إلى صديقة جديدة
- وَدَّعتُكِ الأمس، وعدتُ وحدي
- مفكِّراً ببَوْحكِ الأخيرِ
- كتبتُ عن عينيكِ ألفَ شيءٍ
- كتبتُ بالضوءِ وبالعبيرِ
- كتبتُ أشياءَ بدون معنى
- جميعُها مكتوبة بنورِ
- مَنْ أنتِ، مَنْ رماكِ في طريقي؟
- مَنْ حرَّكَ المياهَ في جذوري؟
- وكانَ قلبي قبل أن تلوحي
- مقبرةً ميِّتَةَ الزُّهورِ
- مُشْكلتي أنّي لستُ أدري
- حدّاً لأفكاري ولا شعوري
- أضَعْتُ تاريخي، وأنتِ مثلي
- بغير تاريخٍ ولا مصيرِ
- محبَّتي نارٌ فلا تُجَنِّي
- لا تفتحي نوافذ السّعيرِ
- أريدُ أن أقيكِ من ضلالي
- من عالمي المسمَّم العطورِ
- هذا أنا بكلِّ سيئاتي
- بكلِّ ما في الأرضِ من غرورِ
- كشفتُ أوراقي فلا تُراعي
- لن تجدي أطهرَ من ما عندي من شرور
- للحسن ثوراتٌ فلا تهابي
- وجرِّبي أختاهُ أن تثوري
- ولتْثقي مهما يكنْ بحُبِّي
- فإنَّه أكبرُ من كبيرِ
صديقتي وسجائري
- واصل تدخينك يغريني
- رجلٌ في لحظة تدخين
- ما أشهى تبغك والدّنيا
- تستقبل أول تشرين
- والقهوة والصّحف الكسلى
- ورؤىً وحطام فناجين
- دخّن لا أروع من رجلٍ
- يفنى في الرّكن ويفنيني
- رجلٌ تنضم أصابعه
- وتفكّر من غير جبين
- أشعل واحدةً من أخرى
- أشعلها من جمر عيوني
- ورمادك ضعه على كفّي
- نيرانك ليست تؤذيني
- فأنا كامرأةٍ يرضيني
- أن ألقي نفسي في مقعد
- ساعاتٍ في هذا المعبد
- أتأمل في الوجه المجهد
- وأعدّ، أعدّ، عروق اليد
- فعروق يديك تُسلّيني
- وخيوط الشّيب هنا وهنا
- تنهي أعصابي، تنهيني
- دخّن، لا أروع من رجلٍ
- يفنى في الرّكن، ويفنيني
- احرقني، احرق بي بيتي
- وتصرّف فيه كمجنون
- فأنا كامرأةٍ يكفيني
- أن أشعر أنّك تحميني
- أن أشعر أن هناك يداً
- تتسلّل من خلف المقعد
- كي تمسح رأسي وجبيني
- تتسلّل من خلف المقعد
- لتداعب أذني بسكون
- ولتترك في شعري الأسود
- عقداً من زهر اللّيمون
- دخّن، لا أروع من رجلٍ يفنى في الرّكن، ويفنيني.
ثلاث بطاقات من آسيا
- من آسيا
- عليك يا صديقتي السّلام
- فبعد عينيك أنا
- لا أعرف السّلام
- قطعت في تشردي الطّويل
- يا قمري
- يا أرنبي الجميل
- يا رغوة الحليب والرّخام
- قطعت ألف عام
- بدون عينيك، بلا خبز ولا طعام
- تصّوري
- أنّي بلا عينيك ألف عام
- بدون مصباحين أخضرين
- بدون شمعتين
- بينهما أنام
- فيروزتي
- ما زلت في سفينتي
- أصارع الشّموس، واللّصوص، والدّوارة
- نزلت في مرافئ موبوءة المياه
- صلّيت في معابد ليس لها إله
- وأرخص الخمور ذقت
- قُتلت ألف مرّة
- غرقت ألف مرّة
- صُلبت فوق حائط النّهار
- وسبعة قطعتها من أوسع البحار
- من أخطر البحار
- لمست سقف الشّمس
- كانت رحلتي انتحار
- تصوري
- أنّي بلا عينيك، يا حبيبتي، قرون
- لا كوكب في الأفق لا منار
- بحارتي في السّطح ميتون
- وخبزي الإسفنج والمحار
- تصوّري الأرض وما تكون
- يا أرنبي الحنون
- بدون عينيك بلا فسقيه اخضرار
- بدون شاطئين مقمرين
- بدون غابتين
- أنشد في حمامها القرار.
