علاج البهاق
يهدف علاج البهاق إلى استعادة لون الجلد الطبيعي في المناطق المتضررة، وذلك من خلال إجراءاتٍ عديدة؛من بينها الأدوية أو الجراحة، وقد تستغرق هذه العلاجات عدّة أشهر للحُكم على فعاليتها، وبالرغم من ذلك إلّا أنّ تأثير علاجات البُهاق غيرُ دائمٍ ولا يتوفر علاج نهائي لهذا المرض، ولا تمتلك الخيارات العلاجية المتوفرة القدرة على منع انتشار البُهاق في جميع الحالات، لذلك قد ينصح الطبيب بتحسين مظهر الجلد عن طريق استخدام منتجات التسمير الذاتي أو مستحضرات التجميل.
علاج البهاق
تجدر الإشارة إلى أنّ الاستجابة للعلاج تكون أفضل كلما بدأ المريض بالعلاج مُبكرًا، وعادةً ما يستجيب الأطفال للعلاج بشكلٍ جيد، بالإضافة إلى ذلك تختلف الاستجابة للعلاج باختلاف المنطقة المُتضررة من الجسم؛ بحيث تستجيب مناطق الوجه للعلاج بشكلٍ أفضل من مناطق اليدين والقدمين.، وفيما يلي تفصيلٌ للأساليب وطرق علاج البهاق:
نصائح وإرشادات للسيطرة على البهاق
يُنصَح مرضى البُهاق (Vitiligo) باتباع مجموعة من الإرشادات التي تُمكّنهم من السّيطرة على أعراض المرض، وفيما يلي تفصيل ذلك:
- الواقيات الشمسية: عندما يتعرّض الجلد لأشعّة الشمس فإنه يُنتِج صبغة الميلانين التي تحمي الجلد من التأثيرات الضارة للأشعة فوق البنفسجية (Ultraviole Light)، ولكنّ هذه الصّبغة لا تتوفر بكمياتٍ مُناسبةٍ لدى مرضى البهاق، وبالتالي يزداد خطر إصابتهم بحروق الشمس، لذلك يجب الحرص على حماية جلدهم من أشعة الشّمس، ويُمكن تحقيق ذلك باتباع إجراءاتٍ عدّة؛ من بينها استخدام واقي شمس ذو معامل حماية 30 فأكثر، خصوصًا لذوي البشرة الفاتحة، ولا بدّ من الإشارة إلى ضرورة تطبيق كميةٍ كافيةٍ من واقي الشمس على الجلد قبل الخروج من المنزل بنحو 15-30 دقيقة، وإعادة التّجديد بوضعه مرةً أخرى على الجلد كلّ ساعتين، وبعد السّباحة وممارسة التمارين الرياضية. وتجدر الإشارة إلى عدم توافر واقي شمس يُحقِّق حماية للبشرة بنسبة 100%، لذلك يجدُر الأخذ بعين الاعتبار الإرشادات الأخرى التي لها دورٌ في حماية الشخص من الشمس؛ بما في ذلك ارتداء ملابس واقية، والابتعاد عن أشعّة الشمس قدر الإمكان، والحرص على التواجد في مناطق الظل، ويجب التنويه إلى أنّ مرضى البهاق قد تنخفض لديهم مستويات فيتامين "د" نظرًا لعدم قدرتهم على التعرّض لأشعة الشمس بنحوٍ كافٍ، لهذا السبب يُنصَحون باستخدام مكمّلات فيتامين "د".
- تجنب الإصابات الجلدية: قد يؤدي تعرّض الجلد للجروح، أو الخدوش، أو الحروق؛ بما فيها حروق الشمس إلى ظهور بقعٍ جديدة من البهاق، لذلك يُنصّح بحماية الجلد وتجنّب الإصابات الجلديّة على اختلافها، ويُمكن تحقيق ذلك عن طريق ارتداء الملابس الواقية، والقبّعات التي تحمي الوجه، والرقبة، والأذنين، بالإضافة إلى ارتداء نظاراتٍ شمسية، والبقاء في الظل خصوصًا خلال الأيام المُشمِسة تحديدًا خلال الفترة ما بين الحادية عشر صباحاً والثالثة مساءً.
