صلاة أهل الأعذار
صلاة أهل الأعذار
صلاة المريض
يُعرّف المريض : بأنّه الشّخص الذي اعتلّت صحته، سواءً كانت هذه العلّة في جميع بدنه أو بعضه، وأمّا صفة صلاته فهي كما يأتي:
- الطّهارة من الحدثين الأصغر والأكبر، فإن لم يستطع فإنّه يتيمّم ، كما يجب عليه تطهير ثوبه وبدنه من جميع النّجاسات، فإن لم يستطع فيُصلّي على حاله.
- الصّلاة قائماً ولو مُنحنيّاً، ويجوز له أن يعتمد على عصا أو جدار، فإن لم يستطع القيام فيُصلّي جالساً ، ويكون جُلوسهُ مُتربّعاً، فإن لم يستطع فيُصلّي على جنبه مُتّجهاً نحو القبلة، فإن لم يستطع فإنّه يُصلّي على جهةٍ بحسب حاله واستطاعته، فإن لم يستطع فيُصلّي مُستلقياً على قفاه ورِجلاه، فإن عجز عن الرُّكوع والسُّجود فإنّه يقوم بهما إيماءً ببدنه -أي بالإشارة-، ويجعل السّجود أخفض من الرّكوع، فإن لم يستطع الإيماء بالرّأس فإنّهُ يُومئ بعينيه، وقيل: تسقط عنه الأفعال دون الأقوال عند عجزه عن الإيماء بالرّأس، لقول النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-: (صلّ قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب).
- إذا كان المريض قادراً أثناء صلاته جالساً بالسجود على الأرض؛ فيجبُ عليه ذلك، ولا يجوز منه الإيماء، وإن بدأ صلاته قائماً ثُمّ عجز خلالها، فإنه يُكملُ صلاته بحسب استطاعته، ومن كان في ماءٍ وطينٍ ولا يُمكنه السّجود للتّلوث والبلل فله الصّلاة بالإيماء، والصّلاة بحسب استطاعته، لِقولهِ -تعالى-: (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ)، ولا يجوزُ له تأخير صلاته بسبب المرض، وأمّا في حال المشقّة فيجوزُ له الجمع بين الظّهر والعصر، والمغرب والعِشاء، إمّا جمع تقديمٍ أو تأخير بحسب قُدرته، وذات يومٍ جاء الصحابيّ عمران بن الحصين -رضيَ الله عنه- للنبيّ -عليه الصلاة والسّلام-، فسأله كيف يُصلّي وقد كانت به بواسير، فأجابه النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بقوله: (صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ).
- إذا عجز المريض عن القيام بالهيئات السّابقة؛ فإنّهُ يُكبّر، ويقرأ، وينوي أفعال الصّلاة بقلبه، ولا تسقط عنه بأيّ حالٍ ما دام عقله ثابتاً، وإن قدر على القيام بأفعال الصّلاة أثناءها؛ فيقوم بها بحسب قُدرته، ويبني على ما مضى، وإن عجز عن السّجود على الأرض؛ فإنّه يسجدُ في الهواء من غير أن يتّخذ شيئاً للسّجود عليه، وإن كان المريض مُسافراً فيجوزُ له قصر الصّلاة الرُّباعيّة إلى ركعتين.
- المريض الذي تكون له عمليّة ويجب على طبيبه تخديره، فيجوز له الجمع بين الصّلاتين، إمّا تقديماً أو تأخيراً؛ وذلك بحسب الأرفق لحاله.
صلاة الخوف
تُعرّف صلاة الخوف: بأنّها الصّلاة التي تُصلّى في حال الخوف، أو عند توقّع المكروه من خلال علاماتٍ مُتحقّقة، وليس المقصود من إضافة الصلاة إلى الخوف أنّ له صلاةٌ مٌستقلة؛ كقول صلاة العيد، أو أنّه يؤثّر في قدرها؛ كصلاة المُسافر، وإنّما المقصود تأثير الخوف على كيفيّة إقامة صلاة الفرض.
