ظاهرة التصحر
مفهوم ظاهرة التصحّر
يعبّر مفهوم التصحّر عن العمليّة التي تؤدّي إلى تقليل الإنتاجيّة البيولوجيّة للأراضي الجافّة؛ وهي الأراضي القاحلة أو شبه القاحلة نتيجةً لأسباب طبيعيّة أو بشرية، ويختلف مفهوم التصحّر عن مفهوم التوسّع المادّي للصحراء الموجودة مسبقاً، حيث إنّه يمثّل العمليّات المتعددة التي تهدد نظم البيئة للأراضي الجافّة ومن بينها الصحاري، والمراعي، والأراضي، والمستنقعات.
أسباب التصحّر
تعود أسباب التصحّر إلى ما يأتي:
الرعي الجائر
يعتبر الرعي الجائر للحيوانات من المشاكل الكبيرة في العديد من المناطق التي بدأت بالتصحّر، فعند وجود الكثير من الحيوانات التي تتغذّى على النباتات في منطقة معيّنة سيقود إلى قلّة نمو هذه النباتات وصعوبة نموّها مرّة أخرى، مما يؤدّي إلى إلحاق الضرر بحيويّة الأرض ويجعلها تفقد طبيعتها الخضراء.
إزالة الغابات
يساهم النّاس في تشكيل ظاهرة التصحّر من خلال مشاركتهم في إزالة الغابات عند الرغبة في الانتقال إلى منطقة ما، أو عند الحاجة للأخشاب من أجل بناء المنازل أو لأغراضٍ أخرى، و يؤدّي إزالة الغابات إلى منع نمو النباتات حولها .
الزراعة
هناك بعض المزارعين الذين يجهلون استخدام الأرض بالطريقة الفعّالة، مما يقودهم إلى تجريد الأرض من مكوّناتها قبل تركها والذّهاب إلى قطعة أرض أخرى، ويعتبر تجريد التربة من المغذّيات التي تحتوي عليها أحد أسباب التصحّر في المناطق المستخدمة للزراعة.
التحضّر وتنمية الأراضي
إنّ عمليّة التحضّر تقود النّاس إلى قتل الحياة النباتيّة، كما قد تُسبب المشاكل المختلفة للتربة نتيجةً للمواد الكيميائيّة والمواد الأخرى التي قد تضر الأرض، فعندما تصبح المناطق مدنية أو مأهولة بالسكّان سيؤدّي ذلك إلى تقليل المناطق التي تنمو بها النباتات مما يقود إلى التصحّر.
تغيّر المناخ
يلعب المناخ دوراً رئيسيّاً في عمليّة التصحّر، فعندما يصبح الطقس أكثر دفئاً وتزداد فترات الجفاف سيصبح التصحّر أكثر انتشاراً، وفي حالة تغيّر المناخ السريع ستصبح مناطق واسعة من الأرض صحراء، كما قد تصبح بعض هذه المناطق غير مأهولة.
الاستيلاء على مصادر الطبيعة
عند احتواء الأرض على المصادر الطبيعية كالغاز، أو النفط، أو المواد الخام سيأتي الإنسان لحفرها للحصول على هذه المواد، مما يؤدّي إلى تجريد الأرض من العناصر الغذائيّة، وقتل الحياة النباتيّة، وعند الاستمرار بهذه الأفعال ستتحوّل الأرض إلى صحراء.
الكوارث الطبيعيّة
تؤدّي الكوارث الطبيعيّة إلى إلحاق الضرر في الطبيعة بسبب عدّة أسباب ومنها الجفاف، وفي هذه الحالة لا يستطيع الإنسان تفادي الأضرار الناتجة لكن قد يساهم في إعادة بناء الأراضي بعد انتهاء الكارثة.
مراحل التصحر
تتطرق النقاط التالية إلى ذكر مراحل التصحر، وملامح كل مرحلة منه:
تصحّر أوليّ خفيف
وفيه تبدأ مؤشرات بسيطة تمسّ البيئة بشكل سلبيّ بالظهور كانخفاض وتراجع في حجم ونوعية الغطاء النباتي.
تصحّر متوسط
تعدّ هذه المرحلة خطرة، وينبغي البدء فيها بالاعتماد على سياسيات تحول دون تفاقم الأمور، حيث ينخفض الإنتاج النباتيّ بمقدار الربع، وذلك بسبب انجراف التربة وتعريتها بفعل المياه والرياح أو لارتفاع درجة ملوحتها.
تصحّر شديد
تتفاقم مخاطر التصحّر وتبدو مظاهرها أكثر وضوحاً من ذي قبل، فمع زيادة ارتفاع معدل ملوحة التربة ودرجة تعريتها ينخفض إنتاجها إلى النصف، وتبدأ أنواع جديدة ضارّة من النباتات بالظهور لتحلّ محل النباتات المفيدة، ويمكن القول إن الوقت لم يتأخر بعد في هذه المرحلة لتدارك الأمور، إلا أنّ تكلفة الاستصلاح ستكون مرتفعةً، وستتطلب العملية الكثير من الوقت.
