فضائل المدينة المنورة
المدينة المنورة
المدينة المنورة هي مدينة الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- طَيْبةَ الطيِّبةَ مكان نزول الوحي ، ومهبط جبريل -عليه السلام- على أفضل المرسلين، وهي نبع الإيمان، وموطن أصحاب الإيمان، ومكان التقاء المهاجرين والأنصار ، وهي عاصمة المسلمين الأولى، وفيها فُرِض الجهاد، ومنها شعَّ نور الهداية، وإليها هاجر رسول الرحمة، وفيها عاش آخر حياته -صلى الله عليه وسلم- وبها مات، وفيها دُفن، ومنها يُبعث، وفيها قبره صلوات الله عليه، وهي المدينة المباركة التي شرَّفها الله وفضّلها وجعلها خير البقاع بعد مكة المكرمة، ودليل تفضيل مكة على المدينة قولُ الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- لمّا أخرجه الكفار منها واتَّجه إلى المدينة المنورة، فقال مخاطباً مكة: (واللَّه إنَّك لخيرُ أرض اللَّه، وأحبُّ أرض اللَّه إلى اللَّه، ولولا أنِّي أُخرجت منك ما خرجتُ).
أسماء المدينة وسبب تسميتها بالمنورة
أطلق جماعةٌ من العلماء اسم المدينة المنورة على مدينة رسول الله، ومنهم الإمام ابن تيمية ، وابن العماد الحنبلي، والسيوطي، وابن عابدين، والبهوتي، ولم ينكروا ذلك، وقد وُصِفت بالمنوّرة؛ لأنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نوّرها بقدومه إليها، وبما جاء به من الهدى والشرع، وأطلق على المدينة المنورة أسماءً كثيرة، ذكر منها الحموي تسعةً وعشرين اسماً في كتابه معجم البلدان منها ما يأتي؛ المدينة، وطيبة، وطابة، والمسكينة، والعذراء، والجابرة، والمحبة، والمحببة، والمحبورة، ويثرب، وأكالة البلدان، والمباركة، والمحفوفة، والمسلمة، والقدسية، والمرزوقة، والحيرة، والمحبوبة، والمحرمة، والمحرومة، والمختارة، والعاصمة، والقاصمة، وغير ذلك.
فضائل المدينة المنورة
إنّ من أنعم الله عليه بالعيش بمكة المكرمة والمدينة المنورة فهنيئا له، فهي مجمع أهل الإسلام أول الأمر وآخره، وفيها المسجد النبوي، الذي تعدل الصلاة فيه ألف صلاة، وفيها الروضة الشريفة التي هي روضة من رياض الجنة، وفيها وادي العقيق، وهو وادٍ مبارك، ولا يريد أحد أهلها بسوء إلا أهلكه الله، وسيتم فيما يأتي بيان فضائل المدينة المنورة :
- مدينة محرمة: شرَّف الله -سبحانه وتعالى- المدينة وجعلها مُحَرَّمَة، وفضَّلها على كثيرٍ من بقاع الأرض، وقد وردت النصوص الكثيرة في فضلها، وحرمتها، ومكانتها، من باب الإخبار، والدعاء، والترغيب والترهيب، وقد جاء دليل حرمتها في قوله صلى الله عليه وسلم: (اللَّهمَّ إنَّ إبراهيم حرَّم مكَّة فجعلها حرماً، وإنِّي حرَّمت المدينة حراماً ما بين مأزِميها، أن لا يُهراق فيها دمٌ، ولا يُحمل فيها سلاحٌ لقتالٍ، ولا تُخبط فيها شجرةٌ إلَّا لعلفٍ)، والموقع المحرم من المدينة هو ما بين الحرّتين شرقاً وغرباً، وما بين عير إلى ثور يميناً وشمالاً.