وتُصلّى صلاة الخوف بأكثر من كيفيّة، وقد تعدّدت أقوال الفُقهاء في كيفيّتها وأنواعها؛ لتعدّد الرّوايات الواردة فيها عن النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-، فجاء عن الشافعيّة أنّ الأنواع التي جاءت في الرّوايات ستةَ عشر نوعاً، وجاء عن المالكيّة أنّ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- صلّاها عشر مرّات، وجاء عن الإمام أحمد أنّها وردت في ستّة أو سبعة أوجه، وقيل: إنّها أربعةٌ وعشرين نوعاً، وأمّا عددُ ركعاتها فإنّه لا يَنقُص بسبب الخوف إلّا إذا كانوا مُسافرين، وهو قول جُمهور الفُقهاء وعامّة الصّحابة، وجاء عن ابن عباس -رضيّ الله عنهما- أنّ صلاة الخوف ركعة واحدة، وأمّا الكيفيّات فجاءت كما يأتي:
- الكيفيّة الأولى: إن كان العدوّ في غير جهة القبلة والإمام يُصلّي صلاة ثنائيّة، فيقوم بتقسيم الجيش إلى مجموعتين، إحداهُما تُصلّي معه، والأُخرى أمام العدو، فيُصلّي بالمجموعة الأولى ركعة، وعند قيامه للرّكعة الثانية تنوي مُفارقته، ويتمّوا لوحدهم، ثُمّ يذهبون ويقفون مكان الطّائفة الثّانية أمام العدو، ويبقى الإمام قائمًا، فتأتي المجموعة الثانيّة وتُصلّي معه الرّكعة الثّانية، وعند سلام الإمام تقوم فتأتي بركعةٍ أُخرى، وهذه الصّفة جاء ذكرها في القُرآن الكريم ، وصلّاها النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- في غزوة ذات الرِّقاع.
- حيث قال أحد الصحابة: (شَهِدَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَّى صَلَاةَ الخَوْفِ: أنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ معهُ، وطَائِفَةٌ وِجَاهَ العَدُوِّ، فَصَلَّى بالَّتي معهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وأَتَمُّوا لأنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَصَفُّوا وِجَاهَ العَدُوِّ، وجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتي بَقِيَتْ مِن صَلَاتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وأَتَمُّوا لأنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بهِمْ)، وممّا ورد أيضاً: أن يقوم الإمام بصلاة ركعةٍ مع مجموعة، في حين أنّ الأُخرى في مواجهة العدوّ، ثم تنصرف المجموعة التي صلّت مع الإمام، ويقومون مقام أصحابهم مقبلين على العدوّ، ثم تأتي المجموعة الأخرى، فيصلّي الإمام بهم ركعة ثم يسلم، ثم يتمّون لأنفسهم، ثم تأتي الطّائفة الأولى فتقضي الرّكعة الثانية.
- الكيفيّة الثانيّة: وهي صلاة النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- في ذات الرّقاع، على النحو الذي تمّ ذكره في بداية الفقرة، ولكن تعدّدت أقوال الفُقهاء فيما زاد عن ذلك، فذهب الحنفيّة والشافعيّة والمالكيّة إلى أنّه في حال قام الإمام إلى الرّكعة الثّانية في الثُّنائية، والثّالثة في الثُّلاثيّة أو الرُّباعيّة؛ خرج المُقتدون عن مُتابعته، ويُتمّون لأنفسهم، ثُمّ يذهبوا للحراسة، وتأتي المجموعة الأُخرى، ويُصلّون مع الإمام الثّانية في الصّلاة الثُّنائية، والثّالثة في الصّلاة الثُّلاثية، والثّالثة والرّابعة في الصّلاة الرُّباعيّة، وعند جُلوس الإمام للتّشهُد ينتظرهم، ويُتمّون ما بقي عليهم، ويُسلّمون مع الإمام.
- وذهب بعض المالكيّة إلى أنّ الإمام يُسلّم ولا ينتظرُهم، وذهب أبو حنيفة إلى أنّه في حال قام الإمام إلى الرّكعة الثّانية فلا يتمّ المُقتدون به في الصّلاة، بل يذهبوا إلى الحراسة، وتأتي المجموعة الثانية لتُصلّي مع الإمام ركعته الثانية، وعند سلام الإمام تذهب إلى مواجهة العدوّ، وتأتي المجموعة الأولى وتُتم الصّلاة لوحدها، وكذلك تفعل المجموعة الثانيّة.
- الكيفيّة الثالثة: تقسيم الإمام الجيش إلى مجموعتين، إحداها تكون في مواجهة العدوّ، والثّانية تُصلّي معه، فيُصلّي بالمجموعة التي معه جميع الصّلاة، ثُمّ تذهب إلى مواجهة العدوّ، وتأتي المجموعة الثانية، ويُصلّي بهم الإمام الصّلاة مرّة أُخرى، وتكون للإمام نافلة وللمأمومين فرض، وهذه الكيفيّة صلّاها النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- في بطن نخل، والأفضل صلاتها إن كان العدوّ في غير جهة القبلة ، وعدد المسلمين كثير، وعدوّهم قليل يخافون هجومهم في أي لحظة.
