عفن الخبز
تعريف عفن الخبز
وهي الكائنات المُنتمية إلى عائلة الفطريّات (بالإنجليزية: Fungi) المجهريّة المُوجودة في البيئات المُختلفة المُحيطة بنا، منها ما يُمكن أن يكون خطيرًا بعض الشيء، ومنه ما هو مُفيد للغاية، بالنسبة لعفن الخبز (بالإنجليزية: Bread Mold)، فينمو عن طريق استغلال المُركّبات الغذائيّة المُوجودة في الطعام، ليقوم بتكسيرها ثمّ امتصاصها بغَرَض التغذية.
إذ يُمكن تمييز العفن من خلال الألوان التي تُضفيها على قطعة الخبز، كلٌّ حسب نوع الفطريّات النامية من أبيض، وأخضر، وأصفر، إضافةً إلى الرمادي، والأسود وغيرها، مع الإشارة إلى أن تغيّر اللون يكون بحسب ظلّ تغيّر ظروف النموّ.
عفن الخبز تحت المجهر
يصف العلماء شكل عفن الخبز تحت المجهر لتأخذ شكل الفطر المُصغّر، وفيما يأتي ذكر لأهم وأبرز أجزائها:
- الأجسام أو الخلايا البالغة النموّ.
- السيقان التي ترتفع فوق الخبز.
- الأبواغ، وهي الجزيئات الصغيرة التي تتطوّر لتكوّن العفن بشكلٍ كامل، والتي توجد في نهاية السيقان، وتوجد على السطح التي تنطلق للانتشار.
- الجذور أو الخيوط المجهريّة بالغة الصِغر، والتي تنتشر بعمق للأسفل، والتي غالبًا ما تكون غير مرئيّة لعين الناظر بشكلٍ مُجرّد، فتتغلغل للداخل بشكلٍ كبير.
كيفية تشكّل عفن الخبز
على غرار النباتات النامية في الطبيعة، يحتاج عفن الخبز إلى المادّة التي يتغذّى عليها وينمو من خلالها، ولكن طريقة النموّ ليست مُتشابهة على الإطلاق، إذ تنمو الفطريّات المُشكّلة لعفن الخبز لا جنسيًّا من خلال انتشار الأبواغ على قطعة الخبز الرطبة.
وبما أنّها لا تحتوي على مادّة الكلوروفيل للتغذي (المادّة التي التي تُستخدم لصنع السكّريات والنشويّات من الهواء والماء) فتتغذّى المُستعمرات على نتاج تفكّك الخبز إلى قطعٍ صغيرة بتأثيرٍ من المواد الكيميائيّة التي تُنتجها، وبذلك ينتشر نموّها شيئًا فشيء ويتشكّل العفن على الخبز.
العوامل المساعدة على تكوين عفن الخبز
لكلِ عمليّةٍ بنائيّةٍ في الطبيعة عوامل مُسهمة في تطوّرها ونجاحها، والتي تضمن استمراريّتها وتطوّرها، ومن أهمّها الآتي:
- الماء: والتي يوفّرها الخبز الرطب، إذ أنّه مُهمّ في العديد من العمليّات الكيميائيّة الخلويّة التي تقوم بها الخلايا الفطريّة من أجل البقاء والتكاثر، كما أنّ الرطوبة مُهمّة لضمان عدم جفاف العفن إذا ما تعرّض إلى الحرارة والضوء، وبذلك يُعد الماء أهم العوامل التي يُعتمد عليها لنموّه.
- درجة الحرارة: إذ يحتاج عفن الخبز إلى البيئة الدافئة التي من شأنها أن تُحافظ على عمل الإنزيمات والبروتينات التي تتحكّم في العمليّات الحيويّة، وتبلغ درجة الحرارة 26.7 درجة مئويّة، فإن قلّت عن ذلك، سيؤدي ذلك إلى إبطاء نموّ العفن تدريجيًّا.
- جراثيم العفن: والتي تُشبه البذور للنباتات، إذ أنّها تطفو في البيئة المُحيطة بنا من كل حدبٍ وصوب، فإذا ما وجدت العوامل المذكورة أعلاه على الخبز، تبدأ دور حياتها بالتطوّر والنموّ.
تكاثر عفن الخبز
تتكاثر الفطريّات عن طريق امتصاص السكّريات الموجودة في الخبز الذي يحوي البيئة المثاليّة لنموّها بصورةٍ لا جنسيّة، فيُستخدم هذه المواد للتغذية وتطوّر المُستعمرات الفطريّة، وفيما يأتي دورة حياتها بشكلٍ مُبسّط:
- التغذية: على عكس الفصائل الحيوانيّة، تقوم الخلايا الفطريّة بهضم طعامها في البداية، وذلك من خلال إفراز بعض الإنزيمات التي تعمل على تحطيم المُركّبات الكبيرة بعض الشيء إلى جزيئات عضويّة صغيرة، من نشويّاتٍ وبروتينات، فتُمتصّ بعد ذلك عن طريق الخيوط المُرتبطة بسطح الخبزة.
- انتقال الغذاء إلى جميع خلايا الفطريّة: وفي هذه الخطوة يتمّ انتقال ما تمّ امتصاصه من غذاء بين الخلايا عن طريق الواصلات التي تسمح بالتدفّق السريع بينها، لتنمو وتنتشر شيئًا فشيء.
- عمليّة التنفّس الخلوي: بعدما تحصل على المادّة اللازمة (سكّر الجلوكوز) لبدء عمليّة التنفّس الخلوي، يتمّ إنتاج الطاقة باستهلاك الإكسجين لإتمامها بالشكل المطلوب.
