عدد السور التي افتتحت بثلاثة أحرف
عدد السور التي افتتحت بثلاثة أحرف
يوجد في القرآن الكريم ثلاث عشرة سورة افتتحت بثلاثة أحرف، وهي تنقسم إلى ثلاث مجموعاتٍ رئيسة هي:
- الم: في ستّ سور، وهي: البقرة ، وآل عمران، والعنكبوت، والروم، ولقمان، والسجدة>
- الر: في خمس سور، وهي: يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، والحجر>
- طسم: في سورتين هما الشعراء، والقصص.
السور المبتدأة بـ الم
ستّ سورٍ في القرآن الكريم ابتدأت بـِ (الم)، وفيما يأتي ذكرها:
- سورة البقرة: سورة البقرة هي أطول السور الموجودة في القرآن الكريم، وهي سورةٌ مدنية ، عدد آياتها مئتان وستٍّ وثمانون آية، وهي السورة الثانية من حيث الترتيب في المصحف، وأول سورة نزلت في المدينة، وهي سورةٌ تُعنى بجانب التشريع ككلّ السور المدنية التي تُعالج النظم والقوانين التشريعية في حياة المسلمين الاجتماعية، وسُمّيت السورة بهذا الاسم نسبةً إلى المعجزة العظيمة التي ذُكرت فيها، والتي حدثت في زمن سيدنا موسى -عليه السلام-، حيث قُتل رجلٌ من بني اسرائيل ولم يُعرف قاتله، فعرضوا ذلك على سيدنا موسى لعلّه يعرف الأمر، فأوحى إليه الله أن يأمرهم بذبح البقرة، وأن يضربوا الميت بجزء منها، فأصبح حيًا بإذن الله وأخبرهم من هو القاتل.
- سورة آل عمران: هي السورة الثالثة في ترتيب المصحف بعد سورتيّ الفاتحة والبقرة، وهي من السّور الطويلة في القرآن الكريم، حيث يبلغ عدد آياتها مئتي آية، وهي من السور المدنية، وقد حظيت هذه السورة بأسماءٍ عديدة منها: الزهراء، ووردت الكثير من الأحاديث النبوية الصحيحة عن فضل هذه السورة وفضل تعلّمها، منها قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (يُؤْتَى بالقُرْآنِ يَومَ القِيامَةِ وأَهْلِهِ الَّذِينَ كانُوا يَعْمَلُونَ به تَقْدُمُهُ سُورَةُ البَقَرَةِ، وآلُ عِمْرانَ، وضَرَبَ لهما رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ثَلاثَةَ أمْثالٍ ما نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قالَ: كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ ظُلَّتانِ سَوْداوانِ بيْنَهُما شَرْقٌ، أوْ كَأنَّهُما حِزْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن صاحِبِهِما). وسمّيت السورة بهذا الاسم لورود قصة آل عمران بشيءٍ من التفصيل الذي لم يوجد بسورةٍ أخرى.
- سورة العنكبوت: هي السورة التاسعة والعشرون في ترتيب المصحف القرآني، وآياتها تسعٌ وستون آية، وهي سورة مكية، وأكثر ما تحدّثت عنه السورة هي الحرب مع الفتن والصبر عليها، وكيف أن الإيمان ليس كلمةً باللّسان فقط، وإنما بالصبر على التكاليف والمصاعب التي تحيط بنا أيضاً، ثم تحدّثت السورة بشكلٍ سريعٍ عن قصص بعض الأنبياء؛ مثل: نوح، وإبراهيم، ولوط، وشعيب -عليهم السلام-، وقصص عاد، وثمود، وقارون، فرعون ، وهامان.
- سورة الروم: هي السورة الثلاثون من كتاب الله -تعالى-، وهي من السور المكية، وقد أخبر الله -تعالى- فيها عن معجزاتٍ تم تحقيقها في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسمّيت سورة الروم بهذا الاسم لأنها ذكرت في بداياتها الروم، قال -تعالى-: (غُلِبَتِ الرُّومُ)، ثم ذُكر أنهم سيَغلبون في بضع سنين، وتحقّقت هذه النبوءة كما ورد في الآيات الكريمة، كما تحدثت السورة عن العديد من المواضيع كالتوحيد، والرزق، وإيتاء اليتامى والمساكين حقوقهم، وتحريم الربا ، وفيها بعض الإشارات إلى اليوم الآخر، وغيره الكثير من المواضيع.
