علاج حساسية الأنف المزمنة
علاج حساسية الأنف المزمنة بتجنب مسبب الحساسية
التهاب الأنف التحسسي الدائم (بالإنجليزية: Perennial Allergic Rhinitis)، أو حساسية الأنف المزمنة، كلاهما مصطلحان يُستخدمان للتعبير عن حالة الحساسيّة الأنفيّة الدائمة التي تُسبب احتقان الأنف وسيلانه بشكل مستمر طوال العام؛ بحيث يشعر المُصاب وكأنّه يُعاني من نزلة بردٍ دائمة، ويعدّ عثّ الغبار (بالإنجليزية: Dust Mites) السبب الأكثرَ شيوعًا للإصابة بحساسيّة الأنف المُزمنة، وتليه الحيوانات مثل القطط والكلاب، ويُشار إلى أنّ التهاب الأنف التحسسيّ الدائم قد يحدث نتيجة وجود أي نوعٍ من المُهيّجات أو مُسببات الحساسية على مدار العام.
إنّ إحدى وأهمّ طُرق علاج التهاب الأنف التحسسي الدائم يكون بتجنّب المُحفّزات؛ مثل تجنّب الفضلات التي يُنتجها عثّ غبار المنزل، وتجنّب بروتينات الحيوانات، ويعدّ هذا الخيار العلاجي مناسبًا لإدارة أعراض الحساسيّة في حال معرفة نوع المُهيّج المُسبب للحساسيّة، كما يعدّ العلاج الدوائي خيارًا مناسبًا بالتزامن مع تجنّب المحفزات كما سنوضّح لاحقًا، ويمكن تقليل انتشار مُسببات الحساسية في المنزل من خلال اتباع الإجراءات الآتية:
- استخدام مُزيل الرطوبة (بالإنجليزية: Dehumidifier) في حال كانت الحساسية الأنفية الدائمة ناتجةً عن عث غبار المنزل.
- عدم اقتناء الحيوانات الأليفة، أو الحدّ من دخولها غرف النوم.
- تنظيف وتعقيم المنزل وغرف المعيشة بشكل منتظم.
- تنظيف السجاد بشكل عميق من وقت لآخر إمّا بالبخار وبالتنظيف الجافّ، ويمكن تغيير السجاد بنوع آخر من الأرضيات؛ وهذا يُعتبر الخيار الأفضل للحدّ من حساسية الأنف الدائمة.
العلاج الدوائي لحساسية الأنف المزمنة
إنّ استخدام العلاج الدوائي أو العلاج المناعي (بالإنجليزية: Immunotherapy) للتغلب على مشكلة حساسية الأنف المزمنة خيارٌ مناسب في حال عدم القدرة على التخلّص من مُسببات الحساسيّة، علمًا بأنّ هذه الأدوية لا يصح أخذها قبل استشارة الطبيب؛ فالطبيب هو الشخص المسؤول عن وصفها ووصف الجرعة المناسبة منها بحسب حالة الشخص المعنيّ.، وفيما يأتي بيانٌ للأدوية المستخدمة في العلاج:
الكورتيكوستيرويدات
تعدّ الجلوكوكورتيكويدات الأنفية أو القشرانيات السكرية الأنفية (بالإنجليزية: Nasal glucocorticoids) المُصممة للإعطاء عن طريق البخاخ الأنفيّ (بالإنجليزية: Nasal Spray) الخيار العلاجيّ الأوّل للتغلّب على أعراض التهاب الأنف التحسسي، ومن أمثلتها الموميتازون فورات (بالإنجليزية: Mometasone Furoate)، والبوديزونيد (بالإنجليزية: Budesonide)، وتتمتع هذه البخاخات بميّزات علاجية عدّة، وهذه الميّزات هي:
- قلّة الأعراض الجانبية؛ وذلك بسبب صِغر حجم الجرعة، وفعاليتها الموضعية على بطانة الأنف.
- قدرتها الكبيرة على تخفيف الأعراض لدى معظم النّاس من خلال تقليل الاستجابة الالتهابية الناتجة عن رد الفعل التحسسي، وتشمل هذه الأعراض الحكّة، واحتقان الأنف أو سيلان الأنف.
