فضل الصدقة للمريض
فضل الصدقة للمريض
حثّ النبي -عليه الصلاة والسلام- المريض أو وليّه بالتّصدُّق عنه؛ لقوله: (داوُوا مرضاكم بالصَّدَقةِ)، وتكون الصدقة بحال المرض؛ فإن كان شديداً فيُسنّ الإكثار من التصدُّق، والمعنى أن المريض يشتري نفسه من الله -تعالى- بقدر ما تُساوي نفسه عنده، وذلك لما في الصدقة من دفع البلاء والأمراض، ويكون التصدُّق بأيّ عملٍ من أعمال الخير والمعروف، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يُعالج الأمراض بثلاثة أنواعٍ من الأدوية؛ منها الطبيعية، والمعنويّة كالصدقة، وخليط منهما، والمقصود بالأدوية المعنوية أو الإلهية كالصدقة ، وتُسنّ في أيّ مرض، وتكون بحسب حال المُتصدّق من حيث الغنى والفقر، ويُشرع تكرار الصدقة في حال تأخّر الشِّفاء، والشّفاء بيد الله -عزّ وجلّ- وحده، كما أنّ الصدقة تنفع العبد في دنياه وآخرته بالأجر العظيم.
فضائل أخرى للصدقة
إنّ للصدقة الكثير من الفضائل زيادةً عن شفائها للأمراض، ومنها ما يأتي:
- الصدقة سببٌ لجلب النّفع والبركة للمُنفِق ولماله، لقول الله -تعالى-: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ)، وهي من المال الذي يبقى لصاحبه وينفعه في الدُّنيا والآخرة، لِما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أَتَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهو يَقْرَأُ: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ، قالَ: يقولُ ابنُ آدَمَ: مَالِي، مَالِي، قالَ: وَهلْ لَكَ، يا ابْنَ آدَمَ مِن مَالِكَ إلَّا ما أَكَلْتَ فأفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فأبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فأمْضَيْتَ؟).
- الصدقة سببٌ للنّجاة من النّار وأهوال يوم القيامة ، ويبقى أجرُها لصاحبها بعد موته، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له).
- الصدقة تُكمل النقص في فرض الزكاة وتَجبره، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أولُ ما يحاسبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ صلاتُهُ، فإنْ كانَ أتمَّها، كُتبتْ لهُ تامةٌ، وإنْ لم يكنْ أتمَّها، قالَ اللهُ لملائكتِهِ: انظروا هلْ تجدونَ لعبدِي منْ تطوعٍ فتكملونَ بها فريضَتَهُ؟ ثمَّ الزكاةَ كذلكَ، ثمَّ تؤخذُ الأعمالُ على حسبِ ذلكَ).
- الصدقة سببٌ لدخول صاحبها الجنّة، والعتق من النّار، والنجاة من الحرّ يوم القيامة، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (كلُّ امرِئٍ في ظلِّ صَدقتِهِ، حتَّى يُفصَلَ بينَ النَّاسِ أو قالَ يُحكَمَ بينَ النَّاسِ).
- الصدقة سببٌ للنصر والرزق، وتُعوِّد المُسلم على العطاء والكرم، كما أنّها تشرح الصدر، وتُدخل الفرح على صاحبها، ويحصُل بها قضاء الحاجات، وتفريج الكُرَب، والسّتر في الدُنيا والآخرة، ونَيل رحمة الله -تعالى-.
- الصدقة سببٌ لنيل محبّة الله -تعالى-؛ لِمَا يتميّز به صاحِبُها من الإحسان، لقوله -تعالى-: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، ويترتّب لصاحِبِها الأجر الكبير من الله -تعالى-، وإبعاد الخوف والحزن عنه، لقوله -تعالى-: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
- الصّدقة تُكفّر السّيئات ، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (والصدقةُ تُطفِئُ الخطيئةَ كما يُطفِئُ الماءُ النارَ).
- الصدقة دليلٌ على صدق المُتصدّق؛ لأنها من العلامات الواضحة على صدق إيمانه، وتُبْعِد عنه البُخل والشُّحّ، لقوله -تعالى-: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
- الصدقة تشمل جميع أنواع الخير بمفهومها العام.
أنواع الصدقة
لا تقتصر الصدقة على المال، ولها العديد من الأنواع، وهي كما يأتي:
- أداء حُقوق المُسلمين؛ كردِّ السّلام، وإرشاد الضّالّ، وإبرار القسم، وجاء ذِكرُها في العديد من الأحاديث، كقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وعِيَادَةُ المَرِيضِ، واتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وإجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وتَشْمِيتُ العَاطِسِ).
- المشي في حُقوق الناس الواجبة، فقد جاء عن ابن عباس قوله: "مَنْ مَشَى بِحَقِّ أَخِيهِ إِلَيْهِ لِيَقْضِيَهُ، فَلَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ صَدَقَةٌ".
- الصدقة المُتعدّية للآخرين؛ كالأمر بالمعروف، والصدقة القاصرة نفعُها على صاحبها، كالتسبيح ، ومن أنواع الصدقة أيضاً كفُّ الأذى عن الناس، وإنظار المُعسر، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (من أنظرَ معسرًا كانَ لَه بِكلِّ يومٍ صدقةٌ ومن أنظرَه بعدَ حلِّهِ كانَ لَه مثلُه في كلِّ يومٍ صدقةٌ)، وكذلك إعانة المحتاج، وصلاة الضحى، فقد جاء في ذلك نصوصاً شرعيّة.
- الصدقة الجاريّة، وهي التي يبقى أجرُها جارياً لصاحبها بعد موته؛ كبناء المساجد، وطباعة الكُتب، وحفر الآبار، وغيرها.
- الصدقة الماليّة، وهي التي تكون بالمال فقط، والصدقة غير الماليّة؛ التي تكون بجميع أعمال البر والخير، كالكلمة الطّيّبة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المُنكر، والذّكر، وغيرها، ومما يؤكد هذا المعنى قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أنَّ نَاسًا مِن أَصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالوا للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يا رَسولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بالأُجُورِ، يُصَلُّونَ كما نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كما نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قالَ: أَوَليسَ قدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ما تَصَّدَّقُونَ؟ إنَّ بكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عن مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ).
حكمة مشروعية الصدقة
شرع الإسلام الصّدقة للعديد من الحِكَم، منها الرّحمة بالفُقراء ، ومواساتِهِم، ومُضاعفة الأجر للمُتصدّق، وتطهير نفسه من البُخل، وتخلُّقه بأخلاق الأنبياء -عليهم السلام- في البذلّ والعطاء، ولما لها من جلب المودّة والمحبّة بين الناس.