- الكيفيّة الرابعة: يقوم الإمام بترتيب المسلمين إلى صفّين، ويُصلّي بهم، وعند السُّجود يسجدُ بعضهم، والبعض الآخر يحرس، وفي الرّكعة الثانيّة يقوم بالسُّجود من لم يسجُد في الرّكعة الأولى، والأفضل أن تكون هذه الكيفيّة عند كثرة عدد المُسلمين، والعدوّ في جهة القبلة، ويجوز للإمام أن يجعلهم صفّين، ووردت هذه الكيفيّة في صحيح مُسلم من حديث جابر -رضيَ الله عنه-، حيث صلّاها مع النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-.
- الكيفيّة الخامسة: وتؤدّى هذه الصّلاة في حال الخوف الشّديد، وعدم القُدرة على تقسيم الجيش إلى صُفوفٍ أو مجموعات، فإن بقي وقت فيُصلّون إيماءً، وإن قدروا على الرُّكوع والسُّجود فعلوا ذلك، أو يُصلّون مُشاةً، أو راكبين، سواءً فُرادى أو جماعات ، في جهة القِبلة، أو إلى غير جهة القِبلة، وإن ذهب الخوف في وقت الصّلاة؛ فلا يعيدون الصّلاة، قال النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام-: (فإنْ كانَ خَوْفٌ هو أشَدَّ مِن ذلكَ، صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا علَى أقْدَامِهِمْ أوْ رُكْبَانًا، مُسْتَقْبِلِي القِبْلَةِ أوْ غيرَ مُسْتَقْبِلِيهَا)، وتعدّدت أقوال الفُقهاء في جواز القتال في حال الصّلاة، فذهب الجُمهور إلى الجواز وذلك في حال الخوف الشديد، ويرى الحنفيّة بجواز الصلاة بهذه الكيفيّة بشرط عدم القتال، استدلالاً بتأخير النبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- أربع صلوات] في غزوة الخندق، فقام بقضائهنّ في اللّيل.
صلاة السفر
يجوز للمُسافر قصر الصّلاة الرُّباعيّة إلى ركعتين، لِقولهِ -تعالى-: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا)، فالأصل في صلاة المُسافر قصره للصّلاة الرُّباعية وهي: الظّهر، والعصر، والعِشاء ، وأمّا المغرب والفجر؛ فتُصلّيان كما هي، وينال المُسافر أجر الصّلاة كاملة حتّى وإن صلّاها قصراً، سواءً كان في السّفر الآمن، أو السّفر في حال الخوف، كما يجوزُ للمُسافر أن يُصلّي الصّلاة كاملة من غير قصر؛ لأنّ القصر رُخصةٌ من الرُّخص.
فقد ورد عن يعلى بن أمية -رضيَ الله عنه- قال: (قُلتُ لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ: {ليسَ علَيْكُم جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ، إنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:101] فقَدْ أَمِنَ النَّاسُ، فَقالَ: عَجِبْتُ ممَّا عَجِبْتُ منه، فَسَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن ذلكَ، فَقالَ صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بهَا علَيْكُم، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ)، كما يجوز للمسافر الجمع بين الصّلاتين، فيُصلّي الظُّهر والعصر معاً، أو الجمعة مع العصر، والمغرب مع العِشاء، جمعاً وقصراً، وأمّا الفجر فتُصلّى وحدها من غير جمع، سواءً كان ذلك في السّفر، أو الحضر.
الصلاة على الراحلة
تجوز الصلاة في السّفينة، والطّائرة، والقطار، والسّيارة، والراحلة، وتفصيل ذلك فيما يأتي:
الصّلاة في السّفينة والباخرة والقِطار
تجوز صلاةُ الفرض في السّفينة والباخرة والقطار، مع القيام عند القُدرة عليه، ولا تجوز صلاتها قاعداً إلّا في حال عدم القُدرة على القيام، لِقوله -تعالى-: (فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ)، ويُصلّي المسلم حسب استطاعته كما ورد في صلاة المريض، مع استقباله للقبلة في الفرض، وكلّما انحرفت السّفينة عن القبلة اتّجه نحوها.
