صحة حديث (إصلاح ذات البين فإن فساد ذات البين الحالقة)
صحة الحديث
أخرج الألباني في صحيح أبي داود، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ألا أخبرُكم بأفضلِ من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى، قال: إصلاحُ ذاتِ البينِ، وفسادُ ذاتِ البينِ الحالِقةُ)، والحديث أخرجه شعيب الأرناؤوط، وقال إسناده حسن، والترمذي في صحيحه باختلاف يسير في اللفظ؛ فقال: (ألا أخبرُكم بأفضل من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى، قال: صلاحُ ذاتِ البينِ، فإن فسادَ ذاتِ البينِ هي الحالِقةُ).
شرح الحديث
معاني مفردات الحديث
نبيّن تاليًا معاني مفردات الحديث:
- إصلاح ذات البينِ: الصلح بين المتخاصمين .
- الحالِقةُ: القاطعة، أو قطيعة الرحم.
المعنى الإجماليّ للحديث
في الحديث يحثّنا النّبي -عليه الصلاة والسلام- على ضرورة إصلاح الخصومات بين النّاس وفضلها الذي يعود بالنّفع دينيًا ودنيويًا، إذ جعل النّبي -عليه الصلاة والسلام- ذلك في مرتبة أعلى من فضل درجة العبادات، ذلك أنّ كثرة الخصومات والنزاعات بين أفراد المجتمع تؤدي لنشر الضغائن والأحقاد التي من شأنها تفكيكه، كما أنّ لها آثارًا من الناحية الدينية كما أخبر -عليه السلام- فإن الخصومات والنزاعات تؤدي لأن يهجر المسلم أخاه وربما تؤدي للاقتتال وهذا منهيٌ عنه، فضلًا عن أنّه مُذهب لثواب الطاعات.
ما يُستفاد من الحديث
في الحديث جملة من الفوائد والمعاني نذكر منها ما يلي:
- بيان فضل إصلاح ذات البين على سائر الطاعات.
- الحثُّ على نشر الألفة والمحبة بين أفراد المجتمع.
- بيانٌ للأثر السلبي للخصومات على الفرد والمجتمع.
- بيان لعواقب التشاحن الوخيمة دينيًا بإذهابها أجر العبادات.
فوائد الإصلاح بين النّاس
للإصلاح بين النّاس فوائد عديدة تعود بالنفع والخير على المُصلح وعلى مجتمعه، نذكر منها ما يلي:
- نشر للمحبة والمودة ووأد للخصومة والنزاعات.
- زيادة الحسنات ورفع للدرجات يوم القيامة.
- تهذيب النّفس على الأخلاق الحسنة كالمغفرة و كظم الغيظ والعفو.
- تحقيق تماسك المجتمع، وتحقيق أخوة الإسلام بينهم.
- انشراح الصدور وتحقيق راحة البال عوضًا عن الوساوس وسوء الظنّ وغيرها من عواقب النزاعات.
أحاديث أخرى في فضل إصلاح ذات البين
وردت في السنّة النّبوية أحاديث دلّت على فضل الإصلاح بين النّاس، نستعرض منها ما يلي:
- ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قد قال: (كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَومٍ تَطْلُعُ فيه الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، ويُعِينُ الرَّجُلَ علَى دابَّتِهِ فَيَحْمِلُ عليها، أوْ يَرْفَعُ عليها مَتاعَهُ صَدَقَةٌ، والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، ويُمِيطُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ).
- ما روته أم كلثوم بنت عقبة -رضي الله عنها- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أنَّهَا سَمِعَتْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: ليسَ الكَذَّابُ الذي يُصْلِحُ بيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْرًا، أوْ يقولُ خَيْرًا)، ومعنى فينمي خيرًا؛ أي ينقل كلامًا.
- ما رواه أبو أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيالٍ، يَلْتَقِيانِ فيُعْرِضُ هذا ويُعْرِضُ هذا، وخَيْرُهُما الذي يَبْدَأُ بالسَّلامِ. وفي روايةٍ: إلَّا قَوْلَهُ فيُعْرِضُ هذا، ويُعْرِضُ هذا فإنَّهُمْ جَمِيعًا قالُوا في حَديثِهِمْ، غيرَ مالِكٍ فَيَصُدُّ هذا ويَصُدُّ هذا).