فضل التصدق في سبيل الله
فضل التصدق في سبيل الله
بيّن الله -سبحانه- في كتابه العزيز فوائد الصدقة وأهميتها؛ من ذلك قوله -تعالى-: ﴿وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾؛كما أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى فضل الصدقة في عدّة أحاديث نبوية، وفيما يأتي بيان لفضل الصدقة في سبيل الله:
- تطفئ غضب الله -سبحانه وتعالى-
وتدفع عن صاحبها المهالك، قال -صلى الله عليه وسلم-: (أنَّ صدقةَ السرِّ تطفئ غضبَ الربِّ).
- تمحي خطايا العبد وتقيه من النار
وفي ذلك يقوم -صلى الله عليه وسلم-: (مَنِ اسْتَطاعَ مِنكُم أنْ يَسْتَتِرَ مِنَ النَّارِ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ).
- يستظل العبد في ظل صدقته يوم القيامة
وقد دلّ على ذلك عدّة أحاديث؛ تفيد بأنّ الصدقة تنجي صاحبها في أرض المحشر من صعوبة الموقف، واقتراب الشمس في ذلك اليوم؛ وفي ذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: (كلُّ امرِئٍ في ظلِّ صَدقتِهِ، حتَّى يُفصَلَ بينَ النَّاسِ).
- سبب لعلاج الأمراض
البدنية والقلبية، كما تدفع أنواعاً مختلفةً من البلاء، ويُسن للمبتلى أن يدفع الصدقة عن نفسه، أو أن يدفعها عنه غيره بنية الشفاء؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ).
- يدعو الملك كلّ يومٍ للمتصدق
بخلاف الممسك الشحيح، وفي ذلك يقول -صلى الله عليه وسلم-: (ما من يومٍ يصبحُ العبادُ فيه، إلا ملَكان ينزلان، فيقول أحدُهما: اللهم أعطِ مُنفقًا خلفًا، ويقول الآخرُ: اللهم أعطِ مُمسكًا تلفًا).
- يبارك الله تعالى للعبد في ماله
وينميه له ويزيده، ويضاعف للمتصدق أجره؛ يقول -عز وجل-: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ)، كما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- أنّ رسول الله قال: (إِنَّ اللهَ لَيُرْبِي لأَحَدِكُمُ التَّمْرَة وَاللُّقْمَةَ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلوَّهُ -أَوْ فَصِيْلَهُ- حَتَّى يَكُونَ مِثلَ أُحُدٍ)؛ وفي هذا الحديث على أنّ الصدقة تجارة مع الله -تعالى-، فيها الربح دائماً دون خسارة.
- يُنادى المتصدق يوم القيامة من باب الصدقة
إذ جعل الله -سبحانه- لكل عبادة باباً مخصوصاً يُنادى منه المكثرون منها؛ فتستدعيهم الملائكة إكراماً لهم استدعاءً خاصاً على رؤوس الخلائق؛ وترحب بهم حتى يدخلوا من هذا الباب؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن أنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سَبيلِ اللهِ نُودِيَ في الجَنَّةِ: يا عَبْدَ اللهِ، هذا خَيْرٌ..ومَن كانَ مِن أهْلِ الصَّدَقَةِ، دُعِيَ مِن بابِ الصَّدَقَةِ).
- يرزق الله تعالى المتصدق الجنة
إذا اجتمعت مع الصيام، واتباع الجنازة، وعيادة المريض؛ ومما دلّ على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- سأل أصحابه ذات يوم؛ إن كان أحدهم قد أصبح صائماً، أو متصدقاً، أو متبعاً لجنازة، أو عائداً لمريض؛ فكان أبو بكر الصديق يجيب بأنّه فعل؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: (ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ).
- يشرح الله تعالى صدر العبد
ويرزقه الطمأنينة وراحة البال، ويقويه على الطاعة وأعمال البرّ؛ على عكس البخيل الذي يقبض الله صدره ويشعره بالثقل؛ قال -تعالى-: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ* وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ).
- تطهير المال
وتخلصه مما قد يصيبه بسبب اللغو، والحلف، والغفلة؛ قال -تعالى- موجهاً خطابه للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا).
- من الأعمال التي لا تنقطع بموت العبد
إذ إنّ أجر الصدقة الجارية يستمر بعد الموت؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ..)؛ ومن أفضل أنواع الصدقة الجارية التي تفيد العبد بعد وفاته: حفر الآبار، وبناء المساجد، وطباعة الكتب، ونحو ذلك.
الصدقة
الصدقة هي ما يخرجه العبد للفقراء والمحتاجين من مالٍ عيني أو نقدي، عن طيب خاطر منه تقرباً إلى الله -تعالى-، والصدقة من الأعمال التي حث عليها الدين الإسلامي وأمر بها رب العباد؛ لما لها من فوائد كثيرة، فقد قال الله -تعالى- آمراً نبيه -صلى الله عليه وسلم-: (قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ).
ولكي يقبل الله -تعالى- الصدقة من العبد عليه أن يتحرّى ما يأتي:
- أن يخلص لله -عز وجل- في صدقته، وأن لا ينوي فيها التفاخر أمام الناس.
- الحرص على إخفائها؛ فكلّما استطاع أن يخفيها زاده الله في الأجر والثواب.
- أن يختار أفضل الأصناف من طعام أو لباس أو نحو ذلك.
- أن لا يؤذي من تصّدق عليهم؛ فيتبع صدقته ب المنّ والأذى ، أو يعود في صدقته أو يبخل بما أعطاه.
أنواع الصدقات
من فضل الله -تعالى- على عباده أن جعل باب الصدقات مفتوحاً للجميع، كلٌّ حسب استطاعته وقدرته؛ فلا تقتصر على تقديم الأموال، وإنّما قد تكون بالقول أيضاً أو النية؛ فالمعروف يعد صدقةً في سبيل الله، والإنفاق على النفس والأهل والأولاد تعد أيضاً صدقة، و الإحسان إلى الأقارب والأرحام كذلك تعدّ من الصدقات.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كلُّ معروفٍ صدقةٌ، وما أنفقَ الرَّجلُ علَى أهلِهِ كُتِبَ لَه صدقةً، وما أنفقَ المؤمنُ مِن نفقةٍ، فإنَّ خلفَها علَى اللَّهِ واللَّهُ ضامنٌ، إلَّا ما كانَ في بُنْيانٍ أو معصيةٍ).
كما أنّ الصدقة في حال الصحة والقوة؛ أفضل من الصدقة التي تأتي في حال الضعف أو عند الموت.