علامات حسن الخاتمة عند الموت
حسن الخاتمة عند الموت
تعرّف حسن الخاتمة عند الموت بأنها تيسير الله -تعالى- للإنسان بالقيام بأداء العبادات والأعمال الصّالحة، والتوبة إليه سبحانه، والاستغفار عمّا ارتكب من الذّنوب والمعاصي في حياته قبل أن يموت، ويكون ذلك كلّه بتوفيقٍ من الله تعالى، فإذا مات الإنسان على هذا الحال كانت خاتمته حسنة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا أرادَ اللَّهُ بعبدٍ خيرًا استَعملَهُ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ وَكَيفَ يستَعمِلُهُ؟ قالَ: يوفِّقُهُ لعملٍ صالحٍ قبلَ موتِهِ).
وعلى الإنسان أن يستعدّ للموت دائماً، فهو لا يعلم متى سينتهي أجله، ومتى يحين وقت مغادرته لهذه الحياة الدّنيا، لذلك عليه أن يكون حذراً، ومُكثراً من الأعمال الصّالحة التي تؤدّي لحسن خاتمته، والتي يكون جزاؤها النّجاة من النّار ، ودخول جنّات النّعيم، وعليه أن يكون مبتعداً عن الأعمال السّيئة، ويستعدّ الإنسان للخاتمة باستعدادين، حتى تكون خاتمته حسنة عند موته بإذن الله تعالى، وهذان الاستعدادان هما:
- الاستعداد الأوّل: هو أن يستعدّ الإنسان في اجتهاده لإصلاح قلبه ونقائه، وجعله قلباً سليماً، مؤمناً بالله تعالى؛ ويكون ذلك بتحصيله للعلوم الشّرعيّة المفيدة، والتي من شأنها إكسابه معرفةً بالله تعالى، وبأسمائه الحسنى وصفاته .
- الاستعداد الثّاني: هو أن يستعدّ الإنسان في اجتهاده بعمله، ليكون عمله متقناً، موافياً للشّروط، كما أراده الله تعالى؛ ويكون ذلك باتّباع ما أمر الله تعالى به، والحذر من فعل ما نهى عنه الله -تعالى- ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، وأن يكون ما يعمله الإنسان فيه إخلاصٌ لله تعالى، وبعدٌ عن الرّياء ، ويكون وفق ما حدّده الشّرع من المبادئ الإسلاميّة والمنهج الرّباني.
علامات حسن الخاتمة عند الموت
هناك عددٌ من العلامات التي بحدوثها وظهورها، نعلم أنّ الإنسان قد كانت خاتمته حسنة، والله -تعالى- أعلم، ومن هذه العلامات الدّالة على ذلك ما يأتي:
- أن ينطق الإنسان بالشّهادة عند الموت، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لَقِّنوا موتاكم لا إلهَ إلا اللهُ، فإنَّ مَن كان آخرَ كلامِه لا إلهَ إلا اللهُ عند الموتِ دخلَ الجنةَ يومَا الدَّهرِ، وإن أصابَه قبلَ ذلك ما أصابَه)..
- أن يكون جبينه متعرّقاً عند الموت.
- أن يموت في يوم الجمعة أو ليلتها.
- أن يموت مستشهداً في ساحة القتال، ابتغاء مرضاة الله تعالى، أي أنّ القتال كان في سبيله، ومن سأل الله -تعالى- أن يرزقه الشّهادة بصدق، فإنّ منزلته كمنزلة من جاهد وإن لم يجاهد بالفعل.
- أن يموت وهو في طريقه للقتال في سبيل الله تعالى.
- أن يموت بسبب مرضالطّاعون؛ وهو وباءٌ يسببّ الهلاك للإنسان إذا أصيب به، وكذلك إذا مات بداء البطن؛ وهو عبارة عن أيّ مرضٍ يصيب الإنسان في بطنه، كالإسهال، والانتفاخ، والسّرطان، والنّزيف النّاتج عن أيّ حادثة.
- أن يموت غرقاً.
- أن يموت بسبب الهدم؛ ويكون الهدم بسبب الكوارث الّتي تحصل، كالزّلازل التي تدمّر البيوت والأماكن، وبفعلها قد يموت الإنسان، وكالبراكين، والرّياح الشّديدة.
