شعر لليوم الوطني
قصيدة: دعوني فقد هام الفؤاد بحبه
قال الشّاعر صاحبُ الأبيات:
دعوني فقد هامَ الفؤادُ بحبِّهِ
- وما منيتي إلا الحياةُ بقربهِ
فليسَ لهُ بينَ البلادِ مُشابهٌ
- وكلُّ بني الإسلامِ تحدُو لِصوبهِ
ومعروفُه عمَّ البلادَ جميعها
- وطافَ نواحي الكونِ ماحٍ لكَربهِ
أيا وطني تفدي ترابَك أنفسٌ
- تجودُ بلا خوفِ المماتِ وخطبهِ
جمالٌ بهِ في السَّهلِ أو بجبالهِ
- وسحرٌ لرمْلٍ لامعٍ فوقَ كُثبهِ
ووحَّدهُ عبدالعزيزِ بِجُهدِهِ
- وجُندٍ لهُ شقُّوا الطريقَ لدربهِ
شمالٌ غدا جزءً لبعضِ جنوبه ِ
- وآلفَ شرقاً قد تناءى وغربهِ
وأبناؤهُ ساروا بنهجِ أبيهِمُ
- فصانوه من أيدٍ تهاوتْ لحربهِ
وصرْناَ نفوقُ الغيرَ فيه تقدماً
- وجزْنا بهِ الجوزاءَ في ظلِّ ركبهِ
بهِ قبلةُ الدنيا بمكةَ بوركتْ
- وقدْ شعَّ نورُ الحقِّ من فوقِ تُربهِ
كذا طَيْبَةٌ طابتْ بِطِيبِ نبيِّنا
- وآلٍ كرامٍ واستنارتْ بصحبهِ
وفيهِ رياضُ الحُسنِ تبدو بحسنها
- تَطوُّرها فاقَ الجميعَ بوَثبهِ
ومملكتي فيهِ تُطِلُّ بِدِلِّهاَ
- وحلَّق فيها الحسنُ زاهٍ بثوبهِ
لنا ملكٌ قادَ البلادَ بحكمةٍ
- تَرَقَّى بنا للمجدِ غايةَ دَأبهِ
تَزِينُ وزادتْ رِفعةً وتألقا
- وفيهِ تَسَامتْ واستطابتْ لِطيبهِ
مليكٌ لهُ في القلبِ أوسعُ منزلِ
- هو الوالدُ المحبوبُ مِنْ كُلِّ شعبهِ
ويسعى إلى العلياءِ دوماً شعارهُ
- فلا خابَ منْ يسعى و يُرضِي لِربهِ
فيا ربِّ باركهُ وباركْ جهودَهُ
- ويسِّرْ عسيرِ الأمرِ سهِّلْ لِصعبهِ
قصيدة: أحدق فيه أحيانًا أراه
قال الشّاعر صاحبُ الأبيات:
أُحَدِّقُ فيهِ، أحيانًا أراهُ
- وأُمْسِكُ مِنْهُ ما نَفَضَتْ يَدَاهُ
تُرَاوِدُهُ الشُّكُوكُ عن اعتِقَادي
- وأؤمِنُ بالكَرامَةِ في ثَرَاهُ
لَهُ مِنْ سَاعِدَيَّ دَمِي وسَيْفِي
- ولي مِنْ سَاعِدَيهِ .. سَاعِدَاهُ
على قَدْرِ استِطاعَتِهِ أُغَنِّي
- وأرقُصُ كيفما اتَّفَقَتْ خُطَاهُ
وأَشْقَى بالسُّؤالِ، وليسَ يَشْقَى
- وذنبُ (الخِضْرِ) يحْمِلُهُ فَتَاهُ
وُلِدْتُ، معي ابتِسَامَتُهُ ووَجْهِي
- ودَمْعِي الـمَرْيَمِيُّ ومُقْلَتَاهُ
أهزُّ نخيلَهُ ويهزُّ قلبي
- ويَجْرَحُنِي فتُوجِعُهُ مُدَاهُ
ويُسْنِدُنِي إلى عكَّازَتَيهِ
- وما وَجَعِي وما عكَّازَتَاهُ؟
ويغفِرُ لي مُراهَقَتِي وعَجزي
- بِحِكْمَتِهِ التي سَبَقتْ صِبَاهُ
وأعْشَقُهُ قليلًا .. ثُمَّ أَمْضِي
- وما لي غايةٌ إلا هَوَاهُ
أنا ابْنُ سرابِهِ وحَقِيقَتَيـْـهِ
- فأينَ مَشَى الغريبُ فَوَالِدَاهُ
ألُوذُ بهِ إذا ما ضَاقَ عنِّي
- وأخرُجُ مِنْ رُؤايَ إلى رُؤاهُ
أقولُ لهُ الكَثيرَ بِلا لِسَانٍ
