علاج نقص هرمون النمو عند الأطفال
العوامل التي يعتمد عليها علاج نقص هرمون النمو عند الأطفال
تجدر الإشارة إلى أنَّ مقدم الرعاية الصحية يأخذ عمر الطفل، وصحته بشكل عام، وعوامل أخرى في الحسبان عند العلاج، حيث يحتاج الطفل إلى مراجعة طبيب أطفال مختص بالغدد الصماء، إذ يكون مدربًا بشكل إضافي لعلاج الأطفال المصابين بمشاكل في الهرمونات، كما يمتلك أفضل الأدوات لفحص نمو الطفل من شهر لآخر بشكل دقيق.
علاج نقص هرمون النمو عند الأطفال بتعويض النقص
يتم علاج اضطراب نقص هرمون النمو (بالإنجليزية: Growth Hormone Deficiency) بمجرد تشخيص الطفل، وتجدر الإشارة أنّ علاج اضطراب نقص النمو يتضمن الحَقن المنتظم لهرمون النمو البشري؛ حيث يتلقى بعض الأطفال الحُقن يوميًا في حين يتلقى البعض الآخر الحُقن عدة مرات في الأسبوع، وعلى الرغم من أنّ العلاج عادة ما يستمر لعدة سنوات إلّا أنّه يمكن رؤية النتائج بعد 3-4 أشهر من بدء العلاج في الغالب، ومن الجدير بالذكر أنَّه يتم زيادة الجرعة بالتدريج إلى أن تصل أقصاها أثناء مرحلة البلوغ، ومن الجدير بالذكر أنَّه يتم استخدام سوماتروبين (بالإنجليزية: Somatropin) لعلاج نقص هرمون النمو ولحسن الحظ أنّ استجابة الأطفال المصابين جيدة جدًا له، كما تزداد فرصة الطفل في الحصول على طول شخص بالغ نسبيًا أو طول مقارب لذلك كلما كان البدء بعلاج نقص هرمون النمو مبكرًا، ومع ذلك لا يظهر كل الأطفال استجابة للعلاج بشكل جيد؛ فقد تختلف فعالية العلاج لدى الأطفال المصابين بحالات صحية أخرى، وتجدر الإشارة أنَّه يجب بدء العلاج ومراقبة الطفل من قِبل أخصائي أطفال خبير في اضطرابات هرمون النمو؛ أي أخصائي غدد صماء للأطفال ، وفي الواقع تعد حُقَن هرمون النمو مفيدة فقط في حالة بدء العلاج قبل توقف نمو العظام.
في سياق الحديث عن علاج نقص هرمون النمو تجدر الإشارة أنّ نجاح علاج تعويض نقص هرمون النمو يعتمد على مستوى عامل النمو شبيه الإنسولين-1 (بالإنجليزية: Insulin-Like Growth Factor 1) واختصارًا IGF-1 والذي يتم تحفيز إنتاجه عن طريق هرمون النمو، كما أنَّه يلعب دورًا مهمًّا في نمو الطفولة، ولذلك في حال كان مستوى عامل النمو شبيه الإنسولين-1 طبيعيًّا فإنّ الطفل لا يستفيد من علاج نقص هرمون النمو، أما في حال كان مستواه منخفضًا فيتم العلاج عن طريق تعديل مستوى هرمون النمو والذي بدوره يرفع عامل النمو شبيه الإنسولين-1 إلى المعدل الطبيعي وعادة ما يتم ملاحظة نتائج العلاج خلال 6-18 شهرًا، ومن الجدير بالذكر أنَّه يجب معالجة أوجه القصور النخامية الأخرى حتى يكون علاج تعويض نقص هرمون النمو فعّالاً، ففي حال وجود نقص في هرمونات أخرى فإنّه يتم تعويض هذا النقص إلى جانب تعويض النقص في هرمون النمو.
أخذ العلاج
يجدر الإشارة إلى أنَّه لا يوجد علاج فموي لتعويض نقص هرمون النمو؛ إذ يتطلب العلاج أخذ حُقن يومية، حيث يُعطى هرمون النمو عن طريق حُقن تحت الجلد؛ أي أنَّه يدخل الأنسجة الدهنية التي توجد تحت سطح الجلد، ويتواجد هرمون النمو على شكل جهاز حَقن يشبه القلم وله إبرة صغيرة جدًّا يتم حقنها سطحيًّا في الجلد لذلك فإنّها لا تؤلم كثيرًا، ومن الجدير بالذكر أنَّه يجب أخذ العلاج مساءً حيث يُنصح بأخذه بانتظام خلال ساعة قبل النوم، بالإضافة إلى أنَّه يمكن تغيير موعد الجرعة بتقديمها أو تأخيرها ساعات قليلة، ولكن لا يجوز أخذها قبل الساعة الخامسة مساءً، أما في حال نسيان أخذ الجرعة فيجب الانتظار إلى الجرعة التالية، ولكن يجدر محاولة عدم نسيان الجرعة أكثر من مرة شهريًّا من أجل الحصول على أفضل النتائج، كما أنَّه يجب الحقن في 4 أماكن من 8 أماكن يمكن الحقن فيها، هي ظهر الذراعين، وأعلى أو خارج الفخذين، وجوانب البطن، وربع الأرداف الخارجي ويجب التبديل بينهم في كل مرة.