- المستحضرات التجميلية: يُمكن القيام بتمويه وإخفاء بعض البقع البيضاء في حالات البهاق الخفيفة، وذلك باستخدام الكريمات والمستحضرات التّجميلية الملوّنة التي يتناسب لونها مع درجة البشرة الأصلية، ويُمكن أن يدوم مفعول وتأثير هذه المستحضرات لمدة 12-18 ساعة على الوجه، وإلى 96 ساعة على بقية الجسم، وذلك في حال تمّ استخدامها وتطبيقها بطريقةٍ صحيحة، والجدير بالذكر أنّ معظم هذه المستحضرات تكون مقاومة للماء. كما أنها تُعتبر من الطُّرق الآمنة لعلاج البهاق، وغالبًا ما يُوصى بها للأطفال، نظراً لكونها تُجنّبهم الآثار الجانبية المُحتملة للأدوية، ولكن من عيوبها أنّ الاعتماد عليها في إخفاء أعراض البُهاق يستلزم تطبيقها باستمرار، وبالتالي فهي تستهلك وقتًا كبيرًا، بالإضافة إلى أنّ استخدام هذه المستحضرات في حالة البهاق يحتاج إلى تدريب ومهارة مناسبة لكي تبدو بمظهرٍ طبيعي.
ولمعرفة المزيد عن كيف أخفي البهاق يمكن قراءة المقال الآتي: ( كيف أخفي البهاق ).
علاج البهاق بالأدوية
لم يتوصّل الخبراء حتّى وقتنا الحالي إلى عقارٍ طبي من شأنه إيقاف تلف الخلايا المُنتِجة للصّبغة، ولكن هناك بعض الأدوية التي قد تُستخدم وحدها أو إلى جانب العلاج الضوئي بهدف استعادة بعض لون البشرة، نُبيّن منها ما يلي:
- كريمات ومراهم الكورتيزون: (Corticosteroid steroid) بأشكالٍ صيدلانيّة عدّة؛ ومنها الكريمات والمراهم، فاستخدامه يحدّ من انتشار البهاق، وهُناك بعض المرضى تمكّنوا من استعادة لون بشرتهم الأصلي بشكلٍ تامّ باستخدام هذا العلاج، ولكن يجب عدم استخدامه على الوجه، والانتباه إلى مدّة الاستخدام وفعالية العلاج؛ فإذا حَدث تحسُّن في غضون 30 يوم من استخدامه عندئذٍ يستلزم التوقف عن استخدام العلاج لعدّة أسابيع ومن ثمّ يُستأنَف استخدامه من جديد، أمّا إذا لم يحدث تحسّن عند استخدامه بالرّغم من انقضاء المدّة المذكورة أعلاه، أو في حال ظهور آثار جانبية لاستخدامه فيجدُر بالمريض التوقّف عن استخدام العلاج نهائيًا. إذ يصِف الطبيب كريمات أو مراهم الستيرويدات بناءً على رغبة المريض وموضِع الجسم الذي سيتم تطبيق العلاج عليه، بحيث يؤخذ بعين الاعتبار أنّ المراهم تكون بقوامٍ دهنيّ أكثر من الكريمات، وسيقوم الطبيب أيضًا بإرشاد المريض حول أهمّ الإرشادات الواجب أخذُها بعين الاعتبار عند استخدام هذه المُنتجات؛ بما في ذلك كيفية تطبيق الكريم أو المرهم على بُقع البُهاق، إضافةً إلى الكمية الواجب وضعها، وعدد مرات الاستخدام، ويُشار إلى أنّ كميّة الكورتيزون الموضوعة تُقاس بأطراف الأصابع (FTU-Fingertip Unit)، إذ إنّ الوحدة الواحدة منها تُمثل كمية الكوتيزون التي يُمكن وضعها على طول طرف إصبع شخصٍ كبير، حيثُ إنّ وحدة أطراف الأصابع الواحدة تكفي لتغطية منطقة جلديّة بمساحة ضعفيّ حجم يد شخصٍ بالغ.
