طرق التخلص من الوسواس القهري
الوسواس القهريّ
اضطراب الوسواس القهري (بالإنجليزية: (Obsessive Compulsive Disorder (OCD) هو اضطراب عقلي يمكنه أن يصيب الناس في كلّ الأعمار، حيث يعاني الأشخاص المصابين به من أفكار وهواجس غير مرغوب بها، وتوارد صورٍ تحفّز مشاعر القلق بشكل مكثّف، ويقوم الشخص المصاب بهذا الاضطراب بِعَمَل سلوكيات قهرية للتخلص من الضيق الذي يعاني منه محاولاً بذلك إبعاد الأفكار الاستحواذية كحل مؤقت؛ كأن يبتعد عن موقف ما من شأنه تحفيز الأفكار الاستحواذيّة.
يمرّ معظم الناس في فترة معينة من حياتهم بأفكار استحواذية وبسلوكيات قهريّة، ولكنّ هذا لا يعني أنّ لدى جميع الناس اضطراب الوسواس القهريّ، فلتشخيص شخص ما يمر بأفكار استحواذية وسلوكيات قهرية بهذا الاضطراب يجب أن تستهلك هذه الأفكار والسلوكيات الكثير من وقته، وعلى سبيل المثال يمكن للكثير من الناس أن يعتقدوا أنّهم سيمرضون أو يقلقون على شخص عزيز على قلوبهم؛ لكنّ الذي يحدث مع الشخص المريض بالوسواس القهري أنّ هذه الأفكار تثير الكثير من القلق لديه وتعطّل الوظائف اليومية التي يقوم بها.
طرق التخلص من الوسواس القهري
قد لا يؤدّي علاج الوسواس القهري للشفاء، ولكنّ علاجه قد يجعل أعراض الاضطراب تحت السيطرة وبذلك لا يتحكم المرض بحياة المريض، وقد يحتاج بعض المرضى لتلقّي العلاج طيلة حياتهم. أمّا عن العلاج المُتّبع في علاج اضطراب الوسواس القهريّ ، فهو العلاج النفسي والعلاج الدوائيّ، وعند دمج كلا العلاجين معاً يكون العلاج أنجح وأكثر فائدة للمريض.
العلاج النفسي
يمكن أن يستفيد العديد من مرضى اضطراب الوسواس القهري من العلاج السلوكي المعرفي (بالإنجليزية: Cognitive behavioral therapy) وهو أحد أنواع العلاج النفسيّ، ومن أحد الأمثلة عليه أسلوب التعرُّض ومنع الاستجابة (بالإنجليزية: Exposure and response prevention)، ويشمل هذا الأسلوب تعريض المريض لشيء يصيبه بأفكار وسواسية كالأوساخ مثلاً بشكل تدريجي، ويتمّ تعليم المريض طرقاً صحيّةً للتعامل مع القلق الحاصل نتيجة الأفكار التي تتوارد بسبب المؤثر، ويحتاج هذا الأسلوب جهداً من المريض وقيامه بالتمرينات، ولكن مع الوقت يستطيع المريض الاستمتاع بنوعية حياة أفضل عندما يتعلم كيفية التعامل مع الأفكار الوسواسية والسلوكيات القهريّة، ويمكن أن يتمّ العلاج على شكل جلسات فرديّة، أو عائليّة، أو جماعيّة.
العلاج الدوائي
يوجد العديد من الأدوية النفسيّة التي تساعد على السيطرة على الأفكار الوسواسية والاستحواذية والسلوكيات القهرية، وأكثرها شيوعاً مضادّات الاكتئاب، ومن الأمثلة على مضادّات الاكتئاب الموافق عليها من قِبَل إدارة الغذاء والدواء (بالإنجليزية: Food and Drug Administration (FDA) لغايات علاج الوسواس القهري ما يأتي:
- كلوميبرامين (بالإنجليزية: Clomipramine): يُستخدَم في علاج البالغين والأطفال الذين تجاوزوا سنّ العاشرة.
- فلوفوكسامين (بالإنجليزية: Fluvoxamine): يستخدم في علاج البالغين والأطفال الذين تجاوزوا سنّ الثامنة.
- فلوكسيتين (بالإنجليزية: Fluoxetine): يستخدم في علاج البالغين والأطفال الذين تجاوزوا سنّ السابعة.
- باروكسيتين (بالإنجليزية: Paroxetine): يستخدم في علاج البالغين فقط.
- سيرترالين (بالإنجليزية: Sertraline): يستخدم في علاج البالغين والأطفال الذين تجاوزوا سنّ السادسة.