- عمليّة التخليق الحيوي: والتي تتمّ عن طريق بناء الوحدات العضويّة الكبيرة ونموّها بعدما تنقسم الخلايا الخيطيّة، مُستهلكةً الكربوهيدرات، البروتينات، والدهون في ذلك.
أنواع عفن الخبز
تختلف أنواع عفن الخبز حسب اختلاف نوع الأبواغ الموجودة في البيئة، وهي كالآتي:
عفن الخبز الأسود
يُعدّ عفن الخبز الأسود (بالإنجليزية: Black Bread Mold) من أكثر أنواع العفن انتشارًا، و يمكن إيجاد عفن الخبز الأسود على الفواكه والخضروات البرية ، وخاصةً التي تنمو في بيئة رطبة، ويظهر عادةً كرقع زرقاء أو خضراء متشعبة على سطح الخبز، وعند تركه يتحول لون البقع إلى الأسود، ولا يعد تناول العفن الأسود خطيرًا، ولكنه يسبب بمشكلات صحية، مثل: الغثيان، أو سوء الهضم، أو التقيؤ.
عفن البنسيليوم
يوجد عفن البنسيليوم (بالإنجليزية: Penicillium Bread Mold) بشكل منتشر في الخبز وأنواع أخرى من الأطعمة، وله أنواع مختلفة تكاد تبدو متشابهة ولا يمكن التمييز بينها إلا عند التحليل الدقيق، وتستخدم بعض هذه الأنواع لتطعيم الأغذية مثل الجبنة الزرقاء بينما يستخدم بعضها الآخر والتي تنتج جزيئات تسمى بالبنسيلين كمضاد حيوي.
وعادةً ما يظهر كرقع بيضاء أو رمادية أو سماوية متشعبة وهو لا يعد خطيرًا عند تناوله إلا في حال كان الشخص مصابًا بالحساسية، ولكن توجد أنواع من عفن البنسيليوم تنتج مواد تتسبب بالإصابة بالتسمم الفطري، الذي ارتبط بالإصابة بأنواع من السرطان وأمراض أخرى.
عفن الكلادوسبوريوم
عفن الكلادوسبوريوم (بالإنجليزية: Cladosporium Bread Mold)، كما يُطلق عليه اسم عفن الخبز المبغثر، هو الأكثر تأثيرًا على الأشخاص المصابين بالحساسية، إذ يسبب العطاس والسعال والأزيز في حال التعرض له لفترة طويلة، وهو عادةً ما يظهر على سطح الخبز على شكل رقع تتفاوت في سوادها من الأخضر الداكن وحتى الأسود وله رائحة.
فوائد عفن الخبز
من المُهمّ معرفة أنّ عفن الخبز مُضرّ بالصحة ومن الضروري أخذ الحيطة والحذر وتجنّب استهلاك الخبز المُعفّن، مع ذلك، يُمكن لبعض أنواع الفطريّات المُكوّنة للعفن أن تتوظّف بشكلٍ مُفيد في الكثير من الاستخدامات الأخرى، كالآتي:
- يُمكن تصنيع الجبن ذو الطعم المُميّز الذي يحتوي على الخلايا الفطريّة دون التأثير على الصحّة، إضافةً إلى إسهام الإنزيمات الناتجة منها في عمليّة تخثّر اللبن صناعيًّا، مع ذلك، فإنّ الطعم الحادّ واللون المُميّز للجبن قد لا يُعجب البعض.
- تمّ توظيفه في الصناعات الطبيّة، إذ يُستخدم العفن في تصنيع بعض أنواع المُضادّات الحيويّة، كالبنسلين على سبيل المثال.
- تُسهم المُستعمرات الفطريّة في عمليّة تكسير الكثير من المواد العضويّة وإعادة تدويرها في نظامنا البيئيّ.
أضرار عفن الخبز
من جهةٍ أُخرى، هُناك مضار عديدة للخبز المُعفّن، أبرزها الآتي:
- تُنتج المُستعمرات الفطريّة ما يُسمّى بالسموم الفطريّة، والتي ترتبط بالإصابة بالسرطان.
- قد تتسبّب جراثيم العفن عند التعرّض لها بشكلٍ مُباشر، الإصابة بردّ الفعل التحسسيّ الذي يظهر من خلال بعض الأعراض أهمّها السعال، وحكّة العين، أو حتّى نوبة الربو، فيجب اللجوء إلى أقرب مركز طوارئ لمنع تطوّرها إلى أمر صحيّ خطير.
- العدوى الفطريّة التي يُمكن أن تزداد سوءًا مع الأشخاص الذين يُعانون من اضطرابٍ مناعيّ أو الفئة التي تخضع لعلاج السرطان، فيجب التواصل مع الطبيب المُختصّ عند ظهور بعض الأعراض كالغثيان والقيء.
ولتفادي الإصابة بأضرار عفن الخبز العديدة، لا بد أن يُحفظ الخبز بطريقة صحيحة ، حتى لا تنتشر عليه أنواع العفن المختلفة.
يُعد ظهور عفن الخبز أمرًا شائعًا إذا ما توافرت البيئة المُناسبة لانتشاره، أهمّها الرطوبة ودرجة الحرارة، وقد يظنّ البعض أنّه غير خطير إذا ما تمّت إزالته وتناول الباقي، وهذا أمرٌ غير صحيح على الإطلاق، فيجب التخلّص من قطعة الخبز بالكامل، إذ يُمكن أن توجد بعض الخلايا الفطريّة غير المرئيّة، التي يُمكن أن تُسبّب الحساسيّة الخطيرة، فمن الواجب تجنّبها حِفاظًا على صحّتك.