طريقة الغسل من الدورة
تعريف الغسل
يعرّف الغسل لغةً بالنظافة وإزالة الأوساخ، وإفاضة الماء على الجسد، أما اصطلاحاً فهو أن يعمّ الماء الطاهر البدن للطهارة بشروط وأركان مخصوصة، وهو مشروع بالكتاب والسنة، قال تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ)، والغسل إما أن يكون واجباً، وإما أن يكون مستحباً، والغسل الواجب يكون في خمسة أحوال، وهي: عند انقطاع الحيض أو النفاس، وعند الإنزال بشهوة في اليقظة أو النوم من الرجل أو المرأة، وفي حال الجنب أي الجماع، وعند دخول الكافر في دين الإسلام ، وعند موت المسلم؛ حيث يُغسّل بعد وفاته بالإجماع، أما الغسل المستحب فيكون في يوم الجمعة؛ لأن المسلمين يجتمعون فيه للصلاة والعبادة، وفي يوم عيد الفطر وعيد الأضحى، ويُستحبّ كذلك لمن غسّل ميتاً، ويستحب الغسل عند الإحرام، وعند دخول مكة المكرمة، وعند الوقوف بعرفة في الحج .
طريقة الغسل من الحيض
الغسل قسمان؛ غسلٌ مجزئ واجب، وغسل كامل مستحب، فأما الغسل المجزئ يكون بالنية بالتطهّر من الحدث الأكبر سواء كان انقطاع حيض أو نفاس أو بسبب الجنب، ثم بإفاضة الماء مرة واحدة على جميع البدن مع المضمضة والاستنشاق.
ويحرص المسلم على وصول الماء في الغسل المجزئ إلى جميع الأعضاء خاصة التي يصعب وصول الماء إليها؛ كباطن الركبتين، وأسفل الإبطين، وعلى ذلك يتبيّن لنا أن للغسل الواجب ركنان رئيسيان هما: النية، أي قصد التطهر من الحدث، ومحلّها القلب، ولا بأس إذا نطق بها باللسان، والركن الثاني غسل كامل الجسد من الشعر والوجه واليدان والقدمان والأنف والفم والبشرة وجميع البدن بلا مشقّة، ولو اغتسل المسلم هذا الغسل فلا يلزمه الوضوء إلا إذا أحدث حدثاً أصغر فليزمه الوضوء، أو أكبر فيلزمه الغسل، أما الغسل الكامل المسنون والمستحب فيكون بالنية كما ذكرنا سابقاً، وبعد ذلك التسمية ، وغسل اليدين ثلاثة مرات إلى الرسغين، وغسل موضع الفرج بإزالة الأذى عنه، وبعد ذلك الوضوء كوضوء الصلاة ، وصب الماء على الرأس ثلاثاً مع تدليك الشعر جيداً، ثم يُصب الماء ليشمل باقي الجسد، حيث يتم البدأ من الجهة اليمنى ثم الجهة اليسرى، مع تدليك الجسم باليد لضمان وصول الماء لجميع الأعضاء، وغسل القدمين.
ودلّ على ذلك ما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، غَسَلَ يَدَيْهِ، وتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، ثُمَّ يُخَلِّلُ بيَدِهِ شَعَرَهُ، حتَّى إذَا ظَنَّ أنَّه قدْ أرْوَى بَشَرَتَهُ، أفَاضَ عليه المَاءَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ)، وعنها -رضي الله عنها- أنها قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، دَعَا بشيءٍ نَحْوَ الحِلَابِ، فأخَذَ بكَفِّهِ، فَبَدَأَ بشِقِّ رَأْسِهِ الأيْمَنِ، ثُمَّ الأيْسَرِ، فَقالَ بهِما علَى وسَطِ رَأْسِهِ)، فغسل الحيض كغسل الجنابة ، ومن الجدير بالذكر أن الغسل سواء كان مجزئاً أو كاملاً يُغني عن الوضوء، فمن فعله لم يلزمه الوضوء إلا في حال أتى بشيء ناقض للوضوء والطهارة، ويمكن تلخيص طريقة الغسل الكامل بالنقاط الآتية بالترتيب:
- ينوي المسلم بقلبه الطهارة من الحدث.
- يسمّي الله بقول "بسم الله الرحمن الرحيم".
- يغسل يديه ثلاث مرات.
- يغسل موضع النجاسة ويزيلها.
- ينظّف يديه بالصابون ويغسلها بعد إزالته للنجاسة.
- يتوضّأ وضوءاً كاملاً كوضوء الصلاة، ومن الممكن أن يؤخر غسل رجليه إلى حين انتهائه من الاغتسال.
- يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات مع تدليك رأسه حتى يصل الماء إلى أصول الشعر.
- يفيض الماء على كامل بدنه، فيبدأ من الشق الأيمن، ثم ينتقل إلى الشق الأيسر من بدنه.
- يدلّك بدنه بيديه أثناء الغسل حتى يضمن وصول الماء إلى جميع المناطق، خاصة في الأماكن التي يصعب وصول الماء إليها مباشرة، وهي: السرة، وأسفل الإبط، وباطن الركبة، وأصابع القدمين، وداخل الأذنين، وغيرها.
أهمية الطهارة من الحدث
إن للطهارة شأن عظيم في الإسلام، وقد أمر الله بها فقال تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ)، ومن أهميّتها أن الله -عز وجل- يحب المتطهّرين، ويثني عليهم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، وقال سبحانه: (فيهِ رِجالٌ يُحِبّونَ أَن يَتَطَهَّروا وَاللَّـهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرينَ)، والطهارة قسمين: فالأول يتعلّق بزوال النجاسة سواء أكانت في الثوب أم المكان أم البدن، والثاني يتعلّق بالحدث وما بمعناه فتكون الطهارة منه بالوضوء أو الغُسل، ولا يمكن أن تقوم الطهارة بالبدن ما لم يكون الباطن موحّدا لله -تعالى- وليس مشركاً، فالطهارة الباطنة مهمة جداً، وتعني أن يطهّر الإنسان قلبه من الشرك و المعاصي والذنوب والبغضاء.
والطهارة شرط مهم من شروط صحة الصلاة التي تعد عمود الدين وركنه الثاني، وكذلك شرط لكثير من العبادات الأخرى كالطواف، ومن أسباب التعذّب في القبر عدم التطهّر من النجاسات والتقصير في ذلك، ففي الحديث الذي رُوي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: (مَرَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى قَبْرَيْنِ فقالَ: أما إنَّهُما لَيُعَذَّبانِ وما يُعَذَّبانِ في كَبِيرٍ، أمَّا أحَدُهُما فَكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ، وأَمَّا الآخَرُ فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ)، والطهرة تحمي الإنسان من الكثير من الأمراض، والإنسان مجبول عليها بالفطرة ، وقد وصف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الطهارة بأنها شطر الإيمان، أي نصفه، وهذا يدل على عِظم أهميّتها عند الله عز وجل.