
- حطّ الخطايا عن العبد، وارتفاع درجته في الجنة في الآخرة.
- طاعة لله تعالى، وخيبة الشيطان .
- معرفة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لأهل السجود من بين الخلائق كلّها، لما يظهر عليهم من أثر السجود.