- وأَسمَعُ ما تَلَاهُ وما مَحَاهُ
هوَ الـمَنْفِيُّ بينَ فَمِي وصَوتي
- فإنْ ناديتُ .. ليسَ سِوَى صَدَاهُ
أعُودُ ولا أعُودُ إليهِ مِنِّي
- وقَدْ غَادَرْتُ .. إلا عن حِمَاهُ
قصيدة: ولي وطن آليت ألا أبيعه
يقول ابن الرومي:
أعوذ بحقْوِيْك العزيزيْن أن أُرى
- مُقِرَّاً بضيمٍ يتركُ الوجهَ حالِكا
ولي وطينٌ آليت ألا أبيعَهُ
- وألا أرى غيري له الدهرَ مالكا
عهْدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمة ً
- كنعمة ِ قومٍ أصبحوا في ظِلالكا
فقد ألفَتْهُ النفسُ حتَّى كأنه
- لها جسدٌ إن بانَ غودِرْتُ هالكا
وحبَّب أوطانَ الرجالِ إليهمُ
- مآربُ قضَّاها الشبابُ هنالكا
إذا ذكروا أوطانَهُم ذكَّرته
- عُهودَ الصبا فيها فحنّوا لذلكا
وقد ضامني فيه لئيمٌ وعزَّني
- وها أنا منه مُعْصِمٌ بحبالكا
وأحْدث أحْداثاً أضرَّت بمنزلي
- يريغُ إلى بيْعَيْهِ منه المسالكا
وراغمني فيما أتى من ظُلامتي
- وقال لياجهدْ فيّ جُهْدَ احتيالكا
فما هو إلا نسجُك الشعرَ سادراً
- وما الشعرُ إلا ضلَّة ٌ من ضلالِكا
مقالة ُ وغْدٍمثلُه قال مثلها
- وما زال قوَّالاً خلافَ مقالكا
صدوفاً عن الخيراتِ لا يرأمُ العلا
- ولا يحتَذي في صالحٍ بمثالِكا
مِن القومِ لا يرعَوْنَ حقاً لشاعرٍ
- ولا تَقْتَدي أفعالُهم بفعالكا
يُعيّر سُوَّالَ الملوكِ ولم يكُن
- بعارٍ على الأحرارِ مثلُ سُؤالكا
مُدِلاًّ بمالٍ لم يُصْبهُ بحِلّه
- وحَقِّ جلال اللَّهِ ثم جلالكا
وحَسْبي عن إثم الأليَّة زاجرٌ
- بما امتلأَتْ عيني به من جمالكا
وإني وإنْ أضحى مُدِلاًّ بماله
- لآمُلُ أن أُلفَى مُدِلاًّ بمالكا
فإن أخطأتْني من يَمينيْكَ نعمة ٌ
- فلا تخطِئْنه نقمة من شمالكا
فكم لقي العافون عَوْداً وبدأة ً
- نوالكَ والعادون مر نكالكا
وقد قلت للأعداءِ لمَّا تظاهروا
- عليّ وقد أوعدتهم بصيالكا
حذارِ سهامي المُصميات ولم تكن
- لتُشوى إن نصَّلتها بنصالكا
وما كنتُ أخشى أن أُسام هضيمة ً
- وخدَّاي نَعْلا بِدْلة ٍ من نعالكا
فجلّ عن المظلوم كل ظلامة ٍ
- وقتْك نفوسُ الكاشحين المهالكا
وتلك نفوسٌ لو عُرِضن على الردى
- فِداءً رأى ألاّ تفي بقبالكا
قصيدة: إليك إليك يا وطني مناي وفتنة العصر
يقول الشاعر مطلق عبد الخالق:
إليك إليك يا وطني
- مناي وفتنة العصر
نفاثة والهٍ كمد
- يهيم بذكرك العطر
خيال سناك يؤنسني
- ضحى الفجر وفي السحر
وقلبي في جوانحه
- تثير حنينه فكري
فيحيا فيك من أمل
- ويهدأ وهو في سعرِ
حديث علاك يطربني
- ويوم لقاكَ من وطري
وبرق سناك يشعرني
- بقدس شبابك النضر
ونور هداك يبعدني
