أسباب قطع الرزق
اسم الله الرزاق
الرزق هو عطاء الله -تعالى- وفضله الذي يتجدد بشكل دائم، ولا يُنسَب هذا الرزق إلا لله تعالى، فهو الذي يتولى تقسيم الأرزاق في السماء، وتوزيعها على العباد في الأرض لا محالة، يقول الله تعالى: (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ)، فأرزاق الناس مقدَّرة ومكتوبة، وهي وعد الله -تعالى- لعباده وحكمه في القضاء قبل حصولها على أرض الواقع، فالله ولي الأرزاق، يفيض بها على عباده، وقد رتبَّ الله أسباب الأرزاق في المخلوقات، كما ضَمِن لهم الرزق حتى يعبدوه ولا يُشركوا به شيئاً.
وتنقسم الأرزاق في الإسلام إلى نوعان، أرزاق ظاهرة كقوت البدن، وأرزاق باطنة كالسَّكينة في النفوس والإيمان في القلوب، ويشمل رزق الله جميع المخلوقات في الكون دون استثناء، وقد قدَّر الله الأرزاق قبل الخلق، وذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الله -تعالى- تكفَّل لخلقه باستكمال أرزاقهم قبل حلول آجالهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(أيُّها النَّاسُ اتَّقوا اللَّهَ وأجملوا في الطَّلبِ فإنَّ نفسًا لن تموتَ حتَّى تستوفيَ رزقَها وإن أبطأَ عنْها فاتَّقوا اللَّهَ وأجملوا في الطَّلبِ خذوا ما حلَّ ودعوا ما حَرُمَ)، وتوسيع الرزق قد يكون رحمة للناس أو مضرة عليهم، فلا يكون توسيع الرزق دليل على محبة الله تعالى دائما، ومن الرزق ما يكون خاصاً بالمؤمنين مثل الإيمان وجميع ما يُعين على صلاح الدين، ومنه ما يشمل المؤمن والكافر كرزق الأبدان، وفي انفراد الله -تعالى- بالرزق إقامة للحجة على المشركين، فلو أراد الله إمساكه عن عباده، لما كان لأحدٍ من دونه قُدرة على فتح هذا الرزق.
أسباب قطع الرزق
تُعد قضية الرزق من أهم القضايا التي شرعها الله تعالى، وقد جعل للزيادة في الرزق أسباب يسعى الناس لمعرفة دقائقها، وقدَّر وجود موانع تحجز الرزق وتمنع البركة، ومن هذه الموانع:
- التواكل وعدم الأخذ بالأسباب، للغفلة عن فهم القدَر وعَزْو جميع الأُمور له، بحجة أنَّ الله -تعالى- قسَّم الأرزاق وحدد الآجال، وإنَّما يكون الفهم الصحيح للقدَر بالتوكُّل على الله ودوام السعي والاجتهاد لتحقيق الرزق، فالله -تعالى- يرزق الطيور عندما تخرج للبحث عن رزقها ولا تعود إلا ومعها طعام صغارها، فليس في الحياة أجمل من أن يجني الإنسان ثمار جُهده، يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا يقعُدَنَّ أحدُكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني، وقد علِم أن السماء لا تُمطِر ذهبًا ولا فِضة)، فقعود الشباب عن العمل وبقاؤهم عالةً على المجتمع من أكثر ما يمنع عنهم الرزق.
- التهاون في أكل الحرام أو ما اشتُبه في حرمته، فالله -تعالى- طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، وليست العبرة في قلة المال أو كثرته، وإنَّما بوجود البركة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أربعٌ إذا كنَّ فيكَ فلا عليكَ ما فاتكَ منَ الدنيا، صدقُ الحديثِ، وحفظُ الأمانةِ، وحسنُ الخلقِ، وعفةُ مطعمٍ)، فأكل الحرام يُوَلِّد في النفس حب المال والحرص عليه دون قناعة، يقول إبراهيم بن أدهم: (قلَّة الحرص والطمع، تُورِث الصدق والورع، وكثرة الحرص والطمع، تورث كثرة الغمِّ والجزع)، ومن الجدير بالذكر أنَّ التوفيق للطاعات واستجابة الدعوات من الأرزاق التي يمنعها أكل الحرام والكذب في البيع والشراء.
