علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية
علم الفلك في عصر الحضارة الإسلامية
علم الفلك هو عِلْمٌ يَبْحَثُ فِي أَحْوَالِ الأَجْرَامِ السَّمَاوِيَّةِ وَحَرَكَاتِهَا وَأَبْعَادِهَا وَدَوَرَاتِهَا وَتَغَيُّرِ مَظَاهِرِهَا، وقد عرف علم الفلك عند علماء المسلمين باسم علم الهيئة أو التنجيم ، والذي ازدهر في الحضارة الإسلامية.
أهمية علم الفلك في الإسلام
وردت في النّصوص الشرعية من الكتاب والسنّة العديد من الإشارات الفلكية التي كانت دافعًا كبيرًا للعلماء ومحفزًا لهم في الاهتمام بهذا العلم ودراسته، ومن هذه الإشارات قول الله تعالى في كتابه: {لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}، وقوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}، كما أنّ تحديد اتجاه القبلة كان بناءً على معرفة علم الفلك خصوصًا في الأماكن البعيدة قال تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام}، وكذا تحديد مواقيت الصّلاة وغير ذلك كمعرفة بداية الشهور القمرية وأهميتها، فكان لعلم الفلك أهمية كبيرة لأداء المناسك والعبادات بالشكل والوقت الصحيحين.
إنجازات المسلمين في علم الفلك
كان لعلماء العرب من المسلمين دور كبير وإنجازاتٌ في علم الفلك والنجوم، بيانها آتيًا:
- أدّى اهتمام علماء المسلمين بهذا العلم إلى ترجمتهم ما نقل لهم من كتب الأمم الأخرى للغة العربية، فترجموا كتبًا مختلفة من اللغة اليونانية والسنسكريتية وغيرها، وكانت هذه من أول الإنجازات العظيمة التي قام بها العلماء المسلمون في هذا المجال.
- امتد إنجاز علماء الإسلام في هذا المجال بتدقيق وتنقيح الكتب التي قاموا بترجمتها للعربية، بل وإنّ كثيرًا من علماء المسلمين من قاموا بتأليف العديد من الكتب أشهرها كتاب "الزيج الصابي" للبتانيّ، "وزيج السند هند" للخوازميّ ، و"النجوم الثابتة" لعبد الرحمن الصوفي وغيرها الكثير.
- لم تقتصر جهود المسلمين في تأليف الكتب وترجتمها، بل إنّ العديد منهم من قام باختراع العديد من الآلات والأجهزة المعنية برصد النجوم والأفلاك، مثل؛ "المزولة الشمسية"، و"الساعة المائية"، و"الاسْطُرلاب" بأشكالِه، و"البوصلة"، فحتى الأجهزة الحديثة نجد لها أصلًا في كتب علماء المسلمين من العرب.
- رصد الفلكيون من علماء العرب المسلمين الكواكب والنّجوم، ورسموا لها الخرائط، وعيّنوا لها أسماء لا تزال معروفة إلى يومنا هذا.
- امتد ازدهار علم الفلك في الحضارة الإسلامية، فكانت لهم القدرة على تعيين مدة السنّة بشكل دقيق، وعملوا على تحديد عرض وطول العديد من المدن في العالم، حتى إن بعض الحضارات الأخرى أصبحت تعتمد أقوالهم لمئات السنين.
المراصد الفلكية في الحضارة الإسلامية
تمّ إجراء أول رصد علمي في الإسلام في عهد الخليفة المأمون العباسي، وكان ذلك بعد اطلاعهم على الكتب المعنية ككتاب "المجسطي"، وتعرّفهم على آلات الرصد باختلافها، وتعددت بعدها آلات الرصد وتنوعت، فبُني مرصد "ابن الأعلم" في بغداد، وتم بعد ذلك إنشاء العديد من المراصد كمرصد "بني موسى"، و"المرصد الشرفي"، و"المرصد الحاكمي" في مصر، وكان أشهر مرصد عرف في تاريخ الحضارة الإسلامية مرصد "مراغة" في أذربيجان ، وهذه المراصد التي أسسها المسلمون كانت بمثابة مدارس علمية متخصصة في علم الفلك.