- الأدوية التي تستهدف الجهاز المناعي: قد يصِف الطبيب أنواع مُعينة من العلاجات التي تستهدف الجهاز المناعي في سبيل التغلّب على أعراض البُهاق، ومنها المراهم التي تحتوي في تركيبتها على التاكروليموس (Tacrolimus) أو البيميكروليموس (Pimecrolimus) والتي قد تكون فعّالة عند تطبيقها على بُقع التّصبغ ذات الحجم الصغير؛ خصوصًا إذا كانت هذه البُقع ظاهرة على الوجه أو العنق، ويُمكن استخدام هذا النّوع من العلاجات مع العلاج الضوئي المُعتمد على الأشعة فوق البنفسجية من نوع "ب"، ويجدُر بالشخص استخدامها وفقًا لإرشادات الطبيب تجنّبًا للأعراض الجانبية التي قد تترتب على استخدامها، وبشكلٍ عامّ فإنّ لهذا النّوع من العلاجات آثار جانبية أقلّ مُقارنةً بالكورتيزون، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ استخدامها أيضًا يتمّ بعد الموازنة بين الفائدة المرجوّة من استخدامها والآثار الجانبيّة التي قد تترتب على ذلك.
ولمعرفة المزيد عن العلاج الدوائي للبهاق يمكن قراءة المقال الآتي: ( علاج البهاق بالأدوية والأشعة ).
علاج البهاق بالضوء أو الليزر
يُعتبر العلاج الضوئي وخصوصًا الأشعة فوق البنفسجية من نوع "أ" (Ultraviolet A) ونوع "ب" (Ultraviolet B)، الذي يتمّ من خلال تعريض المريض للضوء المُنبَعِث من مصباح الفلورسنت، فيُخفِّف الضوء الالتهابات الجلدية ويُحسِّن أعراضها. وبشكلٍ عامّ قد يتطلّب الأمر الخضوع لجلسات العلاج بمعدل 2-3 مرات أسبوعيًا. ومن أنواع الضوء المُستخدَم لعلاج البهاق ما يلي:
- الأشعة فوق البنفسجية من النوع "ب" ضيقة النطاق (NB-UVB).
- العلاج بالسورالين مع استخدام الأشعة فوق البنفسجية "أ".
- العلاج بالليزر.
ولمعرفة المزيد عن العلاج الإشعاعي للبهاق يمكن قراءة المقال الآتي: ( علاج البهاق بالأدوية والأشعة ).
علاج البهاق بالجراحة
يُمكن اللجوء لعلاج البُهاق بالجراحة في حال فشل العلاج الضوئي، ويشمل العلاج الجراحي ما يلي:
- ترقيع الجلد الذاتي: تُستخدَم أنسجة الشخص نفسه في عملية ترقيع الجلد الذاتي (Autologous skin grafts)، ويعتمد الإجراء على قيام الطبيب بإزالة قطعة صغيرة من الجلد السليم المحتوي على صبغة الميلانين من إحدى مناطق جسم المريض، والمُسمّاة بالمنطقة المانحة (Donor Sites)، ومن ثمّ زرعها في المنطقة التي تُعاني من نقصٍ في هذه الصّبغة والمُسمَّاة بالمنطقة المُستقبلة (Recipient Sites)، وتُستخدَم هذه التقنية لدى الأشخاص الذين يُعانون من بُقعٍ صغيرةٍ من البُهاق، وهُناك بعض المُضاعفات المُحتملَة لهذه العملية، ومنها: الإصابة بالعدوى ، وتشكّل الندوب في المنطقة المانحة أو المُستقبلة من الجلد، وظهور بُقع التصبّغات أو مظهر الحجارة المرصوفة (Cobblestone Appearance)، وفي بعض الأحيان قد تفشل هذه العملية في تحقيق أهدافها واستعادة منطقة الجلد لونها.