- عدم شكر الله -تعالى- على النعم والجحود بها، فقد وعد الله -تعالى- الشاكرين بالزيادة، وتوَّعد الكافرين بنعمه بالعذاب الشديد، يقول ابن كثير في وصف حال قريش: (فلما استعصَوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبَوا إلا خلافه، دعا عليهم بسبعٍ كسبعِ يوسُفَ، فأصابتهم سَنةٌ جائحة أذهبَتْ كل شيء لهم، فأكلوا العِلْهِز، وهو وَبَر البعير).
- الحرص على كنز الأموال وعدم إنفاقها، مما يؤدي إلى نزع البركة من المال، فلا يمكن للبخيل أن يَتنعَّم بماله، فهو يحرص على جمعه ويخاف عليه من النقص.
- القيام بأعمال الشِّرك، وللشِّرك صور عديدة تتمثل في الحَلف بغير الله تعالى، واعتقاد أنَّ غيره قادر على نفع الناس أو ضرّهم، مما يؤدي إلى عدم الاعتراف بفضل الله -تعالى- الذي تفضَّل على عباده بالنِّعم التي لا تُحصى، كما أن الابتعاد عن القرآن الكريم من أكثر ما يؤدي إلى الضيق في النفس وفي الرزق.
- إيثار السعي للحصول على الرزق على أداء الفرائض، فالفرائض من العبادات التي أمر الله -تعالى- بها عباده في أوقات مخصوصة، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حال من امتنع عن أداء الزكاة : (ولم يمنَعوا زَكاةَ أموالِهِم إلَّا مُنِعوا القَطرَ منَ السَّماءِ ولَولا البَهائمُ لم يُمطَروا ولم يَنقُضوا عَهْدَ اللَّهِ وعَهْدَ رسولِهِ إلَّا سلَّطَ اللَّهُ عليهم عدوًّا من غيرِهِم فأخَذوا بعضَ ما في أيدَيهِم وما لَم تَحكُم أئمَّتُهُم بِكِتابِ اللَّهِ ويتخيَّروا مِمَّا أنزلَ اللَّهُ إلَّا جعلَ اللَّهُ بأسَهُم بينَهُم)، كما أن الذنوب والمعاصي من أكثر ما يمنع الرزق ويمحق البركة.
أسباب جلب الرزق
كتب الله -تعالى- لعباده الرزق، وربط الحصول عليها بأسباب، منها ما يأتي:
- التوكل على الله -تعالى- والاعتماد عليه مع الأخذ بالأسباب، فمن توكَّل على الله -تعالى- بدوام السعي في أبواب الرزق المختلفة من التجارة والزراعة والصناعة وغيرها من الأسباب، كفاه الله -تعالى- وأغناه عن سؤال الناس والحاجة إليهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (قد أفلحَ من أسلمَ، ورُزِقَ كفافًا، وقنَّعَه اللهُ بما آتاهُ).
- الاستجابة لأمر الله تعالى، بأداء الفرائض والأوامر واجتناب النواهي والمحرمات.
- الإكثار من ذكر الله -تعالى- والمداومة على طلب المغفرة من الله -تعالى- بالاستغفار من الذنوب، فهو من أسباب نزول المطر، والحصول على الأموال والأولاد.
- التوجه إلى الله -تعالى- بالدعاء؛ للحصول على الرزق، فالله -تعالى- هو الرزَّاق الذي تكفَّل للداعي بالإجابة، فعلى من أراد الرزق الوفير أن يُكثر من سؤاله، فخزائنه -عز وجل- لا تنفد.
- الاعتراف بفضل الله تعالى، بالإكثار من ذكر النِّعم وإتباعها بالشكر، يقول الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).