- عن الأحداث والغير
عن الدنيا وما فيها
- وفي الأرضين من بشر
أراك في ذرى النجم
- وفي الشمس وفي القمرِ
وفي النسمات سارية
- وفي متموج الزهر
وفي الأحلام ساجية
- وفي الأشباح والصور
وفي فرحي وفي حزني
- وفي جدي وفي سمري
أنا أفديك يا وطني
- بروح ثائر أشر
ونفس لا تزعزعها
- رواسي الخوف والحذرِ
وقلب فيه موجدة
- على الأيام والعصرِ
وفكر ملؤه ثقة
- بعدل اللَه والقدر
فداؤك كلُّ مضطهدٍ
- وكلُّ معذب الفكرِ
يرى الآلام تنهشُه
- فيصبرُ صبر مقتدرِ
يقدس لذَّة الألم
- ويعبد بهجة الكدرِ
وهل ورد بلا حسك
- وهل شهد بلا إِبر
وهل نستافُ يا وطني
- نسائم زهرك العطرِ
بلا ألم يطهرنا
- من الأرجاسِ والوضر
متى ألقاكَ يا وطني
- وهلَّا ينتهي عمري
متى قد طالَ منتظري
- متى قد عيلَ مصطبري
أنا في هذه الدنيا
- غريبُ الدار والوطرِ
قصيدة: من مبلغ وطني الحبيب تلهفي
يقول الشاعر أحمد زكي أبو شادي:
من مبلغٌ وطني الحبيب تلُّهفي
- للقائه كتأسفي للقائه
لَّج الحنينُ وما عرفتُ بهجرتي
- أن استخفَّ بعنفهِ وزكائه
وطني الذي رُبِّيتُ تحت سمائه
- ووهبتهُ فني نجومَ سمائِه
ورضعتُ من أزهاره وسكرتُ من
- أسماره وشربتُ من أضوائه
من ليس بَعدِ له سوى حِّبي له
- حبًّا تشرَّد كاليتيمِ التائه
من عنده الخبزُ القفارُ ولائمٌ
- وولائمُ الأرواح ملءُ رُوائهِ
من طالما غنيتُ في أفيائه
- برؤاي حين سجنتُ في أفيائه
من لم يمكني لأرفعَ مجدّه
- ولواءه وخذلتُ تحت لوائه
من لم ينهنه زجره جهدِي له
- وأنا المكبل في مديد بلائه
من ظلَّ لا يجد الثمالَ سوى الألى
- خانوه واعتبروا مناطَ رجائهِ
من لا يبالي أن يُشاهدَ أهله
- يشقونَ والأبرارَ من شُهدائه
من مكن الإقطاعَ من تقطيعه
- وأباح عَّزتهُ رضىَّ سُفهائهِ
من لم يَصن تاريخه بفعاله
- وهَوتَ زعامتهُ لدى زُعمائه
من عفَّرَ الرأسَ المنّزه في الثرى
- للفاسقين الصُّمِّ من رؤسائه
كُنَّا نُرجِّى الأمسَ صِدقَ بلائهم
- فغدوا رزيئتهُ وسرَّ بلائه
من كلِّ أرعنَ لا يصِّعرُ خَدِّهُ
- إلا وتلطمه أحُّط نسائه
ينضىِ الركائبَ في الطِّلاب لشهوةٍ
- ولِضمِّ أهواءٍ إلى أهوائه
ويخال صَخبَ الموبقاتِ حيا لهُ
- إعجابَ من عَانوا من استهزائه
أسفىِ على المُلكِ المذالِ وطالما
- حامت قلوبٌ حوله لفدائه
كنا نلوذُ به ليوم كريهةٍ
- فإذا بنا ما شاءَ من أشلائه
أسفى وكم يَطغَى الحنينُ كأنني
- عبدٌ وإن حِّررتُ بين إمائه
ولربما كان النساءُ بأرضهِ
- هُنَّ الرجالَ وكنَّ من أدوائه
كم عابثٍ يرثى لحالي ساخرًا
- وهو الأحُّق بسخره ورثائه
والشعبُ إن باع الكرامةَ صاغرًا
- أو فاجرًا فبقاؤه كفنائه