متابعة استخدام العلاج
تجدر الإشارة إلى أنَّه يجدر مراجعة أخصائي الغدد الصماء للأطفال مرتين إلى أربع مرات سنويًا في حال كان الطفل يأخذ علاج نقص هرمون النمو؛ وذلك من أجل متابعة العلاج ومراقبة تطوّر نمو الطفل بالإضافة إلى ضبط الجرعة العلاجية لنقص هرمون النمو بالزيادة أو النقصان أو بوقف استخدام العلاج وذلك استنادًا إلى نتائج اختبارات الدم الذي يتم إجراؤها، كما توجد العديد من الفحوصات الأخرى التي يتم إجراؤها للتأكد من صحة الطفل بشكل عام؛ كفحص مستوى الكولسترول ، ومستوى السكر في الدم، وفحص كثافة العظام، ومن الجدير بالذكر أنَّه عادةً ما تكون أقصى زيادة في معدل النمو خلال السنة الأولى من العلاج؛ إذ يكون معدل الزيادة ما بين 8-10 سنتيمترًا لكل سنة ويسمى غالبًا النمو التعويضي (التداركي) (بالإنجليزية: Catch-up Growth)، ولكن يتباطىء النمو تدريجيًا خلال السنوات اللاحقة؛ حيث يستمر نمو الطفل ولكن بوتيرة أقل من السنة الأولى من بدء العلاج.
إيقاف استخدام العلاج
تجدر الإشارة أنَّه على الرغم من أنَّ نقص هرمون النمو قد يستمر إلى مرحلة البلوغ عند الأطفال الذين يعانون من نقص هرمون النمو إلّا أنَّ قدرة إفراز هرمون النمو تتحسن مع الوقت لدى بعض المصابين، ولذلك فإنّهم لا يحتاجون إلى علاج نقص هرمون النمو عند البلوغ، وهذا يستدعي وقف علاج نقص هرمون النمو لشهر على الأقل عند بلوغ الأطفال المصابين وإعادة الفحص باستخدام تحليل تحفيز هرمون النمو (بالإنجليزية: GH stimulation test) لتحديد متابعة العلاج أو إيقافه في مرحلة البلوغ، مع العلم أنَّ مدى حاجة وطبيعة هذا الفحص لهذا الهدف تختلف من مصاب إلى آخر، ولكن في بعض الحالات قد يتم الاستمرار في إعطاء سوماتروبين في مرحلة البلوغ لأنَّه أحيانًا قد يساعد على منع مشاكل مثل هشاشة العظام (بالإنجليزية: Osteoporosis)، ومن الجدير بالذكر أنَّه يجب على المصاب في مرحلة البلوغ أن ينتقل ليراجع أخصائي غدد صماء للبالغين بدلاً من اخصائي الأطفال، ومن الجدير بالذكر أنّ الطفل قد ينمو حتى 10-12 سنتيمترًا خلال السنة الأولى من العلاج كما تمّت الإشارة سابقًا، ومع ذلك فقد تختلف الاستجابة بين الأطفال المصابين، وفيما يأتي الحالات التي تستدعي إيقاف استخدام العلاج:
- وصول الطفل لطول مقبول.
- عدم نمو الطفل أكثر من 2.5 سنتيمترًا في السنة.
- اكتمال أو قرب نضج الهيكل العظمي للطفل، وفي هذه الحالة قد يتم فحص الطفل كما تمّت الإشارة سابقًا لمعرفة إن كان بحاجة إلى أخذ هرمون النمو في مرحلة البلوغ.
- توقف نمو الطفل.