- سورة لقمان: سورة لقمان من السور المكية، وعدد آياتها أربع وثلاثون آية، وكانت من أواخر ما نزل في مكة المكرمة، وقد سُمّيت السورة باسم لقمان لورود قصة لقمان الحكيم فيها، وتتناول هذه السورة العديد من المواضيع؛ لتأكيد قضية العقيدة وترسيخها في النفوس؛ فعرضت ذلك في ثلاث جوانب؛ من جانب الوحي، ومن جانب الحكمة، ومن جانب الكون الكبير بكل ما فيه من المعجزات. وقيل إن سورة لقمان مكية إلا ثلاثة آيات وهي قوله -سبحانه-: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ* أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
- سورة السجدة: سورة السجدة سورةٌ مكّية، عدد آياتها ثلاثون آية، وتسمّى بسورة المضاجع لذكر آية: (تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ)، وذُكر في فضائل سورة السجدة عن جابر -رضي الله عنه- قال: (كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لا ينامُ حتَّى يقرأ ب تَنزيل السَّجدةِ وب تبارَك)، وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقرَأُ يَومَ الجُمُعَةِ في الفَجرِ: {الم تَنْزِيلُ}، السَّجدَةَ، و{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ})، وتتحدث السورة عن عدّة مواضيع؛ فبدأت بذكر أن الرسول والقرآن حقٌ من عند الله، ثم ذكرت بعض دلائل قدرة الله المتمثّلة في خلق السماوات والأرض، واستوائه على العرش، وكيف أنه يدبّر الأمر من السماء إلى الأرض، وتحدّثت عن خلق الإنسان، و حال المشركين وإنكارهم للبعث ، وذكر المؤمنين الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع، وغيرها من المواضيع.
السور المبتدأة ب الر
خمس سورٍ في القرآن الكريم ابتدأت بـِ (الر)، وفيما يأتي ذكرها:
- يونس: سورة يونس سورة مكية، وهي من أواخر ما نزل من القرآن في مكة، وسُمّيت بهذا الاسم لأنه ذُكر فيها قصة سيدنا يونس ، ويبلغ عدد آياتها مئةً وتسع آيات، وتتحدث السورة كما السور المكية عن موضوع العقيدة بشكلٍ كبير، والتوجّه إلى الآيات الكونية، وأخبار الأمم السابقة لأخذ العبرة والعظة، وعرضت مشاهد يوم القيامة ، وبعض آيات الله في الكون.
- سورة هود: هي السورة الحادية عشرة في ترتيب المصحف، وهي من السور المكية، عدد آياتها مئة وثلاثٌ وعشرون آية، وقال القرطبي بعد أن ذكر بعض الأحاديث عن فضل سورة هود: "ففي تلاوة هذه السور ما يكشف لقلوب العارفين سلطانه وبطشه، فتذهل منه النفوس، وتشيب منه الرؤوس".
- سورة يوسف: هي السورة الثالثة والخمسون في ترتيب المصحف، وهي سورة مكية، ولا يوجد لها اسمٌ آخر سوى سورة يوسف؛ لأنها تحدّثت بشكلٍ واسعٍ عن قصة سيدنا يوسف -عليه السلام- لاغيره من المواضيع، ولم يُذكر اسم سيدنا يوسف في القرآن في مواضع أخرى إلا في سورتي الأنعام وغافر، كما لم تُذكر قصّته بهذا التفصيل إلا في هذه السورة. وقد جاء ذكره -عليه السلام- في أحاديث شريفة، ومن ذلك: (سُئِلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قالَ: أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ، قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ، قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فَعَنْ معادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ النَّاسُ معادِنُ، خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ في الإسْلَامِ، إذَا فَقُهُوا). فهذا من فضل سيدنا يوسف -عليه السلام- الذي قال عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأنّه أكرم الناس، وهو الذي أُوتي شطر الحسن كما قال عنه الرسول.
- سورة إبراهيم: سورة إبراهيم هي سورةٌ مكية، يبلغ عدد آياتها أربعاً وخمسين عند المدنيّين، وخمساً وخمسين عند أهل الشام، وإحدى وخمسين عند أهل البصرة، واثنين وخمسين عند أهل الكوفة، ومن موضوعاتها أنّها اشتملت على التنبيه إلى إعجاز القرآن، وتذكير الناس أن سيدنا محمد لم يكن بدعاً من الرسل، وأن بشريّته غير منافيةٍ لرسالته، وذكرت بعض الرسل كسيدنا موسى، وقوم نوحٍ وعاد، وذكرت الحجّة على أن الله وحده من يستحقّ أن يكون الإله لهذا الكون، وغير ذلك من المواضيع.