- انخفاض ثمنها، وقدرتها على توفير راحة أنفيّة أكبر مقارنة بمضادات الهيستامين (بالإنجليزية: Antihistamines)، ويمكن استخدام الكورتيكوستيرويدات ومضادات الهيستامين معًا للتغلّب على أعراض حساسيّة الأنف المزمنة في حال أشار الطبيب بذلك.
ويُشار إلى أنّه في حال لم تُعطِ البخاخات الأنفيّة نتائج إيجابية، فقد تبرز الحاجة إلى استخدام الكورتيكوستيرويدات الفموية مثل البريدنيزولون (بالإنجليزية: Prednisolone) للتغلّب على أعراض حساسيّة الأنف المزمنة، لكنها ترتبط بآثار جانبية كبيرة مع الاستخدام طويل الأمد.
مضادات الهيستامين
الهيستامين (بالإنجليزية: Histamine) هو إحدى الموادّ الرئيسة المسؤولة عن الحساسية وأعراضها؛ حيث يتسبب بظهور أعراض الحساسيّة المرتبطة بالتهاب الأنف التحسسيّ الدائم كالحكة، والعطاس، وسيلان الأنف، وتعمل مضادات الهيستامين عن طريق منع الجسم من صنع الهيستامين، وبالتالي منع تأثيره التحسسيّ وتخفيف الأعراض المرتبطة به، ومن أبرز مضادات الهيستامين الشائعة والتي تُصرف دون الحاجة إلى وصفة طبيّة ما يأتي:
- فيكسوفينادين (بالإنجليزية: Fexofenadine).
- ديفينهيدرامين (بالإنجليزية: diphenhydramine).
- ديسلوراتادين (بالإنجليزية: Desloratadine).
- لوراتادين (بالإنجليزية: Loratadine).
- ليفوسيتريزين (بالإنجليزية: Levocetirizine).
- سيتريزين (بالإنجليزية: Cetirizine).
مزيلات الاحتقان
تُستخدم مزيلات الاحتقان (بالإنجليزية: Decongestants)، إما الفمويّة وإمّا المُحضّرة على شكل بخاخ أنفيّ، لتضييق الأوعية الدمويّة الأنفيّة وبالتالي تُقلل من تورّم بطانة الأنف وتقلل الإفرازات الأنفيّة، ونظرًا لذلك، فإنّ مزيلات الاحتقان الفموية تتسبب برفع ضغط الدم، مما يعني أنّها غير مناسبة للاستخدام من قبل الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، أو الذين يعانون من بعض أمراض القلب والأوعية الدمويّة، ومن أبرز الأمثلة على الأدوية المزيلة للاحتقان ما يأتي:
- تركيبة السودوإيفيدرين (بالإنجليزية: Pseudoephedrine) المُعَدّة لتؤخذ عن طريق الفم ولا يتطلب شراؤها وصفة طبيّة، وتكون ممزوجة بإحدى مضادات الهيستامين مثل: الفيكسوفينادين، والسيتريزين، واللوراتادين، والبرومفينيرامين.
- تركيبة الأوكسي ميتازولين (بالإنجليزية: Oxymetazoline)، وتركيبة الفينيليفرين (بالإنجليزية: Phenylephrine) المُحضرتين على شكل بخاخات أنفية، ويُشار إلى أنّ هاتين التركيبيتن لا يُنصح باستخدامهما لعلاج التهاب الأنف التحسسي، ويعود السبب في ذلك إلى أنّها تراكيب غير آمنة للاستخدام لمدّة أسابيع أو شهور مثل بخاخات الستيرويد، بل يجب عدم استخدامها لأكثر من 2- 3 أيّام في المرّة الواحدة لارتباطها بنوع من التهاب الأنف الذي يُسبب احتقان الأنف المستمر ، ويُعرف هذا الالتهاب باسم التهاب الأنف دوائيّ المنشأ (بالإنجليزية: Rhinitis Medicamentosa) والذي يعدّ علاجه أمرًا صعبًا.