تصحر شديد جداً
وهي آخر مراحل التصحر وأقصى درجات التدهور البيئي، حيث تنعدم قدرة الأرض على الإنتاجية بسبب تحولها إلى كثبان رمليّة أو أراضٍ صخريّةٍ خاليةٍ تماماً، ومن الصعب في هذه المرحلة إعادة الأرض إلى سابق عهدها أو استصلاحها نظراً للتكلفة العالية.
عواقب التصحر
يؤدي التصحر إلى العديد من العواقب التي تؤثر سلبًا على النظام البيئي، وفيما يأتي أبرز تلك العواقب:
- يؤثر التصحر على توفير الخدمات الأساسية، مثل: الماء العذب، والغذاء، والأعلاف.
- يؤثر في تنظيم خدمات أساسية مثل تنقية المياه، كما أنّه يؤثر في تنظيم المناخ ويُسبب تغيّرًا في الطقس.
- يؤثر في الخدمات الثقافية والترفيهية.
- يُؤثر في التربة ويُقلل من إنتاجها.
- يُسبب هجرة الناس من المناطق التي تعرضت إلى التصحر إلى مناطق أخرى جديدة، وهذا يؤدي إلى تفاقم الزحف العمراني، مما يؤدي إلى مشاكل سياسية واجتماعية.
- يؤدي إلى تحويل المراعي والأراضي الحرجية المتبقية إلى أراضٍ زراعية، ممّا يؤدي إلى زيادة الضغط على النظام البيئي الذي يُسبب تدهور خصوبة التربة وتآكلها.
- تعرّض التربة السطحيّة للرياح نتيجة التصحر، الأمر الذي يُسبب تآكلها مع مرور الزمن.
المناطق المعرضة للتصحر
تُوجد بعض المناطق التي تُعدّ أكثر عُرضة للتصحر من غيرها، وهي:
الأراضي الزراعية المروية
يؤدي ري الأراضي إلى تراكم الأملاح في التربة، وهذا يُسبّب تدهور حالة الأرض، ويُقلل من إنتاجيتها، وتجدر الإشارة إلى أنّ المحاصيل المروية تحتاج إلى 80 سم من الماء سنويًّا، ومع الاستمرار في الري ستتراكم الأملاح في التربة في حال لم تُصرّف بطريقة صحيحة.
الأراضي الزراعية البعلية
يؤدي سقوط الأمطار على تلك الأراضي بكميات متفاوتة إلى تصحرها، فقد تُصبح أراضٍ جافة في المواسم التي يقل فيها هطول الأمطار، وستتعرض التربة إلى الرياح باستمرار مما يؤدي إلى تآكلها.
وتجدر الإشارة إلى أنّ المروج التي تعتمد على المطر تصل مساحتها إلى 5 مليون كم²، وتمثّل ثلث الأراضي الزراعية في العالم كاملًا، علمًا أنّ ما يزيد عن 2 مليون كم² من الأراضي الزراعية تتدهور بدرجة معتدلة إلى شديدة ويتخلى المزارعون عن ما نسبته 1% سنويًا منها.
الأراضي التي تعرضت إلى الرعي الجائر
ممّا سبّب تضررها وأدّى إلى تعريتها، مما عرّض تربتها للتآكل، إذ تستهلك المواشي معظم النباتات الموجودة في المنطقة وتدوس على بعضها الآخر وتتلفها.
الأراضي الحرجية الجافة
التي تعرضت إلى التحطيب المفرط، ومعظم هذه المناطق تنتشر في قارتي آسيا وأفريقيا، إذّ يُوضع الخشب في أفران مخصصة لإنتاج الفحم لاستخدامه لاحقًا للطهي، ولا يُعاد زراعة هذه المناطق.
حلول للقضاء على التصحر
تُوجد العديد من الحلول التي يُمكن اتّباعها للقضاء على التصحر، ومن أبرزها ما يأتي:
- إدارة الأراضي والري: إذّ إنّ الإدارة المستمرة للأرض بفعالية تُصلح بعض المشكلات ، مثل: الرعي الجائر، وتآكل التربة، والابتعاد عن الري المفرط المُؤدّي إلى تصحر التربة.
- الحفاظ على الغطاء النباتي: إذ يكمن دور الغطاء النباتي في حمايته للتربة من تآكل الرياح، كما أنه يحميها أثناء فترات الجفاف.
- الزراعة البديلة واستخدام الأساليب الزراعية الحديثة: فهذه الأساليب تُقلل من الضغط على التربة وتآكلها، إذّ يمكن عمل برك مخصصة لتربية الأسماك في المناطق الجافة للحد من مشكلة التصحر.
- إنشاء السور الأخضر: هو مشروع لزراعة الأشجار على شكل خط كالأسوار لمكافحة تدهور الأراضي ولتجديد الحدائق، وهذه المبادرة بدأت في قارة إفريقيا في 11 دولة، وذلك لإحياء الحياة النباتية وتعزيز المناظر الطبيعية.