فوائد الرسم للصحة النفسية
فوائد الرسم للصحة النفسية
يوفر الرسم فوائد عدّة للصحة النفسيّة وقد يكون لفوائده في تحسين نفسية الفرد دور كبير في التأثير على حياتهِ اليومية، وقد تمّ اتّباع طريقة العلاج بالفن (بالإنجليزية: Art therapy) من قِبَل الأطباء والمعالجين النفسيين منذ عدّة عقود لعلاج الأشخاص من مختلف الفئات العُمريّة بما في ذلك الأشخاص الذين يعانون من اضطراباتٍ عقليّة أو نفسيّة، والمشاركون في الحروب، والسجناء، كما وجد أنّ العلاج بالفن يفيد الأشخاص الذين يعانون من أمراض جسدية و اضطرابات نفسيّة في آن واحد، ومن الفوائد الواعدة والمحتملة لهذا النوع من العلاج والتي تحتاج إلى المزيد من الدراسات لتأكيدها تحسين التفاعل والتواصل الاجتماعيّ لدى الأشخاص المصابين، والحدّ من مستويات القلق النفسيّ، وتسريع مدّة الشفاء وبالتالي الحدّ من المدّة اللازمة للبقاء في المستشفى، بالإضافة إلى السيطرة على الألم، وفيما يأتي بيان بعض فوائد الرسم للصحّة النفسيّة:
تعزيز الإبداع والتفكير
يُوسّع الرسم دائرة التفكير لدى الشخص ممّا يساهم في بروز الأفكار الإبداعيّة غير المألوفة، بالإضافة إلى تعزيز مهارات حلّ المشكلات .
التخفيف من القلق والتوتر النفسي
للرسم تأثير مشابه لتأثير تمارين التأمل وتصفية الذهن على الجسم، لكن الرسم يتفوق أيضًا على هذه التمارين بالواقعيّة والمرئيّة، كما يشار إلى أنّ الجلوس للتأمل قد يكون بحدّ ذاته مرهقًا للجسد على عكس الرسم الذي يساعد على التخفيف من الضغوط النفسيّة والجسديّة، وتساهم حركات الرسم المتكرّرة والمتناغمة في تهدئة الدماغ وتعزيز قدرته على التعامل مع الأحداث المتسارعة والكثيفة من حوله، وبالتالي فإنه يجدر عدم الاستهانة بأيّ وقت يمكن تخصيصه للرسم في اليوم؛ إذ قد تكفي عشر دقائق من الرسم يوميًّا لملاحظة تأثيرات إيجابيّة ملحوظة على الصحّة النفسيّة والتخفيف من القلق و التوتّر النفسيّ .
التخفيف من أعراض الصدمة النفسية
لقد تم إجراء دراسات حول أثر الرسم في التخفيف من أعراض الصدمة النفسيّة، ومنها دراسة نشرت في مجلة الجمعية الأمريكية لعلم النفس (بالإنجليزية: American Psychological Association) عام 2007 م، وتم إجراؤها على مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (بالإنجليزية: Post-traumatic stress disorder) واختصارًا PTSD، وقد أظهرت الدراسة أنّ لنوع الرسومات المختارة دور مهمّ في درجة التأثير في الشخص المصاب؛ فقد تبيّن أنّ الأعراض الظاهرة على الأشخاص المصابين انخفضت لدى من قام برسم أشكال هندسيّة متناسقة بشكلٍ دوريّ بعد متابعتهم لمدة شهر، بينما لم تَظهر نتائج ملحوظة لانخفاض الأعراض لدى الأشخاص الذين قاموا برسم بعض الأجسام الأخرى، ويُشار إلى أنّه تمّ الأخذ بعين الاعتبار الفروقات الأخرى أيضًا بين المشاركين في الدراسة دون ظهور نتائج ذات أهميّة ملحوظة إلا ما تم ذكره بخصوص نوع الرسومات وأثرها في تخفيف أعراض الصدمة، كما وُجد هذا الاختلاف أيضًا في درجات القلق النفسيّ بحسب نوع الرسومات بين الأشخاص الذين تعرّضوا لصدمات نفسيّة أقلّ شدّة، وهو ما قد يظهر تأثير الرسم في التخفيف من أعراض الصدمة خصوصًا في الحالات البسيطة من المرض.
