فضل وثواب جهاد النفس
فضل وثواب جهاد النفس
يتركّز جهاد النّفس على معالجة النّفس بالتزكية والإصّلاح ، ثمّ بعد ذلك تُفضِي إلى الفلاح الأبدي في الدنيا والآخرة، وهذا ما يترتب عليه فضلٌ عظيم وثوابٌ من ربٍّ كريمٍ؛ ونذكر بعض فضائل جهاد النّفس:
الهداية والفلاح في الدنيا والآخرة
فإنّ أكمل النّاس هداية أكثرهم جهاداً لأنفسهم؛ ولذلك وعد الله تعالى المجاهدين في سبيله لأنفسهم بالهداية والتوفيق لأعظم سبل الرشاد في الدارين؛ فقال سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا).
الفوز برضوانِ الله تعالى والجنان
إنّ عاقبة جهاد النّفس عاقبة سارّة مفرحة للعبد المتقي لربه، المزكّي لنفسه من كل سوء وشر، وينهاها عن هواها والملهيات والمعاصي؛ فالجنة هي مأواه ومستقرّه، فقال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى* فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى).
النّور والبصيرة الّذَي يحلّ في قلب العبد من ربّه
فإن الإنسان متى ما اتقى ربه جل وعلا، والتزم لأوامره واجتنب نواهيه، وعرف الحلال والحرام، وأعرض عن مغريات نفسه وشهواتها؛ كان حظه من الدنيا الإبصار والنّور، وأدرك قيمة خلقه على الأرض؛ وأتاه الله فضلاً وقذف في قلبه نوراً وأبعد نفسه عن العمى والضلال؛ فقال تعالى: (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً).
الخضوع لله تعالى والاستسلام لأوامره
فإنّ النّفس متى ما خضعت واستكانت لله تعالى، أعلى الله قدر العبد وأحياه حياة طيبة في الدنيا والآخرة؛ ومن أخضع نفسه لله تعالى بطاعته، وأبعدها عن الشهوات والمعاصي، وحثّها على فعل الخيرات، يصبح الإنسان ممتلكاً الناصية الخيرية، في كافة الأوجه مثل الإنفاق في سبيل الله -تعالى-.
وبهذا يكون قد أفلح ونجى في الدنيا والآخرة؛ فقال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
جهاد النفس
إنّ جهادَ النفس من أعظم أنواع الجهاد، ومن يصلُ إليه يصلُ لدرجة الربّانيّبن الصّالحين، أولياء الله -تعالى- المتّقين؛ إذ جُبلت النّفسُ بطبيعتها على النّفور من أيّ عمل فيه مشقة أو تعب أو حتى فيه طاعةٌ؛ فهي دائمة السعي للتسلية والترفيه.
فالنّفس تكرهُ القيام باللّيل والصيام بالنّهار، وتكره السعي للمساجد، كما وتأبى الجهاد في سبيل الله تعالى، وتحبّ التنزه والذهاب للأسواق، وتألف النّوم وتعشق الدّعة أي الراحة والرّغد وتحبّ إنفاق الأموال؛ فإذا التزمت نفسُ الإنسان نفسها على كلّ ما تكره، وسعت في مخالفة الهوى والشيطان؛ استحقّت أن تكون مجاهدَةً.
والجهادُ بشكل عام هو أربع أنواع؛ جهاد النّفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكافرين، وجهاد المنافقين، والأساس العُمدة هو جهادُ النّفس؛ فمن حقّقه حقّق بقيّة أنواع الجهاد ولا بُدّ، ويكونُ جهادُ النّفس بإلزام النّفس حدّها ومخالفتِها فيما لا يرضي الله تعالى، ومحاسبتها على الدّوام، وعدم الانشغال بها وبإرضائها عن تقوى الله ومحابّه عزّ وجلّ؛ فقد ورد عن النبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلَّم أنّه قال: (والمُهاجِرُ مَن هَجَرَ الخَطايا والذُّنوبَ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَه في طاعةِ اللهِ).
كما يجب أن نعلمَ أنّ هذا الجهاد يتطلب بادئ الأمر الصبر والثبات؛ فمن صابر وثبت في مجاهدةِ نفسِه وشيطانه وهواه؛ حصل بذلك على النّصر الأعظم، وملك زمام نفسِه وقادها كما يشاء فيما يرضي ربّه عزّ وجلّ.