صفات الله تعالى في سورة الإخلاص
صفات الله في سورة الإخلاص
سورة الإخلاص: هي السور التي أُنزلت جواباً لقريش حين طلبوا من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يُبيّن لهم صفات الله -تعالى-، وهي تحمل صفاته -تعالى- التي تُشير إلى تفرّده -جل وعلا- بهذه الصفات، وهي مُختصة بالله -تعالى- وحده فلم يُذكر بها إلا هو -سبحانه-
وقد ثبت في السنة النبوية فضائل كثيرة لسورة الإخلاص، حيث أنّها تعدل ثلث القرآن الكريم، وهي من ضمن أذكار الصباح والمساء الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتُقرأ كذلك بعد كلِّ صلاة، وفي المقال الآتي بيان صفات الله -تعالى- في سورة الإخلاص.
صفة وحدانية الذات
قال -تعالى-: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد) ، و الأحد هو المُتفرّد بالألوهية المُنزه عن الشريك، وهو الواحد أي الوتر الذي لا شبيه له ولا نظير له ولا صاحب، ولا ولد ولا شريك، فالله -تعالى- إلهٌ واحد فقط، لا إله معه ولا شريك ولانِد ولا مُعين ولا مساعد ولا مثيل له في ذاته، فلن تجد مخلوقاً يُماثل ذات الله -تعالى-، ولا يُماثل صفاته.
صفة الصمدية
قال -تعالى-: (اللَّـهُ الصَّمَدُ)، والصمديّة من صفات الله -تعالى- وهي مُشتقة من اسم الله الصمد، وجاء اسم الله الصمد بمعنيين اثنين بيانهما ما يأتي:
- المعنى الأول
اسم الله الصمد هو اسم لمن ملك كلّ صفات الكمال في صفاته وذاته وأفعاله، والخلق لا يستطيعون الإستغناء عنه، لعلمهم أنّهم لا يمكن أن يقضوا في أمرٍ ما إلّا بعلمه وإذنه، وهو الباقي بعد خلقه، ومُنزه عن صفات النقص. ويتوجّه إليه العباد في جميع شؤون حياتهم، وتَوجُهِ الخلق له دون غيره، دلالة على أنّه الإله الواحد الحقّ وبطلان غيره من الآلهة، فالصّمد هو الربّ الكامل.
- المعنى الثاني
اسم الله الصمد هو الذي لا جوف له، فهو لا يأكل ولا يحتاج إلى طعامٍ ولا إلى ما يحتاجه البشر، ومعاني اسم الصمد تدل على صفةِ الصمدية التي يتفرد بها الله -عز وجل- عن الصمد من البشر.
والصّمد من البشر؛ هو الذي بلغ المُنتهى في سؤدده وسيادته، إلّا أنّه يحتاج الطعام والشراب وغيرها من الأمور الدنيوية، فعلى الرغم من كمال سيادة هذا الشخص إلا أن به نقص لأنه من البشر.
صفة وحدانية الصفات
صفات الله -عز وجل- لا يشاركه بها أحد من الخلق ، إذ إنّ صفات المخلوق تُناسبه وتليق به، وصفات الخالق تتميز بالكمال المُطلق، وهي خاصة به وتليق به -سبحانه-، فكما أنّ لله -تعالى- ذاتاً لا تٌشبه ذات الخلق، أيضاً صفاته -تعالى- كلها ذاتية ممّا تفرّد بها الله -عز وجل-، فالله -تعالى- أحدٌ في صفاته متفردٌ بها.
وإن تشابهت أسماء الصفات بين الخالق والمخلوق، فإنّ هذا لا يعني أنّ للمخلوقات صفات تُماثل صفات الخالق، إذ إنّ صفات الإنسان محدودة لا تتعدى قدرة الإنسان، وهي تسدُّ حاجاته المحدودة فقط، لذا لا يوجد فعلٌ للمخلوق يشبه فعل من أفعال الخالق.
ويتصف الله -تعالى- بصفات الكمال والعَظمة المطلقة والتي ينفرد بها فلا يوجد من له هذه الصفات إلا الله -تعالى- ومن أهم صفاته؛ الوحدانية، والعلم، والقدرة، والإرادة، والقِدم، والوجود، ومخالفته للحوادث، وغيرها من الصفات التي تنم عن التفرد والكمال المطلق.
الصفة في قوله (لم يَلِد ولم يُولَد)
إنّ من النقص الذي يُلازم المخلوق حاجته للولد، إذ يكمُل بذريته ويمتد منها نسله، وبالمقابل فإنّ الولد لا يستغني بوجوده عن والده، فكلٍّ من الوالد والولد محتاج للآخر ويتُمم نقص الآخر، وهذا النقص والإحتياج لا تجده في حق الله -تعالى- فهو ليس له أبٌ ولا أم ولا صاحبة، وهو مستغني عن الولد.
وقد سبق بيان معنى صفة الصمدية، والتي من معانيها أيضاً الذي لم يلد ولم يولد، فالله -تعالى- يمتدح نفسه ويستدل على كماله بأنّه لا ولد له، وأنّه أيضاً يُظهر كمال استغنائه بعدم حاجته لوالد، وهذا عند قوله -تعالى-: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد) . والصفة المقصودة في قوله -تعالى- هي كمال الاستغناء بذاته -جل وعلا-، بخلاف البشر الذين لا يستغنون عن الوالد والولد.
الصفة في قوله (لم يكن له كفوًا أحد)
بعد عرض صفة الوحدانية وصفة الصمدية، وبيان كمال استغناء الله -عز وجل- عن الأب والإبن، إذ لن تجد هذه الصفات في غير الله -تعالى- ولن تجدها إلّا فيه -جل وعلا-، وهنا تظهر الصفة الأخيرة في سورة الإخلاص وهي أنّ الله -تعالى- لا يوجد من يكافئه أبداً.
إذ إنّ الخلق محتاجون، بينما ربّ العزة مستغنٍ عن الجميع دون استثناء، ولا يحتاج أحداً من خلقه أبداً، وهذا ما يُخالف الله -تعالى- به خلقه، فالخلق محتاجون لله -تعالى- ومحتاجون لبعضهم بعضاً، ويكمل الواحد منهم الاخر.
أمّا الله -تعالى- غني عن الكل، وهذه الصفة لا توجد إلّا في الله -جل وعلا-، فالله -تعالى- ليس له شبيهٌ من خلقه يوصف به أو يُنسب إليه، فهذه صفات الله وحده فهو مخالف للحوادث.