تصفية الذهن وتعزيز اليقظة والتركيز
يمكن تعريف اليقظة أو التركيز بأنها القدرة الأساسية على الإدراك التامّ لما يحدث من حولنا ولما نفعله مع عدم التفاعل المفرط مع المعطيات والتأثيرات الخارجيّة، ويشار إلى أن الرسم والتلوين يساهم في تركيز التفكير والانتباه على حركات اليد، وسطوع الألوان المستخدمة، وملمس ورقة الرسم، مع تجنّب التفكير في المشاعر؛ ممّا يساهم في تخفيف الانخراط في المشاعر والأفكار السلبيّة، كما يساعد الإبداع في الرسم على تصفية الذهن وتقبّل الشخص لذاته خلال مدّة الرسم على الأقل، بالإضافة إلى إمكانيّة انعكاس مصدر قلق الشخص ضمن رسوماته ممّا يساهم في علاج جذور المشكلة أيضًا.
تحسين المزاج
يساهم الرسم في تشتيت انتباه الشخص عن الأمور والمشاعر السلبيّة من خلال التركيز بالرسم وبالتالي تحسّين المزاج لديه ويتوافق ذلك مع ما يُذكر في أسس تنظيم المشاعر، وفي دراسة نشرت عام 2021 م في مجلة الحدود في علم النفس (بالإنحليزية: Frontiers in Psychology) تم إجراؤها بناءً على عدد من الدراسات السابقة فقد بينت جميعها أنّ للرسم تأثيرًا أفضل في تحسين المزاج عندما يُعتبر كمصدر للإلهاء عما إذا تمّ استخدامه كوسيلة للتعبير حتى عندما يكون محتوى الرسم محايدًا؛ كرسم مبنى على سبيل المثال ، ويُعزز هذه النتائج ما تمّت ملاحظته بتحسّن الأعراض وارتفاع مستويات الاستيعاب لدى الأطفال الذين يعانون من التشتّت، وذلك باستمتاعهم بالرسم عند استخدامه كمصدر للإلهاء، وقد يفسر ذلك سبب كون الرسم بهدف الإلهاء أكثر فاعلية في تحسين الحالة المزاجية من اتخاذ الرسم وسيلةً للتعبير، كما وجد أيضًا أنّ الرسومات التخيليّة؛ كالتي تتضمّن إنشاء عالم خياليّ تساهم بشكلٍ إضافيّ في تحسين المزاج .
الفوائد النفسية الأخرى
تجدر محاولة إيجاد مساحة ضمن جدول الأعمال اليوميّة لتخصيص وقت للرسم لما له من تأثيرات إيجابيّة متعدّدة في الصحة النفسيّة، وفيما يأتي ذكر بعض الفوائد النفسيّة الأخرى للرسم سواءً للأطفال أو البالغين:
- تعزيز القدرة على الانتباه.
- تعزيز مهارات إدارة الذات.
- تعزيز مهارات حلّ المشكلات والمهارات الحياتية الأخرى.
نصائح لتعزيز الصحة النفسية أثناء الرسم
يُنصح اتّباع الإرشادات والنصائح الآتية والتي تساهم في تعزيز فوائد الرسم على الصحة النفسيّة:
- تحضير البيئة المناسبة: وذلك باختيار غرفة هادئة بعيدًا عن أي مصدر قد يُشتّت الشخص خلال الرسم، مع إمكانيّة الاستماع للموسيقى التي تساعد على توفير بيئة هادئة وتساعد الشخص على الاسترخاء ، واختيار مكان يمكن الجلوس فيه لمدّة تتراوح بين 20-30 دقيقة دون إزعاج، كما يُنصح بإغلاق الهاتف المحمول والتلفاز أثناء ذلك.
- الاكتفاء بالطرق المعروفة: إذ يشار إلى عدم وجود حاجة لتجربة طرق جديدة؛ كتلوين كتاب جديد على سبيل المثال، وذلك في محاولة لتعزيز فوائد الاستراخاء؛ إذ يمكن الاكتفاء بالطرق المعروفة لدى الشخص إلّا في حال رغبته بتجربة طرق جديدة من باب التغيير والتطوّر.
- التأكيد على عدم وجود خطأ وصواب خلال الرسم: ولذا يُنصح بتجنّب الأمور الآتية خلال الرسم:
- المحو والإعادة.
- القلق من عدم تناسق عملية الرسم.
- التفكير فيما إذا كان مستوى الرسم جيدًا أم سيئًا.
- التركيز على محاولة جعل الرسم أكثر واقعيّة ودقّة.