علوم اللغة والبلاغة والنقد في العصر العباسي الثاني
علوم اللغة في العصر العباسي
إن اللغة أنواع كثيرة وأنها كلها بأنواعها تعطي الكاتب قوة الأداء وأيضا دقة تعبيره، ارتبط تاريخ البحث اللغوي عند العرب بظهور الإسلام، فقد كانت نشأة جميع العلوم اللغوية العربية أثر من آثار الإسلام، فلم يعرف عن العرب في تاريخهم أية دراسات أو مجهودانت لغوية تناولت دراسة اللغة نحوها وصرفها ومعجمها إلا عندما تصدى المسلمون لدراسة القرآن الكريم.
هذه الدراسات كما ذكرت ظهرت عند العلماء العباسيين أمثال أبو الأسود الدؤلي والزمخشري؛ فضبوا اللغة وتعرفوا على متنها ومفرداتها وضبطوا قواعدها النحوية والصرفية والدلالية وخاصة بعد ظهور غير العرب ودخولهم للإسلام وانتشار اللحن، فخاف العلماء على القرآن الكريم من أن يصيبه شيء من اللحن فقاموا بضبطه.
البلاغة في العصر العباسي
عرفت البلاغة بأنها وصف للحديث، وقد تكون وصفاً لصاحب الحديث، فإن البلاغة الكلام أي مدى مطابقته لمقتضى الحال مع مدى فصاحته، وأن البلاغة للمتحدث هي قدرته على أن ينشئ كلام في معناه الذي يريده فيكون بليغا، غان الذي لديه هذه المقدرة فإنه لديه ملكة على إيجاده الإنشاء.
إن أول من قام بجمعها أنه أبو عثمان الجاحظ في كتاب أسماه "البيان والتبين" كان الجاحظ لم يشعر بالاكتفاء بما قالته العرب بل أيضا إلى ما قيل عن العجم مثال ذلك أنه قيل لما ما كان من بلاد فارس: ما البلاغة؟ فقال: معرفة الفصل والوصل.
إن العلماء قاموا بوضع لكل فن من الفنون أدواته وركائزه ومقوماته فإنها إما تكون ظاهرة وإما تكون مختفية بالباطن ومنها الآتي:
- الموهبة التي تمتلك
فهي ما يملكه الشخص من الله فوضعها لبعض خلقه، فإن صاحبها لو امتلكها سيشرق بالبدائع والروائع من الخيال الذي يملكه.
- الموهبة التي تكتسب
فهي صاحبها بكون قد اجتهد ليكتسبها ويتعلمها، فينضج فكره وتصبح عواطفه مرهفة فتقربه من الذوق ويخصب خياله.
النقد في العصر العباسي
ازدهر فن النقد والأدب واحتل منزلة رفيعة؛ نظرا لما احتوى على اللغة وآدابها، فإن الشعراء في العصر العباسي تناولوا جميع أغراض الشعر العربي فلذلك برزت العديد من القضايا النقدية مثل اللفظ والمعنى والسرقات الشعرية والقضية التي تتعلق بالقديم والجديد.
تعددت المفاهيم حيث قالوا: إن نقد الشيء أي ليعرفوا رديئة من جيده، وفي نقد الشعر أي أن يظهروا ما فيه من حسن وعيب ونقد الحديث من نقد الشعر أيضا ولقائه، اصطلاحا فيعرف على أنه فن لدراسة النصوص وليميزا الأساليب ويظهروا أصالتها، وأصالة الأديب الذي كتبها من عدم أصالته ويميزوا رديئه من جيده.
إن النقد في العصر العباسي لم يكن فقط عند الشكل وصياغة النص، وأن يحدد المعنى واللفظ، بل إنهم استمروا في فهم الشعر وتذوقوه ويحسوا ما هي نقاط تميز الشاعر ويقوموا بمقارنة بعض الشعر ويصنفوها في المفضليات عن غيرها، ويتفحصون بيئة الشاعر من حياته الاجتماعية وقوته وتحققوا من نسبة النصوص إلى أصحابها وقائليها.
إن النقد في هذا العصر يار بخطى واسعة جدا فقام بالاشترالك بالمناقشات للشعراء والمتكلمين منهم، وأيضا كان لاتصال واتساع الحضارة بالثقافات الأخرى مثل الفرس واليونان أثر غير عاديٍ على تقدم النقد. وأن "طبقات فحول الشعراء" أقدم ما قدمه النقد في العصر العباسي لابن سلام الجمحي.
العلماء الذين ظهروا في مختلف العلوم اللغوية
أبرز العلماء الذين ظهروا في مختلف العلوم اللغوية ما يأتي:
- أبو الأسود الدؤلي
حيث إنه اشتهر بعلمه وفصاحة لسانه، فوضع علوم النحو وأسس القواعد وأنقط المصحف الشريف وأوضح المسائل التي كانوا يقفون عليها من تعجب واستفهام.
- الخليل بن أحمد الفراهيدي
كان من أبرز اللغوين في ذلك العصر حيث وضع علوم العَروض ودرس الأشعار وقام بجمعها بشكل منظم وتخصص بالنظم والإيقاع.
- الجاحظ
إنه واضع أساس منهج النقد الأدبي فكان يمتاز بدقة منهجه ومن أوائل من أنتجوا أسلوب ومنهم خاص لهم.
- الزمخشري
أما الزمخشري كان يعد رمزا للبلاغة والتفسير، وواضع أصول النحو العربي ، وكتب العديد من المؤلفات الضخمة لما تخصص وواضع أسس البلاغة اللغوية الأدبية ويعد كتابه من أساسات اللغة العربية التي تُعتمد.