الصّلاة في الطائرة
تجوز الصّلاة في الطّائرة؛ لأنّ الطّائرة في الجو على متن الهواء كالباخرة في البحر على متن الماء، وتكون الصّلاة في الطائرة بفعل المسلم ما يجبُ عليه في الصّلاة المفروضة من الأركان والشُّروط والواجبات، كالطّهارة، واستقبال القبلة، وغير ذلك، فإن لم يستطع فلا يُصلّي فيها حتّى يصل إلى وجهته، فإن كان موعد وُصوله بعد خُروج الوقت وكانت الصّلاة التي أدركته في الجو لا يمكن جمعها مع ما بعدها، مثل: العصر والفجر، فيُصلّيها كما ذكرنا في صلاة المسلم في السّفينة، ويكون بحسب استطاعته بالرُّكوع والسُجود، مع مُراعاة أن يكون سُجوده أخفض من رُكوعه.
أمّا إذا كانت الصّلاة ممّا يُجمع جمع تقديم أو تأخير، فإنّ الأفضل للمسلم أن يُصلّيها إذا أدركه وقت الأولى قبل الإقلاع، فيُصلّي التي أدركه وقتها كالظّهر مثلاً ثم يُصلّي العصر، وهكذا المغرب والعشاء إذا كان مسافرًا قد خرج من بلده بعد دخول وقت صلاة المغرب، أمّا إذا لم يدخل وقت الأولى وأقلعت الطّائرة أو القطار أو السّفينة قبل دخول الوقت؛ فإنّه يؤخرّها إلى وقت الثانية فيُصلّي جمع تأخير مع قصر الرّباعية إذا كان مسافراً.
الصّلاة في السّيارة أو على الراحلة أو الدابّة
إن كانت السّيارة كبيرة ويستطيع المسلم الصّلاة فيها مع قيامه بالأركان وجميع الشُّروط، فيُصلّيها كما تُصلّى الصّلاة العادية، وإن كان لا يستطيع القيام؛ فلا يجوز له الصّلاةَ فيها إلّا إذا لم يستطع النُّزول، وخشي خُروج الوقت، وأمّا الصّلاة على الرّواحل؛ كالإبل والخيل، فلا تصحّ الصّلاة عليها إلّا عند خشية التّأذي بمطرٍ أو وحلٍ إذا نزل على الأرض، فإنّه حينئذ يُصلّي ولكن يستقبل القبلة، وكذلك يجوز له صلاة الفرض عليها إن خاف الانقطاع عن رفقته بنزوله لأداء الصّلاة، وأمّا صلاة النّافلة فتجوز على جميع وسائل النّقل، لِما ورد في صحيح البخاري-: (كانَ عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما يُصَلِّي في السَّفَرِ علَى رَاحِلَتِهِ، أيْنَما تَوَجَّهَتْ يُومِئُ وذَكَرَ عبدُ اللَّهِ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَفْعَلُهُ)، والأفضل استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام، ثُمّ يُصلّي حيثُ توجّهت به وسيلة النّقل.
كيفية صلاة المستحاضة ومن به سلس
ذهب بعض الفُقهاء إلى أنّ المُستحاضة ومن كان في حُكمها من أصحاب الأعذار؛ لا يجبُ لها الوضوء لوقت كُل صلاة، وإنما يُستحبُّ لها ذلك، إلّا إذا كان انقطاع الدّم أكثر من إتيانه فيجبُ عليها الوضوء ، وذهب الشافعيّة إلى أنّها تتوضّأ لِكُلّ فرضٍ بعد دُخول وقته، وتُصلّي ما شاءت من النّوافل، ويرى الحنابلة وُجوب الوضوء عليها لِكُلّ صلاة بعد غسل محل الحدث، والمُستحاضة كالشّخص المُصاب بالرُّعاف الدائم، أو سلس البول، ومن في حُكمهم من أصحاب الأعذار؛ وقد ذهب الشافعيّة، والحنفيّة، والحنابلة إلى أنّهم يتوضّؤون لوقت كُلّ صلاة، وذهب المالكيّة إلى استحباب وضوئهم لِكُلّ صلاة ، وتُصلّي المستحاضة بوضوئها بعد دخول الوقت ما شاءت من الفرائض والنّوافل، ويَبطل وضوؤها بخروج الوقت، وذلك إن كان العُذر يستغرقُ جميع الوقت، أو لا يُمكنُ ضبطه، فتجوز صلاتهم مع قيام العُذر.