- تطعيم البثور: (Blister grafting)، إذ تعتمد هذه التقنية على تشكيل بثور متساوية الحجم في كلٍّ من مناطق الجلد السليمة والمُصابة وذلك باستخدام جهاز الشفط (Suction)، بحيث تتمّ إزالة البثور من تلك المناطق المُصابة، ومن ثمّ تُزال رؤوس البثور من المناطق السليمة ويتمّ زرعها في منطقة الجلد المصابة، وبالرّغم من أنّ احتمالية تشكّل الندوب واردة عند اتباع هذا الإجراء إلّا أنّ خطر ذلك يكون أقلّ مُقارنةً بالأنواع الأخرى من عمليات ترقيع الجلد.
ولمعرفة المزيد عن العلاج الجراحي للبهاق يمكن قراءة المقال الآتي: ( علاج البهاق بالجراحة ).
علاج البهاق بإزالة الصبغة
تُعتبر إزالة الصبغة (Depigmentation) إحدى الخيارات المُتاحة لعلاج البُهاق لدى البالغين الذين لم يستجيبوا للعلاجات الأخرى وبقيت لديهم كمياتٍ قليلة من الصّبغة، إذ تتمّ إزالة الصبغة المُتبقية من الجلد، بحيث يظهر جلد المريض باللون الأبيض بشكلٍ كامل، ويتمّ ذلك من خلال تطبيق كريم خاصّ بهذا الإجراء على المناطق المُصابة بالبهاق مرة أو مرتين يوميًا، بحيث يزيل هذا الكريم لون الجلد تدريجيًا، وقد يتطلّب الأمر المُداومة على استخدام هذا العلاج لمدةٍ تتراوح بين 1-4 سنوات، و بعد الانتهاء من العلاج قد يُلاحظ بعض المرضى ظهور بُقع صبغية عند التعرّض للشمس ، ويُمكن إزالة هذه البُقع بإعادة استخدام الكريم مرةً أخرى.
الدعم النفسي خلال فترة علاج البهاق
حسب ما جاء في البحث الذي نُشر في المجلة الأكاديمية الأوروبية للأمراض الجلدية والتناسلية (بالإنجليزية: Journal of the European Academy of Dermatology and Venereology) فإنّ خطر الإصابة بالأمراض النفسية يزداد لدى مرضى البهاق، وبناءً على ذلك يتطلّب الأمر نشر التوعية بين الناس حول طبيعة مرض البهاق، ويُنصح مرضى البُهاق بالتواصل مع المرضى الآخرين المُصابين بنفس الحالة، فهذا يُحسّن الجانب النفسي للمريض ويساعده على مواجهة الصعوبات التي يمر بها والاستفادة من خبراتهم.
الهوامش:
(*) التهاب الجلد التماسي: تتمثل هذه الحالة بظهور جلدي ذو لونٍ احمر مُثير للحكّة نتيجة التعرّض لمادة مُعينة بشكلٍ مُباشر، ويُشار إلى أنّ هذا الالتهاب قد يكون مُزعجًا للشخص، إلّا أنّه لا يُهدد حياته ولا يُعتبر مُعديًا.
(*) البُهاق المُعمّم: يُعرف أيضًا بالبُهاق غير المقطعي، ويُمثل أكثر أنواع البُهاق شيوعًا، ويؤدي إلى ظهور بُقع بيضاء على جانبيّ الجسم، وفي هذه الحالة يبدأ المرض التأثير عادةً في المنطقة بالقرب من اليدين، أو حول العيون أو الفم، أو على القدمين، أو مناطق أخرى من الجسم، ويُشار إلى أنّ فقدان اللون في حالة البُهاق المُعمّم يحدث بشكلٍ مُفاجئ، ويُصبح أكثر وضوحًا مع مرور الوقت.
فيديو عن علاج مرض البهاق
يتحدث الفيديو عن كيفية علاج مرض البهاق.