- المسجد النبوي فيها: إنّ ما يميّز المدينة المنورة ويُعظّم فضلها أنّ فيها مسجد النبي صلى اللهُ عليه وسلم، وهو من المساجد التي تشدّ إليه الرحال، والصلاة فيه مضاعفة، وفيها مسجد قباء والصلاة فيه تعدل عمرة، وفيها الروضة الشريفة التي هي روضة من رياض الجنة ، وجبل أحد، ووادي العقيق وهو وادي مبارك، وتمر العجوة وهو نوع من أنواع تمر المدينة التي تقي من السم والسحر.
- مدينة مباركة: دعا النّبي -صلى اللهُ عليه وسلم- للمدينة المنورة بالبركة فقال: (اللَّهمَّ بارك لنا في مدينتنا)، وبات ببركة دعاء النبي -صلى اللهُ عليه وسلم- من المشهور بين الناس الذين قصدوا المدينة من مدنٍ أخرى أن ما يصرفونه لا يكاد يبلغ نصف ما كانوا يصرفوه في مدنهم، وأصبح هذا أمراً معلوماً.
- مدينة تطرد الأشرار: إنّ من كثرة عِظَم فضائل المدينة المنورة أنّه لا يأنس بها ويرتاح إلا الناس الطيّبون الكرام، أمّا شرار الناس كالهيود فقد أجلاهم عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- بأمر من الله، أمّا المنافقين فقد فضحهم وبَيَّن كذبهم، وبذلك فهي تنفي شرار الناس، كما ينفي الكير خبث الحديد.
- مدينة رُفع عنها الوباء والحمى: كانت المدينة معروفة بالجاهلية بانتشار الوباء والحمّى، وعندما قَدِم إليها النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته رضوان الله عليهم، أصابهم بعض الأذى والوباء، حتى دعا النّبي -صلى اللهُ عليه وسلم- برفع هذا البلاء عنها، فأصبحت مطهّرة.
- مدينة معصومة من المسيح الدجال: إنّ خروج المسيح الدجال من علامات الساعة الكبرى الصحيحة المتواترة، وإنّ فتنته عظيمةٌ، حيث سيخرج في آخر الزمان، ويعيث في كل بقاع الأرض فساداً، إلا مكة والمدينة وذلك تشريفاً وتعظيماً لهم، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخلُ المدينة رُعب المسيح الدَّجال، ولها يومئذٍ سبعةُ أبوابٍ، على كُل بابٍ ملكان).
- مدينة يلجأ لها أهل الإيمان: إنّ ممّا يميز المدينة المنورة أنّه عندما تضيق البلاد والعباد بالإيمان فإنّه يُلجأ إليها، فهي منبع الإيمان وموطنه.
- مدينة يفضل ساكنوها: إنّ لأهل المدينة المنورة الأوائل من المهاجرين والأنصار الذين آوَوا رسول الله، وآمنوا به، واتبعوه، وجاهدوا معه بأموالهم وأنفسهم؛ شأناً عظيماً عند الله -عزّ وجلّ- وعند أهل الإيمان، فقد رضيَ الله عنهم، ووعدهم بدخول الجنة في قوله تعالى: (وَالسّابِقونَ الأَوَّلونَ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالَّذينَ اتَّبَعوهُم بِإِحسانٍ رَضِيَ اللَّـهُ عَنهُم وَرَضوا عَنهُ وَأَعَدَّ لَهُم جَنّاتٍ تَجري تَحتَهَا الأَنهارُ)، وكل من يسكن مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويصبح من أهلها، ويتمسّك بشرع الله، ويسير على هدي رسول الله يناله من فضل خِيَارِ أهل المدينة.
- وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- حب الأنصار من علامات الإيمان ، وبغضهم من علامات النّفاق، وحذَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- من التعرض لهم بأذى، وأن من يقوم بذلك يكون فقد عرّض نفسه للانتقام من الله، و قد حثَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على سُكنى المدينة المنورة، وأخبر أنّه سيشفع لمن سكنها، وصبر على شدّتها، ومات فيها، وأخبر عن أقوامٍ سيسعون للانتقال منها، والمدينة خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون.