عناصر القصيدة في الغزل العذري
عناصر القصيدة في الغزل العذري
الغزل؛ أحد أشكال التّعبير عن المشاعر الإنسانية، ويُوضّح ما تُكابده النفس من الأشواق والمعاناة والحرقة، إذ اهتمّ الشعراء بالغزل بشدة، ومن عناصر الغزل العذري ما يأتي:
الوقوف على الأطلال
إنّ شعراء الغزل العذري التزموا بشكل القصيدة القديمة، من حيث الوقوف على الأطلال ثم الغزل وهو غرض القصيدة، فمثلًا يصفون في الطلل ذكرى المحبوبة والحنين إليها وديارها.
الوحدة الموضوعية
التزموا أيضًا بوحدة الموضوع، فهي سمة أساسية تدل على صدق الشاعر في تعبيره، فلا تُصاب القصيدة بتفكك وانفصال بين الأغراض الشعرية .
صدق التعبير
عبر الشاعر في الغزل العذري عن أحاسيسه ومشاعره وآلامه النفسية، فاهتمّ الشعراء العذريون بالتعبير عن نفسه أولًا ثم التعبير عن مشاعره تجاه المرأة التي يُحبّها، كما عمل الشعراء على انتقاء ألفاظ معبرة عن الانفعالات والمشاعر، وذلك من خلال بناء عبارات بسيطة وواضحة، تعكس تجربتهم، وذلك أدى إلى بساطة الصورة الشعرية ، وتلقائية التعبير.
الموازنة بين الحسي والمعنوي
جاءت القصائد العذرية شخصيةً جدًّا، فلغة القصيدة ليست مكشوفةً وجريئةً تختص بالحديث عن ثنائية المرأة والحب، مما جعل بنيتها متزنةً.
الوحدة الشعرية والفنية
إنّ الشعراء ركزوا في الغزل العذري على معالجة قضية واحدة ووصف حالة نفسية، واستقصاء لحظة شعورية، مما أسهم بعد ذلك بظهور المقطوعات العذرية كنموذج في الشعر الغزلي .
أشهر الشعراء العذريين
من أشهر الشعراء العذريين ما يأتي:
قيس بن الملوّح
شاعر أموي، نشأ مع ليلى في نفس البيئة وأحبا بعضهما حبًّا جمًّا عندما كبرا، لكنّ ليلى أُجبرت أن تتزوج غيره؛ ففقد صوابه وهام على وجهه في الصحراء، واشتهر بشعر الغزل العذري، ومن أشهر قصائده: المؤنسة، إذ قال فيها:
تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا
- وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا
وَيَومٍ كَظِلِّ الرُمحِ قَصَّرتُ ظِلَّهُ
- بِلَيلى فَلَهّاني وَما كُنتُ لاهِيا
بِثَمدينَ لاحَت نارُ لَيلى وَصُحبَتي
- بِذاتِ الغَضى تُزجي المَطِيَّ النَواجِيا
فَقالَ بَصيرُ القَومِ أَلمَحتُ كَوكَباً
- بَدا في سَوادِ اللَيلِ فَرداً يَمانِيا
جميل بن معمر
شاعر غزل عذري، عُرف بـ "جميل بثينة"، نسبةً إلى قصة حبه ببثينة، فنظم بحبها أروع القصائد وأعذبها، إذ قال:
تَجودُ عَلَينا بِالحَديثِ وَتارَةً
:::تَجودُ عَلَينا بِالرُضابِ مِنَ الثَغرِ
فَيا لَيتَ رَبّي قَد قَضى ذاكَ مَرَّةً
:::فَيَعلَم رَبّي عِندَ ذَلِكَ ما شُكري
وَلَو سَأَلَت مِنّي حَياتي بَذَلتُها
:::وَجدتُ بِها إِن كانَ ذَلِكَ مِن أَمري
مَضى لي زَمانٌ لَو أُخَيَّرُ بَينَهُ
:::وَبَينَ حَياتي خالِداً آخِرَ الدَهرِ
لَقُلتُ ذَروني ساعَةً وَبُثَينَةً
:::عَلى غَفلَةِ الواشينَ ثُمَّ اِقطَعوا عُمري
كُثيّر عزّة
من أشهر الشعراء العذريين في العصر الأموي ، وكان الرواة يروون الكثير من أشعاره عن عزّة، واشتهر بنظم الشعر الغزلي الذي يُعبر عن حبه العفيف، إذ قال:
خَليلَيَّ هَذا رُبعُ عَزَّةَ فَاِعقِلا
::: قلوصَيكُما ثُمَّ اِبكِيا حَيثُ حَلَّتِ
وَمُسّا تُرابًا كَانَ قَد مَسَّ جِلدَها
::: وَبيتا وَظِلاَ حَيثُ باتَت وَظَلَّتِ
وَلا تَيأَسا أَن يَمحُوَ اللهُ عَنكُما
::: ذُنوبًا إِذا صَلَّيتُما حَيثُ صَلَّتِ