شعر ليلى الأخيلية في الحب
أشهر قصائد حب ليلى الأخيلية
سمعت ليلى بعض الحاقدين على توبة والعاذلين على حبها له ينهجون على توبة الحميري ، فما كان منها إلا أن ردت على ذلك بأبيات رائعة، ارتجلتها ارتجالاً:
معاذ النهى قد كان والله توبة
- جواداً على العلات جماً نوافله
أغرَّ خفاجياً يرى البخل سبةً
- تحالفُ كفاه الندى وأنامله
عفيفاً بعيد الهمّ صلباً قناته
- جميلاً محيّاه قليلاً غوائله
وكان اذا ما الضيف أرغى بعيرُه
- لديه تأدى نيلُه وفواضله
تبدأ ليلى أبياتها المرتجلة بمدح توبة، فتقول أنه ذو عقل رزين يؤول إليه الناس لأخذ الرأي السديد منه وأن الصفات الحسنة اجتمعت فيه فقد كان كريماً مِعطاءً عفيف جميل الوجه قليلٌ شره وفساده، وللمبالغة في المدح تصف حال توبة في استقباله لضيوفه فتقول فيما ما معناه أن توبة غذا ما أتاه ضيف في حاجة أصاب حاجته لدى توبه فهو شهم كريم .
وتقول في توبةَ أيضاً :
كأن فتى الفتيان توبةَ لم يرضَ
- قضيباً ولم يمسح بنقبة مُجرب
وتمدحه بمقطوعة شعرية تقول فيها:
فتىً لَمْ يَزَلْ يَزْدادُ خيراً لدنْ نَشا
::: إلى أَنْ علاهُ الشَّيْبُ فَوْقَ المسايحِ
تَراهُ إذا ما المَوْتُ حَلَّ بورْدهِ
::: ضَروباً على أقْرانِهِ بالصَّفائِحِ
شُجاعٌ لدى الهَيْجاءِ ثبْتٌ مشايحٌ
::: إذا انْحازَ عن أقْرانِهِ كُلُّ سابحِ
فتقصد توبة وأنه لا يزال يزداد كرماً وشجاعة من نشأته إلى مشيبه، فهو لا يخاف الموت وإن دنا منه، وتراه أيضاً محارباً لا يخشى أعداءه في ساحة النزال، و من يقرأ شعر ليلى في توبة الحميري يلمس عفة حبهما الصادق وعاطفتهما ، وفيه تقول ليلى :
عفيفاً بعيد الهم صلباً قناته
- جميلاً مُحياه قليلاً غوائله
وقالت أيضاً:
وعنه عفا ربي وأحسن حفظه
- عزيز علينا حاجة لا ينالها
قصائد حبُ ليلى بعد وفاة توبة
ما انفكت ليلى عن حبها لتوبة حتى بعد وفاته، فنظمت قصائد في غاية الروعة وقمة الإحساس تُعبر بها عن مُصابها الجلل في فقدان توبة فتقول في بعضها:
أيا عَـيْـنُ بَكّي تَوْبَةَ بن حُمَيِّرِ
::: بـسَـحٍّ كَـفَيْضِ الجَدْوَلِ المُتَفَجّرِ
لِـتَـبْـكِ عَلَيْهِ مِنْ خَفَاجَةٍ نِسْوَةٌ
::: بـمـاءِ شُـؤُونِ العَبْرَةِ المُتَحَدِّرِ
سَـمِـعْـنَ بِهَيْجا أزهَقَتْ فَذَكَرْنَهُ
::: ولا يَـبْـعَـثُ الأَحْزانَ مِثْلُ التّذَكُّرِ
كـأنَّ فَـتى الفِتْيانِ تَوْبَةَ لَمْ يَسِرْ
::: بِـنَـجْـدٍ ولَـمْ يَطْلُعْ مَعَ المُتَغَوِّرِ
في هذه الأبيات يتبدى لنا جزع ليلى على فقدان توبة ، تشابه أبياتها هذه أبيات الخنساء المشهورة في رثاء أخيها صخر ، فهي تطلب من عينيها البكاء على توبة وليس أي بكاء بل بكاء غزير منهمر، وتتابع في قصيدتها فتقول لتبكي عليه نساء قبيلته أي نساء ( خفاجة) فإن قبيلته فقدت فتى ليس كأي فتى بل فتى فيه الخِصال الحسنة.
وذات مرة أقبلت ليلى على قبر توبة فعقرت جمل زوجها وأنشدت تقول:
عقرتُ على أنصاب توبة مقرماً
- بيهدة إذا لم تختفره أقاربه
وندرج على حادثة تشهد بأن حب ليلى لتوبة كان حباً منقطع النظير، إذ أقبلت ليلى الأخيلية من سفر فمرت بقبر توبة ومعها زوجها وهي في هودج لها فقالت:
والله لا أبرح هذا المكان حتى أسلم على توبة.. فجعل زوجها يمنعها من ذلك ولكنها تأبى إلا أن تلم به، فلما كثر تركها، فصعدت أكمة عليها قبر توبة فقالت: السلام عليك يا توبة ثم حولت وجهها إلى القوم فقالت:
ـ ما عرفت له كذبة قط قبل هذا.
قالوا: وكيف.
قالت: قال توبة:
ولو أن ليلى الأخيلية سلّمت
:::علي ودوني تربةٌ وصفائحُ
لسلمت تسليم البشاشة أو زقا
::: إليها صدى من جانب القبر صائحُ
وأغبط من ليلى بما لا أناله
::: قد ألا كلُّ ما قرت به العينُ صالحُ
فكان ردها : فما باله لم يسلم عليَّ كما قال!!
ليلى الأخيلية
هي ليلى بنت عبد الله بن الرحال بن شداد بن كعب الأخيلية من بني عقيل، شاعرة عربية عرفت بجمالها وقوة شخصيتها وفصاحتها عاصرت صدر الإسلام و العصر الأموي ، وعرفت بعشقها المتبادل مع توبة بن الحُمير، توفت في ساوة سنة 80 للهجرة، واشتهرت بشعر الحب ومجاهرتها بمشاعرها لتوبة بن الحُمير، فكانت ليلى من دون النساء الشاعرات قد خرجت عن المألوف؛ وهذا ما سبب شُهرتها .