مضادات الالتهاب
تقطع مضادات الالتهاب المسار الالتهابيّ الذي يُسبب أعراض التهاب الأنف الدائم، مثل الكروموجليكات الصوديوم (بالإنجليزية: Sodium Cromoglycate)، ومع هذا فإنّ مضادات الالتهاب هذه لا تعدّ أكثر فعالية من مضادات الهيستامين أو الكورتيكوستيرويدات.
العلاج المناعي لحساسية الأنف المزمنة
يُعدّ العلاج المناعيّ لحساسية الأنف المُزمنة وسيلةً يقوم مبدؤها على تعديل الطريقة التي يتعامل بها الجهاز المناعيّ مع مسببات الحساسية، فحين تُقلل الأدوية من الأعراض وتتغلب عليها، فإنّ العلاج المناعيّ يعالج الحساسية نفسها، وانطلاقًا من حقيقة أنّ ردّ الفعل التحسسيّ يحدث عند استجابة الجهاز المناعي لشيء غير ضارّ عادةً، فإنّ العلاج المناعيّ يعتمد على إدخال جرعات صغيرة منتظمة من مسببات الحساسية إلى الجسم على مدار سنوات عديدة، مما يدفع الجهاز المناعيّ إلى التوقف عن الاستجابة أو التفاعل مع تلك المُسببات ويُصبح الجسم مُحصّنًا ضدها، وبشكل عام فإنّ أعراض الحساسية تبدأ في التحسّن بعد حوالي 4-5 أشهر من العلاج، في حين يوصى بمواصلة العلاج لمدة 3-5 سنوات للتغلب على الحساسية بشكل دائم، ولهذا النوع من العلاج أشكال دوائية عدّة، وهي على النحو الآتي:
- الحقن تحت الجلد التي تحتوي على جرعة صغيرة جدًا من مُسبب الحساسية، وتُعطى بواسطة إبرة صغيرة غير مؤذية مرة أسبوعيًّا في البداية، ثم تزداد الجرعة تدريجيًّا على مدى 3-6 أشهر حتى الوصول إلى جرعة المداومة (بالإنجليزية: Maintenance Dose)، وبعد ذلك تُعطى جرعة مرة شهريًّا بشكل منتظم لعدة سنوات، ومن الجدير ذكرهُ أنّ هذه الحُقن لا تُعطى في العادة للأطفال الذين لم يبلغوا الخامسة من العمر.
- الأقراص أو البخاخات أو القطرات تحت اللسان، بحيث يُحتفظ بمُسببات الحساسية تحت اللسان لعدة دقائق ثم يتم ابتلاعها، وعلى الرغم من أنّ هذا النوع من العلاج يمكن أخذه في المنزل ويقلل من فرصة حدوث الآثار الجانبية، إلّا أنّه أكثر تكلفة وأقلّ فعالية من الحقن في علاج بعض أنواع الحساسية.
العلاج الجراحي لحساسية الأنف المزمنة
يلجأ الأطباء إلى التفكير بالعلاج الجراحي في علاج حساسية الأنف المزمنة في حال فشل العلاج الدوائيّ ووجود مشاكل في بنية أو تركيبة الأنف، مثل التشوّهات الأنفية، حيث تساهم الجراحة في لعب دور رئيسي في إدارة التهاب الجيوب الأنفية والتغلب على الزوائد الأنفية أو السلائل الأنفيّة (بالإنجليزية: Nasal Polyps)، بالإضافة لعمليات التصغير الجراحي للمحارات الأنفيّة السفليّة (بالإنجليزية: Inferior Nasal Turbinates)، أو تصحيح انحراف الحاجز الأنفيّ (بالإنجليزية: Deviated Nasal Septum) أو الأنف، وذلك بهدف تحسين المجرى الهوائي أو تحسين وصول العلاج الطبيّ الموضعيّ على الأقلّ، وفي الوقت الحالي فإنّ جراحة الجيوب والزوائد قد تحسّنت نتيجة إدخال الجراحة بالمنظار الذي يضمن أقلّ تدخل جراحيّ.