قصائد الشعراء عن الصداقة
قال الإمام الشّافعي عن الصداقة:
إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً
- فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا
فَفِي النَّاسِ أبْدَالٌ وَفي التَّرْكِ راحة
- وفي القلبِ صبرٌ للحبيب ولو جفا
فَمَا كُلُّ مَنْ تَهْوَاهُ يَهْوَاكَ قلبهُ
- وَلا كلُّ مَنْ صَافَيْتَه لَكَ قَدْ صَفَا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة
- فلا خيرَ في ودٍ يجيءُ تكلُّفا
ولا خيرَ في خلٍّ يخونُ خليلهُ
- ويلقاهُ من بعدِ المودة بالجفا
وَيُنْكِرُ عَيْشاً قَدْ تَقَادَمَ عَهْدُهُ
- وَيُظْهِرُ سِرًّا كان بِالأَمْسِ قَدْ خَفَا
سَلامٌ عَلَى الدُّنْيَا إذا لَمْ يَكُنْ بِهَا
- صديق صدوق صادق الوعد منصفا
قال إيليا أبو ماضي عن الصداقة:
ما عزّ من لم يصحب الخذما
- فأحطم دواتك، واكسر القلما
وارحم صباك الغضّ، إنّهم
- لا يحملون وتحمل الألما
كم ذا تناديهم وقد هجعوا
- أحسبت أنّك تسمع الرّمما
ما قام في آذانهم صمم
- وكأنّ في آذانهم صمما
القوم حاجتهم إلى همم
- أو أنت مّمن يخلق الهمما؟
تاللّه لو كنت (ابن ساعدة)
- أدبا (وحاتم طيء) كرما
وبذذت (جالينوس) حكمته
- والعلم (رسططا ليس) والشّيما
وسبقت (كولمبوس) مكتشفا
- وشأوت (أديسون) معتزما
فسلبت هذا البحر لؤلؤة
- وحبوتهم إيّاه منتظما
وكشفت أسرار الوجود لهم
- وجعلت كلّ مبعّد أمما
قالت سعاد الصباح عن الصداقة:
- كن صديقي
- كن صديقي
- كم جميلٌ لو بقينا أصدقاء
- إنّ كلّ امرأة تحتاج أحياناً إلى كفّ صديق
- وكلامٌ طيب تسمعه
- وإلى خيمة دفء صنعت من كلمات
- لا إلى عاصفة من قبلات
- فلماذا يا صديقي
- لست تهتمّ بأشيائي الصّغيرة !؟
- ولماذا لست تهتم بما يرضي النّساء؟
- كن صديقي
- كن صديقي
- إنّني أحتاج أحياناً لأن أمشي على العشب معك
- وأنا أحتاج أحيانا لأن أقرأ ديواناً من الشّعر معك
- وأنا -كامرأة- يسعدني أن أسمعك
- فلماذا –أيها الشّرقي- تهتمّ بشكلي !؟
- ولماذا تبصر الكحل بعيني
- ولا تبصر عقلي!؟
- إنّني أحتاج كالأرض إلى ماء الحوار
- فلماذا لا ترى في معصمي إلّا السّوار!؟
- ولماذا فيك شيء من بقايا شهريار!؟
- كن صديقي
- كن صديقي
- ليس في الأمر انتقاص للرّجولة.
- غير أنّ الرّجل الشّرقي لا يرضى بدورٍ
- غير أدوار البطولة.
- فلماذا تخلط الأشياء خلطاً ساذجاً؟
- ولماذا تدعّي العشق وما أنت العشيق
- إنّ كلّ امرأةٍ في الأرض تحتاج إلى صوت ذكيٍّ
- وعميق
- وإلى النّوم على صدر بيانو أو كتاب
- فلماذا تهمل البعد الثّقافي
- وتَعنى بتفاصيل الثّياب؟
- كن صديقي
- كن صديقي
- أنا لا أطلب أن تعشقني العشق الكبيرا
- لا، ولا أطلب أن تبتاع لي يختاً
- وتهديني قصورا
- لا، ولا أطلب أن تمطرني عطراً فرنسيّاً
- وتعطيني القمر
- هذه الأشياء لا تسعدني
- فاهتماماتي صغيرة
- وهواياتي صغيرة
- وطموحي هو أن أمشي ساعاتٍ وساعاتٍ معكْ
- تحت موسيقى المطر
- وطموحي هو أن أسمع في الهاتف صوتكْ
- عندما يسكنني الحزن
- ويبكيني الضّجر
- كن صديقي
- كن صديقي
- فأنا محتاجة جدّاً لميناء سلام
- وأنا متعبة من قصص العشق، وأخبار الغرام
- وأنا متعبة من ذلك العصر الذي
- يعتبر تمثال رخام
- فتكلّم حين تلقاني
- لماذا الرّجل الشّرقي ينسى
- حين يلقى، نصف الكلام؟
- ولماذا لا يرى فيها سوى قطعة حلوى؟
- وزغاليل حمام
- ولماذا يقطف التّفاح من أشجارها
- ثم ينام!؟
- لماذا؟
- كن صديقي.