هدف العلاج الدوائي هو تقليل أعراض الاضطراب بأقل جرعة دوائية ممكنة؛ حيث يتمّ استخدام عدة أنواع من الأدوية ليصل الطبيب للدواء الذي يتحسن عليه المريض، ومن الممكن أن يصف الطبيب أكثر من دواء واحد للمريض ليتمّ السيطرة على الأعراض، وقد يحتاج المريض لأسابيع أو إلى أشهر كي يلُاحَظ حدوث تحسن في الأعراض التي يعاني منها. لا يجب أخذ أي دواء دون استشارة طبية؛ فالطبيب هو وحده المخوّل لوصف مثل هذه الأدوية لضبط الجرعة المناسبة للمريض، ويجب أن يتمّ إعلام الطبيب عن أيّ أدوية أخرى، أو مكملات غذائية، أو حتى أعشاب يأخذها المريض تجنباً لحدوث تفاعل مع الدواء الموصوف.
لا يكون العلاج النفسي والدوائي في بعض الأحيان فعّالاً بما فيه الكفاية للسيطرة على أعراض الوسواس القهري ، ومن الممكن أن يلجأ الطبيب لاستخدام تقنيات التحفيز العميق للدماغ (بالإنجليزية: Deep brain stimulation DBS) في هذه الحالة.
أعراض اضطراب الوسواس القهري
من أعراض الأفكار الوسواسيّة التي يمكن أن يُعاني منها مريض هذا الاضطراب؛ الخوف المستمر من الاتساخ أو التلوث، أو الخوف الزائد من إيذاء النفس أو إيذاء الآخرين، أو التفكير بأفكار غير مرغوب بها بما في ذلك أفكار مُتعلّقة بالعنف أو أفكار متعلقة بمواضيع جنسية أو دينية، أو الحاجة الدائمة والملحّة بأن تكون الأشياء مرتبةً على نحو منظم للغاية، ومن الأمثلة على هذه الأعراض التي يعاني منها مرضى اضطراب الوسواس القهري ما يأتي:
- الخوف من التلوث جرّاء لمس الأشياء التي لمسها الآخرون.
- الشك الدائم أنّ الشخص لم يُغلق الباب أو لم يطفئ الغاز.
- الإحساس بالإجهاد الشديد إذا لم تكن الأمور منظمة بدقّة أو بطريقة معينة.
- تجنّب المواقف التي قد تحفّز الأفكار الوسواسية كمصافحة الأيدي.
- الشعور بالاستياء حيال توارد صور جنسية غير سارة بشكل متكرر في عقل المريض .
يصاحب الأفكار الوسواسية والاستحواذية سلوكيات قهرية يقوم بها المريض للتخفيف من القلق الناجم عنها؛ حيث من الممكن أن يتّبع المريض أسلوباً وقواعد لمساعدته في السيطرة على القلق الذي يعاني منه عندما يشعر به عند توارد الأفكار الاستحواذية والوسواسية، وعادةً ما يقوم المريض بهذه السلوكيات بشكل مفرط، وفي الغالب لا ترتبط بشكل واقعي بالمشكلة التي يريد المريض حلّها أو التخلص منها، وتكون السلوكيات القهرية بالشكل الآتي:
- الغسيل والتنظيف.
- العدّ والترتيب والتدقيق.
- اتّباع روتين صارم.
من الأمثلة على ذلك تحقّق المريض بشكل متكرر من أنّ الباب مغلق، وغسل مريض الوسواس يديه بصورة متكرّرة وزائدة عن الحد الطبيعي لدرجة جفاف اليدين، أو تكرار جملة معينة أو صلاة معينة بصمت بصورة مستمرة.
أسباب اضطراب الوسواس القهريّ
تُعدّ أسباب الوسواس القهري غير معروفة تماماً، ولكنّ هنالك عدّة عوامل تلعب دوراً في إصابة الفرد باضطراب الوسواس القهري، وهي كالآتي:
- التاريخ العائليّ: إذا كان أحد أفراد العائلة مصاباً باضطراب الوسواس القهريّ ، فإنّ ذلك يزيد من فرص إصابة أفراد آخرين في العائلة بالاضطراب.
- الاختلافات الدماغية: لدى بعض المصابين باضطراب الوسواس القهريّ مناطق ذات نشاط عالٍ في دماغهم، أو مستويات منخفضة من مادة السيروتونين.
- الأحداث الحياتية: يكون اضطراب الوسواس القهري أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين تعرضوا للإيذاء الجسدي، والتسلط، والإهمال، أو بعد أحداث هامّة في الحياة.
- الشخصية: الأشخاص الأنيقين والدقيقين والذين يتّبعون نهجاً محدداً بمعايير شخصية عالية في حياتهم هم أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب غالباً، ومن الصفات الأخرى للأشخاص المعرّضين للإصابة بهذا الاضطراب الأشخاص القلقين والذين لديهم حسّ مسؤولية عالٍ تجاه أنفسهم وتجاه الآخرين.