- سورة الحجر: سورة الحجر سورةٌ مكيّةٌ، عدد آياتها تسعٌ وتسعون آية، ويقال آية رقم 87 مدنية، وسُمّيت السورة بهذا الاسم بسبب ورود ذكر أصحاب الحِجر فيها في الآية: (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ)، وهم قوم صالح -عليه السلام-، والمقصود بالحِجر في السورة: البيوت التي كانت تسكنها قبيلة ثمود ؛ وهم قوم سيدنا صالح.
السور المبتدأة ب طسم
عدد السور التي ابتدأت بـ (طسم) سورتان، وهما فيما يأتي:
- الشعراء: سورة الشعراء سورةٌ مكّية، آياتها مئتان وسبعٌ وعشرون آية، وفي روايةٍ مئتان وستٌ وعشرون، ويُقال من آية "والشعراء يتبعهم الغاوون" إلى نهاية السورة مدنية، وسُمّيت سورة الشعراء بهذا الاسم لورود كلمة الشعراء فيها، قال -تعالى-: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ).
- سورة القصص: سورة القصص سورةٌ مكيّة، وقد كانت تخفّف عن المسلمين وتبيّن لهم أن النصر من عند الله، والأمن بجوار الله، ومهما كانت عزّة وقوّة الأعداء فالنصر بيد الله يؤيّد به عباده المؤمنين، ولذلك ضرب لنا مثلاً بقصة قارون.
الحكمة من ذكرالحروف المقطعة في أوائل السور
يرى الباقلّاني -رحمه الله- أنّ كل ما يأتي بعد الحروف المقطّعة يتعلّق بالانتصار للقرآن وبيان إعجازه، فيقول: "إن ما ذُكِرَ في الحروف المقطعة في أوائل السور التي ذُكرت فيها بيانًا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، مع أنه من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها، ولهذا كل سورة افتُتحت بالحروف فلا بدّ أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه، وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء وهو الواقع. فإنك إذا ما نظرتَ في هذه الحروف المقطعة تجد بعدها ما يتعلق بالقرآن الكريم "، وممّا نعلمه أن حروف اللغة العربية التي يتكوّن منها كلام العرب ثمانيةٌ وعشرون حرفاً، والحروف المقطّعة في بدايات السور تتكون من أربعة عشر حرفاً، أي نصف الحروف الهجائية، وعدد السور التي افتُتحت بالحروف المقطّعة أيضاً ثمانيةٌ وعشرون حرفاً، وجمع العلماء الحروف الواردة في بدية السور بجملة: "نصٌ قاطعٌ له سر"، أو "صُنْه سُحيراً مَن قَطعك"، فلو نظرنا فيها لوجدنا الكثير من الإعجاز.
والحروف المقطعة جاءت باللغة العربية، وهي لغة نتحدّث بها ونفهمها، فكأن الشخص -والله أعلم- يقول: إن هذا القرآن يتكوّن من الحروف العربية التي نتحدّثها ونتكلّم بها، ومع ذلك فنحن لا نستطيع أن نأتي بمثل هذا القرآن المكوّن من حروفنا.
وقد تعدّدت أقوال العلماء في ماهيّة الحروف المقطعة، فنفى شيخ الإسلام ابن تيمية أن تكون صلة -بمعنى أن تكون حروفًا موصولةً ببعضها-، وهذا لا يجعل لها معنى كما ورد في حروف التوكيد الزائدة، وقال الألوسي في كتاب روح المعاني: "إفادة التأكيد هو الأمر الشائع في الحروف الزائدة"، والمقصود به كقول إن الزيادة في المبنى تفيد الزيادة في المعنى، أما رأيه بفواتح السور فيرى أنها من مظاهر إعجاز القرآن الكريم، وإشارةً منها إلى أن القرآن مركبٌ من هذه الحروف وهي الحروف العربية. وقال ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية: إنه بأسلوب كلام العرب وطريقتهم، وأنه يأتي بعد هذه الحروف ذكرٌ للقرآن الكريم كما في قول الله -تعالى-: (الم* ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ)، وقوله -تعالى-:(المص* كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ)، وكذلك الشنقيطي ذكر في كتاب أضواء البيان في تفسيره لسورة هود أن الحروف المقطعة فيها إعجازٌ، ففي السور التي بدأت بهذه الحروف يوجد بيان لإعجاز القرآن الكريم، وعدم قدرة الناس على الإتيان بمثله مع أنه مركّب من حروف مقطعة، ووافق الرازي والقرطبي والزمخشري هذا القول وذكروه.