فضل حفظ أسماء الله الحسنى
فضل حفظ أسماء الله الحسنى
ورد في الأحاديث النبويّة الشريفة الفضل العظيم الذي يناله المسلم بحفظ أسماء الله الحسنى ومن ذلك ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لِلَّهِ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ اسْمًا، مِئَةٌ إلَّا واحِدًا، لا يَحْفَظُها أحَدٌ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ)، وفي رواية أخرى للبخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصاها دَخَلَ الجَنَّةَ)، فيتبيّن من خلال الحديثين السابقين أنّ حفظ أسماء الله الحسنى من أسباب دخول الجنّة ، وهو أمر حتميّ الوقوع لا شكّ فيه دلّت عليه صيغة الفعل الماضي الواردة في قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ).
وتجدر الإشارة إلى أنّ دخول الجنّة لا يتحقّق إلّا بانتفاء الموانع؛ كالامتناع عن المداومة على المعاصي والذنوب التي من شأنها أن تحول بين العبد والجنّة بحيث لا يدخلها حتى يُعذّب ويُطهّر من ذنوبه إن كان قد مات عليها، وقد يَشمَله عفو الله -تعالى- فيُدخله الجنّة دون عذاب مالم تكن ذنوبه من الكبائر، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ ما بيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الكَبَائِرَ)، والكبيرة هي كلّ معصية ترتّب عليها وعيد أو غضب أو لعن من الله -تعالى- كالزنا ، وشرب الخمر، وعقوق الوالدَين، وأكل الربا، والغيبة والنميمة وغيرها، وقد تعدّدت أقوال العلماء في المعنى المراد بلفظ (مَن أحْصاها) الوارد في الحديث السابق، وممّا قيل في معناه ما يأتي:
- إحصاء الأسماء الحسنى هو حفظها عن ظهر قلب وهو المعنى الذي أشار إليه الإمام البخاري والطيبي وغيرهم، وذلك لأنّ تَقرّب العبد إلى الله -تعالى- بقولها لا تكون دون حفظها، وكذلك البركة التي ينالها عند ذكرها لا تكون إلّا بحفظها، وقد استُنبِط هذا المعنى من الرواية الأخرى للحديث السابق وهي قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا يَحْفَظُها أحَدٌ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ).
- إحصاء الأسماء الحسنى هو العلم بمعانيها والعمل بما تستوجبه والتخلّق بها، وذلك بمطالبة النفس أن تتّصف بالرحمة والودّ والمغفرة والستر وغيرها من الصفات التي يمكن للعبد أن يوصف بها، والانكسار والخضوع للأسماء والصفات التي لا يوصَف بها إلّا الله -تعالى- كالقهّار والجبّار والمتكبّر وغيرها.
- إحصاء الأسماء الحسنى يحتمل عدّة وجوه وهو ما ذهب إليه الإمام الخطابي، وقد أشار إليها وهي كالآتي:
- الإحصاء هو أن يستوفي العبد جميع أسماء الله الحسنى في دعاء الله -تعالى- والثناء عليه بحيث لا يقتصر على البعض منها.
- الإحصاء هو أن يحسن العبد العمل بما تستوجبه أسماء الله الحسنى، وإلزام النفس بالقيام بحقّها والتصديق بمعانيها؛ كقول: الرزّاق؛ فهو يستلزم من العبد الثقة بأنّ الرزق يكون من عند الله -تعالى-.
- الإحصاء هو أن يحيط العبد بكافّة معاني أسماء الله الحسنى حسب اللسان العربيّ.
أهمية أسماء الله الحسنى
تكمن أهميّة معرفة أسماء الله الحسنى في أمور كثيرة، ومنها ما يأتي:
- معرفة أسماء الله الحسنى والاشتغال بفهمها، وهو أعلى المطالب التي يشتغل بها العبد؛ لِكون العلم بها يُعدّ أشرف العلوم والمعارف لأنّه متعلق بالله -تعالى-، لذا حرص رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على الاعتناء ببيانه وتوضيحه للصحابة -رضي الله عنهم- ممّا منع اختلافهم فيه كاختلافهم في الأحكام.
- معرفة أسماء الله الحسنى وفهم معانيها هو الطريق لمعرفة الله -تعالى- والتقرّب منه، وهذا يؤدّي بدوره إلى محبّته وخشيته، ممّا يُحقّق السعادة الحقيقيّة للعبد.
- معرفة أسماء الله الحسنى وفهم معانيها هي أصل الإيمان وغايته؛ فكلّما ازدادت معرفة العبد بأسماء الله الحسنى ازداد إيمانه وثقته به، وذلك لأنّ معرفة أسماء الله الحسنى تشمل أنواع التوحيد الثلاثة وهي توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات.
- معرفة أسماء الله الحسنى وفهم معانيها هو اشتغال العبد بالغاية التي خُلِق لِأجلها؛ فحقيقة الإيمان لا تتوقّف على التلفّظ بألفاظ الإيمان فقط فحسب، إنّما بمعرفة العبد لخالقه وعبادته على أكمل وجه، ولا يكون ذلك إلّا بإشغال النفس في معرفة وفهم أسماء الله الحسنى.
- معرفة أسماء الله الحسنى وفهم معانيها هي الأصل في معرفة كلّ معلوم؛ سواءً كان خلقاً أو أمراً لله -تعالى-، أو كان علماً بما كوّنه -سبحانه وتعالى- أو شرعه لعباده؛ فمصدر كلّ معلوم مرتبط مباشرة بأسماء الله الحسنى.
تعريف أسماء الله الحسنى
أسماء الله الحسنى هي الأسماء التي اختارها ورضيها الله -تعالى- لنفسه وأثبتها له رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-؛ لأنّه أكثر الناس معرفة به، وهي التي صدّقها المؤمنون وآمنوا بها، وأمّا عددها فهو في علم الله -تعالى-، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما أصاب أحدًا قطُّ همٌّ ولا حَزَنٌ فقال اللهمَّ إني عبدُك ابنُ عبدِك ابنُ أمَتِك ناصيَتي بيدِك ماضٍ فيَّ حُكمُك عَدْلٌ فيَّ قضاؤُك أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك سميتَ به نفسَك أوْ علَّمْتَه أحدًا مِنْ خلقِك أو أنزلته في كتابِك أو استأثرتَ به في علمِ الغيبِ عندَك أنْ تجعلَ القرآنَ ربيعَ قلبي ونورَ صدري وجلاءَ حُزني وذهابَ هَمِّي إلا أذهب اللهُ همَّه وحُزْنَه).