عوامل تطور الأدب العربي في العصر الحديث
عوامل تطور الأدب العربي في العصر الحديث
فيما يأتي عوامل تطور الأدب العربي في العصر الحديث:
رواج الصحافة
راجت الصحافة رواجاً واسعاً في العصر الحديث بسبب رخص ثمن الصحف، وأول ما عرفت الصحافة عُرفت في مصر فقد كانت صحيفة الوقائع المصرية تهتم بأحوال المجتمع المصري في التاريخ والأدب، وقد صدرت مجموعة من الصحف في البلاد العربية كصحيفة الأخبار في لبنان، وصحيفة الرائد في تونس، وهذه الصحف اهتمت بأحوال المجتمع في مختلف الجوانب اللغوية والأدبية والاجتماعية.
نشأة المطابع
دخلت المطابع إلى البلاد العربية سنة 1213هـ مع دخول الحملة الفرنسية إلى مصر إذ دخلت معها المطبعة، وعمل محمد علي على تطوير هذه المطبعة وسميّت المطبعة الأميرية، وقد خدمت هذه المطابع الأدب عبر طباعة أمهات الكتب مثل: كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، ومقدمة تاريخ ابن خلدون، وكتاب العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي، والعديد من أمهات الكتب في مجالات لغوية مختلفة، وبعدها تطورت المطابع وانتشرت في كل البلاد العربية.
الحركات الإصلاحية
قامت مجموعة من الحركات الإصلاحية في العصر الحديث مثل: حركة الشيخ محمد عبد الوهاب سنة 1157هـ، والحركة السنوسية، والحركة المهدية، وحركة الإخوان المسلمين، وقد كانت هذه الحركات في معظمها حركات إصلاح، ومقاومة للاستعمار، ورفض لانتشار الأهواء والبدع، ومحاولة لإصلاح المجتمع، ومن آثارها انتشار التعليم والثقافة بين الناس، وقيام المدارس، وتفتح مدارك الناس على أنواع الثقافات كالعلوم اللغوية والأدبية.
نشأة المدارس والجامعات
تجدر الإشارة إلى أن توقيت العصر الحديث قد بدأ والعالم العربي يعتمد في مجال التعليم على المدارس الابتدائية (الكتاتيب)، وبعدها حلقات الدروس مع العلماء، وقد كانت الكتاتيب تتولى جانب تعليم القراءة والكتابة إلى جانب قراءة القرآن الكريم وحفظه، وتقدّم دروساً في الخط، والإملاء، والحساب، أمّا حلقات الدروس، فقد كان يجلس فيها العلماء والطلاب على شكل حلقة في المساجد وبيوت العلم، لتلقي العلم، ومن الأمثلة عليها: حلقات العلم في الجامع الأزهر ، والمسجد الأقصى.
واستمر هذا الوضع حتى عمل بعض شيوخ الجامع الأزهر على تقسيم التعليم إلى ثلاث مراحل: المرحلة الابتدائية، والمرحلة الثانوية، والمرحلة العالية، وبعدها قُسم التعليم العالي إلى ثلاث كليات: كلية اللغة العربية، وكلية الشريعة، وكلية أصول الدين، ومن أبرز الرجال الذين ساعدوا في إصلاح الأزهر الشيخ محمد عبده، وبعد هذه الخطوة توالت الإصلاحات والتطورات ودخل عصر الجامعات إذ أنشأت مصر جامعة الملك فؤاد، ثم أُنشئت جامعة دمشق، وانتشرت المدارس في المدن والقُرى.
الكتب والمكتبات
ظهرت في العصر الحديث دار الكتب المصرية، وقد جمع فيها كل ما تفرق من كتب في خزائن المساجد، وبيوت العلماء، وقد وصل عدد الكتب في المكتبات إلى أكثر من مليون كتاب ونصف، وبعدها انتشرت فكرة إنشاء دور الكتب والمكتبات العامة، وأصبحت في كل جامعة مكتبة، وفي كل مدرسة مكتبة، ثم انتشرت الفكرة لما للكتب من أهمية في الترويج للأدب واللغة، وتوفير الغذاء الفكري والمساعدة في انتشاره وتوسعه.
الترجمة وظهور المعاجم والمجامع اللغوية
حرص محمد علي على نقل العلوم الغربية إلى الأمة العربية، وقد ترجمت في عصره مجموعة من الكتب في مجالات مختلفة، وترجمت الكتب الأدبية خاصةً الروايات والقصص، ومن أبرز الإسهامات في مجال الترجمة إسهامات المنفلوطي ومن أعماله: الشاعر، وفي سبيل التاج، والفضيلة.
وعندما ظهرت الترجمة ظهرت الحاجة إلى ألفاظ معينة بديلة لم يجد لها المترجمون مقابلاً في اللغة الأخرى ومن هنا ظهرت معاجم كثيرة عربية، وفرنسية، وإنجليزية، وإيطالية، وقد يوجد في المعجم الواحد أكثر من لغة كما ظهرت المجامع اللغوية كي تكون مهمتها حل الصعوبات عند عدم القدرة على إيجاد مقابل لكلمة من الكلمات بطريقة جيدة باستخدام النحت، والاشتقاق، والتعريب، وقد تأسس مجمع اللغة العربية في مصر سنة 1351 ثم أُسس في الأردن، وبعدها قام كل مجمع بإصدار مجلة، ومن مهام المعاجم والمجامع الأساسية هي إيجاد مقابل للألفاظ الأدبية المترجمة إلى اللغة العربية.
البعثات
لا شك في أنّ البعثات أثرت في تطوّر الأدب في العصر الحديث ومن الأمثلة على البعثات بعثة محمد علي باشا إلى إيطاليا عام 1813م ثم بعثته إلى بريطانيا عام 1818م، إلى جانب بعثته تحت إشراف رفاعة الطهطاوي عام 1826م إلى فرنسا، أمّا في السعودية فقد أرسلت بعثة إلى مصر وتوالت بعدها البعثات وقد كانت في أغلبها لأغراض عسكرية أو علمية طبية وهندسية.
ولكن بعد ذلك أصبحت البعثات للدراسات الشرعية والتربوية واللغوية، وهذه البعثات كان لها أثر كبير في الاطلاع على فنون الثقافات الأخرى وآدابها، وتعد بعثات رفاعة الطهطاوي من أشهر هذه البعثات، كما يعد المصريون الطهطاوي رائد النهضة العربية الحديثة، وقد لخص ما شاهده في فرنسا في كتاب (تلخيص الإبريز في تلخيص باريز)، وترجم العديد من الكتب والمقالات إلى اللغة العربية وعند عودته إلى مصر أسس مدرسة الألسن لتعليم اللغات.