عدد دركات النار
مفهوم دركات النار
وصف الله -عزّ وجلّ- الجنة بأنها تعلو درجات فوق بعضها البعض، فالجنّة درجات، وكما الجنة تعلو فإنّ النار تنزل للأسفل من خلال الدركات، قال -تعالى-: (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا)، أي لكل منهم درجته التي يستحقها، وكلما نزلت النار إلى الأسفل اشتدّ عذابها، وسُعّرت نارها، فقال -تعالى-: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) ، فالدركات في النار تطلق على مساكن أهلها فيها.
عدد دركات النار
قال القرطبي: للنار سبع دركات، وقد سمّيت درجات النار دركات لأنّ العرب استخدمت لفظ الدرك لكل ما نزل إلى الأسفل، فدركات النار متداركة متتابعة بعضها فوق بعض، وذكر الله أنّ المنافق في أعمق دركة منها، أي الهاوية منها؛ ولذلك لِما كان يفعل من أذى المسلمين، ولشدّة كفره، وقال عكرمة في قول الله -تعالى-: (لَها سَبعَةُ أَبوابٍ) ، أي لها سبعة أطباق.
وروي عن بعض السلف أنّ الله جعل الدركة الأولى وهي العلوية في جهنم للموحدين من عباده الذين ارتكبوا المعاصي، والثانية لليهود، والثالثة للنصارى، والرابعة للصائبة، والخامسة للمجوس، والسادسة للمشركين من العرب، والسابعة للمنافقين، لكن هذا التقسيم لم يرد فيه نصّ من القرآن أو السنة، إنّما هو مجرد ترتيب قام بوضعه بعض السلف دون الاستناد إلى نص شرعي.
وصف دركات النار
تختلف النار في شدّة حرارتها واستعارها من دركة إلى أخرى، وجعل الله أعمق دركة فيها وأشدها استعاراً جزاءً للمنافقين، وكلما كانت الدركة أعمق كانت نارها أشدّ، ويمكن أن يطلق أيضاً على الدركات في النّار درجات.
قال الله -تعالى-: (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّـهِ كَمَن بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّـهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ*هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّـهِ) ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: درجات الجنّة تذهب علوّاً، ودرجات النار تذهب سفلاً.
والنار تحيط بأهلها من كل جانب، فمن تحتهم نار ومن فوقهم نار، لما قال -تعالى-: (لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) ، أي أطباق من النار يتعذّبون بها، ومن الأمثلة على ما يرى أهل النار من أصناف العذاب ما يأتي:
- روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- فقال: (فَرَأَيْتُ في النَّوْمِ كَأنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِي فَذَهَبَا بي إلى النَّارِ، فَإِذَا هي مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ البِئْرِ، وإذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَيِ البِئْرِ، وإذَا فِيهَا نَاسٌ قدْ عَرَفْتُهُمْ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ باللَّهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ باللَّهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ باللَّهِ مِنَ النَّارِ، قالَ فَلَقِيَهُما مَلَكٌ فَقالَ لِي: لَمْ تُرَعْ، فَقَصَصْتُهَا علَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ، علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: نِعْمَ الرَّجُلُ عبدُ اللهِ لو كانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ. قالَ سَالِمٌ: فَكانَ عبدُ اللهِ، بَعْدَ ذلكَ، لا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إلَّا قَلِيلًا).
- روى أبو هريرة -رضي الله عنه- فقال: (كُنَّا مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إذْ سَمِعَ وَجْبَةً، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: تَدْرُونَ ما هذا؟ قالَ: قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قالَ: هذا حَجَرٌ رُمِيَ به في النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، فَهو يَهْوِي في النَّارِ الآنَ، حتَّى انْتَهَى إلى قَعْرِهَا).