- ان تموت المرأة وهي في مرحلة النّفاس بعد الولادة.
- أن يموت حرقاً، أو أن يموت بذات الجنب، وهو عبارة عن ورمٍ يظهر في ناحية الجنب من البطن.
- أن يموت نتيجة إصابته بمرض السّل.
- أن يموت وهو يجاهد في الدّفاع عن ماله ونفسه ودينه.
- أن يموت وهو يرابط في سبيل الله تعالى، والرّباط هو الدّفاع عن حمى المسلمين، وحراسة أماكنهم من هجوم الأعداء، مع التّحلي بالأخلاق الكريمة في ذلك، كالأمانة .
- أن يموت على فعل عملٍ صالح يريد به وجه الله تعالى؛ ومن هذه الأفعال: صلة الأرحام، والصّلاة ، والصّيام، وإخراج الصّدقات، وقراءة القرآن الكريم، والإكثار من ذكر الله تعالى، والإحسان إلى الوالدين، فالإنسان الذي يكثر من الأعمال الصّالحة في حياته الدّنيا، يوفّقه الله -تعالى- للموت عليها.
- أن يموت قتلاً على يد إمامٍ ظالم وجائرٍ، من خلال قوله الحقّ، ودعوته إلى الصّلاح.
- أن يموت وهو في طريقه لأداء طاعةٍ أو عبادةٍ، كذهاب الإنسان إلى المسجد ، وهنا وجب التّنبيه إلى أهميّة تجديد النّية باستمرار.
أسباب حسن الخاتمة
حسن الخاتمة من أعظم ما يطمح كل مسلم للوصول إليه، فالأعمال بخواتيمها، وقيمة عمل كل إنسان في حسن خاتمته، وهي وصية الأنبياء لمن بعدهم، يقول تعالى: (وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)، ولكي يفوز الإنسان بحسن الخاتمة، عليه اتّباع الوسائل والأسباب التي تؤدّي إليها، وفيما يأتي ذكرٌ لبعض هذه الأسباب:
- إخلاص النّية لله تعالى، وابتغاء مرضاته في كلّ الأفعال والأقوال.
- اتّقاء الله -تعالى- في السر والعلن، وذلك باتّباع ما أمرنا به، والابتعاد عمّا نهانا وحذّرنا منه، مع الاستمرار على هذا الأمر، والحرص عليه في كلّ الأوقات والأحوال.
- الحرص على تأدية الصّلوات الخمسة المفروضة على وقتها.
- عدم ارتكاب ما عظُم من الذّنوب والكبائر .
- اتّباع سنّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وملازمتها، واتّباع ما كان يفعله المهاجرين والأنصار، ومن كان يتّبعهم في فعلهم.
- الحرص على تقديم الخير والمنفعة للنّاس، وقضاء حوائجهم، والسّعي لتيسير مصالحهم.
- البعد عمّا يؤذي النّاس، ويسبّب لهم الشّر، والبعد عن ظلمهم والجور عليهم في المال أو النّفس أو العرض.
- التّقرب إلى الله تعالى بالدّعاء ، والإلحاح فيه.
- التّحلي بالأخلاق الحسنة؛ كالسّخاء، والجود، وطيب النّفس ولينها.
- لزوم الاستقامة، وذلك بأداء الأعمال الصّالحة ، مع الحرص على أدائها دائماً، وقد ثبت في القرآن الكريم أنّ الله -تعالى- قد أعطى البشارة لعباده المستقيمين.
- إحسان الظنّ بالله -تعالى- والثّقة الجازمة به، بأنّه يغفر الذّنوب برحمته وعفوه ورضاه.
- المسارعة في التّوبة الصّادقة من الذّنوب والمعاصي، والعزيمة الصّادقة في ذلك، فليحرص الإنسان دائماً على تعجيل التّوبة ومحاسبة النفس، والمداومة على ذلك اقتداءً بفعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقد قال: (يا أيها الناسُ، توبوا إلى اللهِ، فإني أتوبُ، في اليومِ، إليه مائةَ مرةٍ).