مخاطر العلاج وآثاره الجانبية
قد يعاني المصاب عند البدء باستخدام علاج نقص هرمون النمو من ظهور العديد من الآثار الجانبية التي سرعان ما تتحسن بعد تعديل الجرعة العلاجية إلى جرعة مناسبة، وتتمثّل هذه الأعراض بالشعور بألم في العضلات أو في المفاصل، إضافة إلى انتفاخ بسيط ناتج عن احتباس السوائل، كما توجد آثار جانبية أخرى نادرة الحدوث يمكن بيانها فيما يأتي:
- ردّ فعل تحسّسي يتمثّل بانتفاخِ موضِع وخز الإبر، وظهور الطفح الجلدي أو الشرى، ويستلزم ذلك مراجعة أخصائي الغدد الصماء.
- الشعور بألم في الورك أو الركبة أو المفاصل.
- الصداع؛ ويجدر استشارة أخصائي الغدد الصماء على الفور في حال كان الصداع مستمرًا أو شديدًا.
- ازدياد انحناء العمود الفقري عند المصابين بالجنف (اعوجاج العمود الفقري) (بالإنجليزية: Scoliosis).
- ارتفاع مؤقت في مستويات السكر في الدم ؛ إذ يتوقف الارتفاع حالما يتوقف علاج نقص هرمون النمو، ومن الجدير بالذكر أنَّ مرضى السكري يحتاجون إلى مراقبة مستوى السكر في الدم بعناية؛ لأن هرمون النمو يؤثر على مستوى الإنسولين في الدم.
تجدر الإشارة أنّه لا يُنصح باستخدام حُقن هرمون النمو من قِبل المصابين الذين يعانون من كلٍّ من الأورام، والسرطان ، والأمراض الخطيرة، والإصابات المتعددة، ومشاكل شديدة في التنفس، والمضاعفات الناتجة إثر إجراء عملية القلب المفتوح أو جراحة بالبطن، كما أنّه لا يمكن استخدام هذا العلاج في حال وجود ورم نشط في الغدة النخامية أو في حالة عدم إنهاء المصاب للعلاج المضاد للورم.
علاجات أخرى لنقص هرمون النمو عند الأطفال
فيما يأتي العلاجات الأخرى المستخدمة في حالات نقص هرمون النمو:
- الجراحة أو الإشعاع: قد يكون من الضروري إجراء جراحة أو العلاج بالإشعاع في بعض الحالات الطبية، وفيما يأتي بيان لها:
- ورم الغدة النخامية: يكون علاج ورم الغدة النخامية من خلال إجراء جراحة أو التعرض إلى إشعاع وقد يلزم أخذ هرمونات بديلة لهرمونات الغدة النخامية بالتزامن مع الجراحة أو الإشعاع؛ وذلك لتصحيح عمل الغدة حيث أنها لا تعمل بشكل جيد بوجود ورم.
- أورام الدماغ: يمكن إزالة أورام الدماغ بالجراحة ولكنها قد تؤدي إلى تلف الغدة النخامية، الأمر الذي يؤدي إلى ازدياد خطر إصابة الطفل بقصور في نشاط الغدة النخامية، مما يستلزم إعطاء الأطفال المصابين بقصور في الغدة النخامية هرمونات بديلة لتعويض الهرمونات التي يفتقرون إليها.
- العلاجات الموجهة: قد يحتاج الأطفال الذين يعانون من اضطرابات النمو المرتبطة بنقص هرمون النمو إلى العديد من العلاجات ويمكن بيانها كما يأتي:
- العلاج الفيزيائي (الطبيعي): كما في حالات تأخر المشي وانخفاض القوة البدنية للطفل.
- العلاج الوظيفي: يساعد العلاج الوظيفي في اعتماد الطفل على نفسه في تناول الطعام، وارتداء الملابس، والدخول إلى الحمام، والتعلم.
- علاج النطق: حيث يسهم علاج النطق في معالجة الضعف في تراكيب الفم والوجه عند هؤلاء الأطفال المصابين؛ والتي قد تؤثّر على عملية البلع والتحدث.
- العلاج النفسي: قد يعاني الطفل المصاب من عدم الثقة بالنفس بسبب قصر قامته الذي قد يؤدي إلى تعرّضه للتنمر من الأطفال الآخرين مما يجعل العلاج النفسي والعاطفي جزءًا مهمًّا من خطة العلاج، ويمكن مراجعة أخصائي نفسي أو مستشار في الصحة النفسية، الذي يساعد الطفل على التعبير عن مشاعره وكيفية التعامل مع مشاكل نقص هرمون النمو.
- تعديلات نمط الحياة: والتي تتضمّن كلًّا من النوم لساعات كافية، وتناول طعام متوازن ، وممارسة الرياضة بانتظام؛ حيث تعدّ أمورًا مهمة في خطة علاج نقص هرمون النمو، كما يجدُر بالطبيب توجيه المصاب لجعل العلاج جزءًا من نظام الحياة اليومي.