فضل ذكر يا حنان يا منان
فضل ذكر يا حنَّان يا منَّان
ورد أنَّ النَّبِي -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- مرَّ بِأبي عَيَّاش -زيد بن الصَّامِت- وَهُوَ يُصَلِّي، وسمعه وهو يقول في صلاته: (اللَّهُمَّ إني أسألك بِأَنَّ لَك الْحَمد، لَا إله إلا أَنْت، يَا حنَّان يَا منَّان، يَا بديع السَّمَوَات والأرض، يَا ذَا الْجلَال والإكرام. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لقد دَعَا الله باسمه الأعظم، الَّذِي إِذا دُعِيَ بِهِ أجَابَ، وإذا سُئِلَ بِهِ أعْطَى).
وورد في إحياء علوم الدين فضل آخر للدعاء بهذه الصيغة مروي عن الحسن البصري، في رجلٍ يُخرجه الله من النار بعد تعذيبه فيها لمدة ألف سنة؛ لأنه كان ينادي وهو فيها: "يا حنَّان يا منَّان"، كما وردَ عن الحسن البصري أنه قال: يا ليتني كنت ذاك الرجل. لكن الحافظ العراقي في تخريجه لأحاديث إحياء علوم الدين علَّق على الرواية بأنها ضعيفة لا تصح، وأيَّده الزبيدي في تضعيفه.
معنى الحنَّان المنَّان
يرى الخليل بن أحمد أنَّ معنى قولنا: "الله الحَنَّانُ المَنَّانُ" أي: الرَّحيم بعباده، بدليل آية: (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا)؛ فقد كانت ولادة النبي يحيى رحمةً مِن عند الله -تعالى- لأبويه، وقولك: "حَنانَيْكَ يا فلانُ، افعَلْ كذا ولا تفعَلْ كذا" أي: تذكيرٌ لِمَن تخاطبه بالرحمة وبالبِرِّ، ولكن بين الحنَّان والمنَّان فرق دقيق، فيما سيأتي تفصيله:
- لفظ (الحَنَّان)
هو الرحيم ، الذي يٌقبِل على مَن يُعرِضُ عنه، فلا يترك أحدًا مِن عطفه ورحمته.
- لفظ (المَنَّان)
هو المُنعم، الذي يبدأ بالإعطاء قبل أن يسأله السائل، وليس هذا المنُّ مِن المَنِّ المذموم على السائلين؛ الذي وردت النصوص بتحريمه، ورويَ تشبيه الكمأة بالمن -الذي كان ينزل على بني إسرائيل في التيه صباح كل يوم-؛ لأنَّ الكمأة مُنعَم بها بلا أيِّ عناء في الزراعة، لا تحتاج البَذر ولا السقي، فهي مما مَنَّ الله -تعالى- به على عباده.
- تركيب (الحَنَّان المَنَّان)
الله -تعالى- جمعَ بين اسمي "الحنَّان والمنَّان" معاً في وقت واحد، وبصيغة تركيبية موحَّدة؛ ليخبرنا بأنه يتميز بكونه -سبحانه وتعالى-: يُنعِم على الناس كلهم، بغير تفاخر بالإنعام عليهم، وبغير الغرور والإعجاب مِن جهته جل جلاله.
هل يجوز الدعاء بأسماء حسنى لم تُذكر مع التسعة والتسعين اسماً؟
في البداية ينبغي التنبيه إلى أنَّه لم يثبت بنص قطعي أيَّ حصر للأسماء الحسنى ؛ بتسعة وتسعين اسماً محدداً -من الأول حتى التسعة والتسعين-، وإنما ذُكرت متفرقة في أكثر من نَصٍّ في القرآن وصحيح السنة، وحُفّاظ أهل الحديث يقولون أنَّ الموجود -المشتهر عند الناس- في سنن الترمذي، وابن ماجه هو في الأصح اجتهادات لبعض العلماء، جمعوها من نصوص القرآن والسنة.
وبما أنه لم يثبت دليل على تعيين الأسماء التسعة والتسعين يجبُ القول به، فيجوز الدعاء بغيرها؛ لأنه يصعب تمييز ما أمِرنا بالدعاء به من أسماء الله الحسنى مِن المحظور، فكل اسمٍ لله يُمكن أن يكون مِن المأمور الدعاء به في قوله: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا)، وإنْ قيل: لا ندعو إلا باسمٍ له ذِكرٌ في الكتاب والسنة، فنقول له: معناها ستدعو بأكثر من تسعة وتسعين، والحنَّان والمنَّان منها.