صفات الزوج الصالح في الإسلام
الزواج
سنّ الله تعالى سنّة الزواج لجميع البشر، وجعل لهم الأنبياء قدوةً، ودليلاً في ذلك، حيث قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ)، وقد أكّد ذلك النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بقوله: (النِّكَاحُ من سُنَّتِي فمَنْ لمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَليسَ مِنِّي، وتَزَوَّجُوا؛ فإني مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ)، وقد رغّب الإسلام بالنكاح لما فيه من خيرٍ يعود على الفرد والمجتمع المسلم، وحذّر من خطر قلّته، أو تأخيره بين الشباب؛ لما في ذلك من أثرٍ سيءٍ عليهم، إذ إنّ من أضرار بقاء الفتيات والشباب دون زواجٍ: انتشار الرذيلة والفساد الأخلاقيّ، فإنّ الميل للجنس الآخر رغبةٌ وشهوةٌ أودعها الله تعالى في نفس البشر، فإنّ تأخّر قضائها بالشكل السليم، قد يوجّه الفرد إلى قضائها بشكلٍ آثمٍ لا يُرضي الله عزّ وجلّ، وكذلك فإنّ البقاء لوقتٍ طويلٍ دون زواجٍ، قد يتسبّب للفتاة أو الشاب بأمراضٍ نفسيَّةٍ، سببها الترقّب والانتظار، وقد يذهب الواحد منهم إلى المقارنة مع سواهم من أقرانهم، الذين تزوّجوا وأنجبوا الأولاد، وهذه فطرةٌ أخرى قد تأخّر إشباعها، وهي فطرة الأمومة والأبوّة، وكلّ ذلك من مضارّ تأخير الزواج .
صفات الزوج الصالح في الإسلام
أولى الإسلام اهتماماً واضحاً ببناء الأسرة بناءً سليماً، وكان من ذلك أنّه أوضح لكلا الشريكين المقبلين على الزواج الصفات الجيدة المرغوبة في الطرف الآخر؛ وذلك حتى يُحسن الشريك اختيار شريكه، ومن الصفات الرئيسية التي رسمها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للرجل الصالح، أن يكون مشهوداً له بالخُلق و الدين ، فإن جمع الرجل بينهما استحقّ أن يُزوَّج إذا سأل، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إذا خطبَ إليكم مَن ترضَونَ دينَه وخلقَه، فزوِّجوهُ، إلَّا تفعلوا تَكن فتنةٌ في الأرضِ، وفسادٌ عريضٌ)، وجاء في تحفة الأحوذي أنّ المقصود من قول النبي -عليه السلام- إذا خطبكم من ترضون دينه وخلقه؛ أي إذا خطب من فتياتكم رجلٌ قد استحسنتم دينه، ورضيتم معاشرته فزوّجوه.
الخُلق والدين في الزوج
لا بدّ من تفصيلٍ في صفتي الخُلق والدين اللتين ذُكرتا في الحديث الشريف، وبيانهما في العناوين الآتية.
التوحيد
إنّ التوحيد هو أصل الدين وأساسه، والموحِّد الحقّ هو من يحكّم شرع الله في حياته، وشؤونه كلّها، بما فيها شؤونه في بيته، ومع زوجته، فمن اقترنت من النساء برجلٍ موحّدٍ تطمئنّ لدينه، وإيمانه، فإنّها بذلك قد اختصرت من حياتها جانباً كبيراً من المشاكل والخلافات الزوجية، التي قد تنشأ من كونه منافقاً، أو بعيداً عن التوحيد الحقّ، الذي يرضاه الله تعالى لعباده.
التقوى
وهي الغاية التي ينشدها كلّ مسلمٍ في حياته، وأول الخطوات لوصول الجنات ، قال الله تعالى: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا)، والتقوى هي السبيل إلى النجاة من النار كذلك، حيث قال أيضاً: (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا)، والتقوى سببٌ لنيل العلم النافع في الحياة، والميسّر لكلّ عسيرٍ، وسببٌ للبركة في الأرزاق ، وجلبٌ المغفرة من الذنوب، وهي رحمةٌ لصاحبها، وقد وعد الله تعالى أهل تقواه أن ينزّل عليهم بركاتٍ من السماء والأرض، كما في قوله: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)، وحتى تستقرّ التقوى في قلب العبد، فلا بدّ من صفتين رئيسيتين قبل ذلك، هما: الخوف من الله تعالى، والحياء منه، فالحياء يمنعه من ارتكاب المعاصي، وهو يعلم أنّ الله مطَّلعٌ عليه، مراقبٌ له، والخوف منه يدفعه إلى الترفّع عن أي أذى قد يُوقعه في أحدٍ من العباد، أو أي ظلمٍ قد يقع منه على أحدٍ، وهاتين الصفتين تتحققان فيمن وقرت تقوى الله في قلبه، وهو ما تحتاجه الزوجة في حياتها الزوجية؛ ف الزوج التقيّ يحبها، ويصونها، ويحفظها، ويكرمها، ويرعى مشاعرها، ويصبر على أخطائها، ولذلك عندما جاء رجلٌ إلى الحسن البصريّ، يسأله عن صفات الرجل الذي يرضاه لابنته، قال: (ممّن يتقي الله، فإن أحبّها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها).
الأمانة
وهي من أهمّ الصفات في الزوج كذلك، فالمرأة تحتاج الرجل الأمين الذي يقبل على عائلته متحمِّلاً مسؤوليتها على أكمل وجهٍ، فلا يتهرّب ولا يقصّر في قضاء حوائجهم، وهو كذلك أمينٌ على زوجته، يعفّها، ويحبّها، ويغار عليها، يقضي وطرها كما تحبّ وترجو، يصونها عن الحرام، ومن ثمّ يربّي أبناءها وهو مدركٌ أنّه مسؤول عن رعيّته.